اخترقت سيارة مشحونة ببضائع تجهل محتواها ليلة الثلاثاء الماضي، الحواجز الأمنية بالمعبر الحدودي باب سبتة بسرعة فائقة في طريقها من سبتة إلى تطوان. السيارة التي حطمت الحواجز الأمنية أعادت مجددا النقطة الحدودية باب سبتة إلى واجهة الأحداث، حيث كشفت عن حجم الثغرات الأمنية في نقط المراقبة والتفتيش، كما أبانت عن عمليات مرور ليلية لمئات «السيارات المقاتلة» التي تعبر النقطة الحدودية وهي محملة بأطنان من السلع أغلبها لا يتم تفتيشه بفضل الرشاوي والإتاوات التي تمنح مقابل غض الطرف عنها. وبعد حادث الاختراق الذي حاول المسؤولون التكتم عنه، تم وضع متاريس تسمح بمرور سيارة واحدة فقط في معبر الدخول إلى سبتة كإجراء شكلي وقائي تفاديا لتكرار ما حدث. وعاينت «المساء» أثناء انتقالها ليلا إلى المعبر الحدودي إجراءات المراقبة الشديدة في المعبر عبر وضع عدد من السلاسل الشائكة قبل الحاجز الحدودي بعشرة أمتار، ومراقبة الهويات وأختام جوازات السفر، لكن ذلك لم يكن ليمنع أحد رجال الأمن المكلفين بمراقبة الأختام عند الحاجز الأمني بتسلم جوازات سفر مرفوقة بورقة من عشرين درهما رشوة من طرف سائقي سيارات أغلبها تحمل لوحات أرقام إسبانية. جرأة رجل الأمن كانت تكشف عن التحدي الكبير الذي رفعه وهو يقبض الرشاوى رغم علمه بوجودنا ونحن في انتظار مقابلة الرئيس الأمني للمعبر. وفي غياب هذا الأخير أكد متحدث أمني قدم نفسه باسم «سعيد.أ» أن السيارة التي كانت تقتحم المعبر قد تم إيقافها بعد اختراقها وتحطيمها للحواجز الأمنية، مضيفا أن الشرطة القضائية لولاية أمن تطوان تحقق في الأمر لمعرفة أسباب الاختراق وحمولة السيارة. من جهته كشف مصدر مطلع أن صاحب السيارة كان قد اتفق في السابق مع بعض المسؤولين عن المرور والمراقبة في المعبر الحدودي باتجاه تطوان عن مرور سيارته بأمان ودون تفتيش كما هي عادة العشرات من السيارات الأخرى، لكنهم تراجعوا في الأخير عن الاتفاق وقرروا توقيفه ، الأمر الذي أدى به إلى اختراق الحاجز والهروب بسرعة فائقة. وأضاف المتحدث أن النقطة الحدودية مازالت تعرف اختلالات كبيرة كما أن الرشوة متفشية بشكل كبير ومكشوف، حيث أصبحت النقطة الحدودية تدعى «باب فايفا» أي باب «خمسة دراهم»، بدل باب سبتة. أطنان السلع الإسبانية تدخل التراب المغربي بعد ما تؤدى عنها الإتاوات والرشاوى لبعض رجال الأمن المكلفين بمراقبة الحدود. وهو ما سبق وأكدته شهادة خوصي سانشيس، وهو قائد أمني إسباني، أكد فيها كيف أنه «يشاهد بعينيه رجال الأمن المغاربة يتخاصمون ويتسابقون في ما بينهم من أجل الظفر ب 10 أو 5 دراهم» وهي مقدار الرشوة التي يقدمها أكثر من 20 ألف مغربي من أجل اجتياز الحدود المغربية دون التأشير على جوازات سفرهم أو التأكد من هوية صاحبها بعد إخضاعه لجهاز المعلوميات التابع لوزارة الداخلية. وكانت آخر محاولة «ناجحة» في اختراق الحاجز الأمني تمت في شهر دجنبر من سنة 2007، حيث اخترقت سيارة للدفع الرباعي الحدود المغربية وعلى متنها 12 شخصا مازالت هويتهم مجهولة لحد الآن، مما أدى بوزارة الداخلية مرة أخرى إلى إيفاد لجنة للتحقيق في الأمر. وكشف متحدث ل«المساء» أن تغييرات مرتقبة ستشمل عددا من رجال الأمن العاملين بمعبر باب سبتة، فيما يجهل ما إذا كانت إدارة الجمارك المغربية ستقوم بنفس الإجراء، بهدف وقف نزيف الرشوة وإهانة النساء والشيوخ من المتعاطين للتهريب القوتي، حيث يتعرضون لشتى أنواع الضرب والتعسف والشطط في استعمال السلطة من طرف المغاربة قبل أن يتلقوا تعنيفا أكثر من طرف رجال الشرطة الإسبان. وتعتبر النقطة الحدودية باب سبتة «جنة» لبعض «المرتشين» نظرا للرواج المالي الذي يعرفه هذا المعبر الذي يشهد مرور مهربي المخدرات، والأشخاص، والسلع الإسبانية. وبعملية حسابية بسيطة نعرف المقدار المالي الذي يدخل إلى جيوب بعض المرتشين بباب سبتة، فإذا ما أدى 20 ألف شخص من بين 30 ألفا الذين يعبرون الحدود يوميا، خمسة دراهم فقط من أجل تسهيل عبورهم إلى سبتة، سيكون المقدار المالي هو 30 مليون سنتيم، دون احتساب «التهريب الآخر المنظم» وليس «القوتي»، الذي يدخل التراب المغربي ليلا على شكل قوافل منتظمة محملة بأطنان السلع التي يجهل محتواها دون أن تعترضها أية «مشاكل تذكر» كما حدث ليلة اختراق السيارة للحواجز الأمنية.