في الوقت الذي شرع فيه المغرب في تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في مختلف أنحاء التراب الوطني، شهدت عدد من المدن المغربية، ومنها العاصمة الرباط، توافد عدد من اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب الطاحنة التي تعرفها البلاد. شارع محمد الخامس بالرباط أضحى قبلة لبعض اللاجئين السوريين الذين يستجدون عطف المارة ويتسولون الصدقات، في ظل الأجواء المناخية الباردة، واضطرار بعضهم للمبيت في الشارع، مفترشين الأرض وملتحفين السماء. وسط العاصمة الرباط التقت "المساء" بعض هؤلاء السوريين الذين قادتهم ظروف الحرب إلى التسول، وقد بدت على ملامحهم حالة البؤس والفقر، وهم يتحدثون للمارة بلكنة سورية لشرح أسباب طلبهم المساعدة. يقول أحد اللاجئين القادمين من بلاد الشام: "لقد دخلنا المغرب لأنه بلد فيه أمن، ومررنا بظروف قاسية جدا، حيث دخلنا عبر الجزائر مشيا على الأقدام، لكن الحمد لله وجدنا بعض المواطنين الذين قدموا لنا يد العون، خاصة أني كنت مصابا في ساقي". سألناه عن وضعه اليوم في المغرب، فرد مؤكدا أنه على الأقل ينعم بنوم هادئ بعيدا عن أصوات الانفجارات والقذائف التي أدت إلى وفاة مختلف أفراد أسرته في مدينة حلب السورية، وهو ما قلب حياته رأسا على عقب، رغم أن وضعه الاجتماعي كان قبل بداية الحرب مريحا، حيث كان يدير مخبزة في ملكيته، قبل أن تتعرض بدورها للدمار. بعض السوريين اختاروا التوجه إلى المساجد، ومنهن نساء يرتدين العباءة السورية، وعندما سألنا إحداهن عن اختيار بوابة المسجد ردت قائلة: "أطلب كرم المسلمين لمساعدتي حتى أتمكن من إطعام طفلي.. والحمد لله تمكنت من جمع ما يكفيني لبضعة أيام". وإلى جانب السوريين الذين لم يجدوا غير مد يدهم طلبا للمساعدة، فإن شريحة أخرى دخلت المغرب منذ مدة وجدت طريقها للعيش الكريم، كما هو الشأن بالنسبة لبعض الباعة المتجولين، الذين أصبح بعضهم يرابط بجانب "باب الأحد" في الرباط، وإحدى النقط التجارية بشارع الحسن الثاني. يقول أحد التجار بسويقة باب الأحد في حديث ل"المساء": "لقد صادفنا بعضهم قبل أيام، وهم يعرضون بعض الملابس الداخلية، أو إكسسوارات الهواتف النقالة.. وطبعا لا مشكل لدينا لأنه يوجد عدد كبير من الباعة المتجولين من أصول إفريقية، ويعرضون بضاعتهم بكل أريحية، ونتعامل معهم باحترام، فبالأحرى الإخوان السوريين الذين فروا من جحيم الحرب". وكان مجموعة من الشباب المغاربة أطلقوا، منذ شهور، على الموقع الاجتماعي "فايسبوك" حملة تحت عنوان "حملة شباب المغرب لأجل إيواء أهل سوريا"، هدفها حسب المشرفين على الصفحة "توفير مأوى آمن لأهل سوريا الفارين من جحيم الحرب، وأيضا توفير المأكل والمشرب والدواء وكل مستلزمات الحياة، فقط بتكاثف شعبي مغربي حفاظا على ما هو معروف عن المغاربة من كرم ضيافة وشهامة".