نظمت جمعية الفكر التشكيلي بالرباط يوم الأربعاء 25 دجنبر 2013 برواق باب الرواح بالرباط ابتداء من الساعة الرابعة والنصف مساء ندوة حول موضوع «التجلي الجمالي في الإبداع الصحراوي». وقد قاربت الندوة، التي سيرها محمد المنصوري الإدريسي، التجلي الجمالي في الإبداع الصحراوي. في مداخلة تحت عنوان «جمالية الأنا والآخر في شعر التبراع»، تناولت العالية ماء العينين، من خلال تعريف لغوي واصطلاحي وإبداعي، هذا اللون الشعري الذي تنظمه نساء الصحراء تغزُّلاً في الرجال، في أجواء خاصة تطبعها السرية والكتمان والحرص الشديد على عدم التداول والانتشار نتيجة للحشمة والوقار والرقابة التي تمارسها الطقوس والطابوهات البدوية بالصحراء، مستعرضة في ذلك نماذج مختارة من «التبراع» ضمن سياقات ثقافية واجتماعية متنوعة. فيما ذهب الباحث والإعلامي عبد اللطيف بوجملة إلى التأكيد على وجود تعالق غير مرئي بين أشكال الفكر والتماكن المفهومي والرمزي والأيقوني للصحراء والترحال، كسند رمزي وأيقوني لشعرية المكان، مستندا في مداخلة بعنوان «تصادي الفلسفة والأدب من خلال مفهومي الصحراء والترحال: لوكليزيو نموذجا» على مرجعية غربية لما أسدته من خدمات في حديثها عن فضاء الصحراء على جميع المستويات المعرفية العلمية والإنسانية. أما الناقد إبراهيم الحَيْسن فقد عرف ببعض الخصائص الجمالية للإبداع اليدوي بالصحراء وكشف عن كوامنه التعبيرية عند الحرفيين في صحراء «البيضان»، لاسيما في مجال الإنتاج والمشغولات اليدوية، بوصفها أبرز الفنون المحلية التي تجمع بين الوظيفة النفعية والوظيفة الجمالية. وقد تم التركيز في الورقة على الإنتاجات الجلدية المزخرفة والمصنوعات النسيجية كما هو الحال بالنسبة للملابس التقليدية والخيمة، إلى جانب الحلي ووسائل الزينة والتبرُّج. وفي الختام تناول الكلمة محمد الشيكر في عرض بعنوان «استتيقا الصحراء في الكتابات الغربية» انطلاقا من استثمار العناصر الدلالية والتأويلية في المتخيل الغربي حول الصحراء كفضاء جمالي من جهة وكأبعاد ثقافية تتصل بمتخيل الترحال وعلاقته بالكتابة وتجربة الحدود. فيما غاب عن الندوة الباحث لحبيب عيديد، الذي تناول موضوعا بعنوان «جمالية المكان في الشعر الحساني» من خلال مداخلته المنشورة بالكتاب الذي وزع على الحاضرين والصادر عن وزارة الثقافة وجمعية الفكر التشكيلي ووكالة الجنوب، حيث استشهد بنماذج شعرية متنوعة باعتبارها لحظة طللية حضرت في الشعر الحساني كإحدى الوقفات المضيئة التي استوقفت شعراء الصحراء، ذلك أن الشاعر الحسَّاني كالشاعر العربي القديم يبدع عبر اللحظة الطللية، ماضيه المنصرم وواقعه الآني، كلاما شعريا متحفزا لمعانقة مستقبله الغامض، فهو عندما يبدع شعرا من هذا النوع، إنما يدرك إدراكا واعيا أو لا واعيا أن الأطلال تعتبر شاهدة على زمن ولَّى ولن يعود، ووظيفتها تبقى منحصرة، في لحظة تشكل الإبداع باعتبارها مبعث ذكريات هذا الزمن وإحياء لها عبر ذاكرة الشاعر الناطق باسم الجماعة/القبيلة. أما الباحث بشير ضماني الغائب هو الآخر عن الندوة والحاضر بترجمة نشرت هي الأخرى بالكتاب، فقد اعتمد على مقتطف من كتاب «الملحفة- زي نساء المغرب الصحراوي» لهرفي نيغر وكلير سيسيل ميتاتر، وركز في اختياره على الجانب الجمالي المتعلق بطريقة الصباغة والتلوين بالأساليب التقليدية المحلية داخل ورشات الحرفيين، إلى جانب رصد أجواء التسويق والتسليع، مع ما يسم ذلك من طقوس المتاجرة داخل أسواق شعبية تكاد تكون من اختصاص النساء.