هل يفوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا؟ .. الذكاء الاصطناعي يجيب    بالأرقام.. وزير الفلاحة يفند مزاعم "المعارضة" بشأن استنزاف الفلاحة السقوية للثروة المائية    "كان" الفتيان.. كوت ديفوار ثالثا    القنصل العام الفرنسي يزور مركز التقاء الشباب بحي القصبة بطنجة ويؤكد استعداده لدعم التعاون الثقافي والاجتماعي    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    مغربية الصحراء تكتسب زخما دوليا غير مسبوق    مستشار الرئيس الأمريكي: واشنطن تتحرك لإغلاق ملف الصحراء وإعادة العلاقات بين المغرب والجزائر    الشارقة تضيء سماء الرباط: احتفاء ثقافي إماراتي مغربي في معرض الكتاب الدولي 2025    المغرب يسير نحو طفرة عسكرية نوعية عبر اقتناء دبابات K2 الكورية    يتسع ل5000 طالب.. أشغال بناء المركب الجامعي بالحسيمة تصل مراحلها النهائية    جمارك بني انصار تحبط محاولة تهريب كمية من مخدر الشيرا    احتفالية "رمز الثقافة العربية ل2025" تكرم الشاعر بنيس والفنان الفخراني    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    هل يقود مغربي سفينة "الملكي"؟ أنس لغراري الرجل الخفي الذي قد يرأس ريال مدريد سنة 2029    مدرب شباب قسنطينة يشكر المغاربة على حسن الاستقبال قبل مواجهة بركان    الناصري ينفي التهم الموجهة إليه في قضية "إسكوبار الصحراء" ويكشف تفاصيل عن لطيفة رأفت وتاجر المخدرات "المالي"    احوال الطقس .. امطار وثلوج مرتقبة بمنطقة الريف    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    حين تصبح معلوماتك سلعة .. من يحمي المغاربة من تسريبات البيانات؟    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    عمر هلال: العودة إلى الصحراء المغربية مشروطة بالإحصاء الإسباني لعام 1974    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    مقتل صحراويين في مخيمات تندوف : ائتلاف حقوقي يطالب بتحقيق دولي ضد الجيش الجزائري    شرطة البيضاء توقف مواطنا نرويجيا    حادثة سير مميتة تودي بحياة شخص بإقليم الدريوش    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    ناصر بوريطة يواصل جولة دبلوماسية ناجحة لتعزيز دعم أوروبا لمغربية الصحراء    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير بشأن ادعاءات واهية لمنظمة    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    رغم التأهل.. فليك غاضب من أداء لاعبي برشلونة أمام دورتموند ويطالب بمزيد من الانضباط    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أمركة» إيران بالعصا وغصن الزيتون
نشر في المساء يوم 22 - 12 - 2013

كان بنيتو موسوليني، زعيم إيطاليا الفاشية، يهدد الديمقراطيات الغربية بخمسة ملايين حربة. ثم ظهر أنها من عيدان السباغيتي (معكرونا). واضطر حليفه هتلر إلى إنقاذه، عندما دُحرت القوات الإيطالية التي غزت ألبانيا واليونان.
هل لموسوليني ضريح تذكاري في إيران؟ وإلا لماذا. ومن أين تنطلق هذه الصرخات الهستيرية لجنرالات الجيوش الميليشيوية، مهددة أمريكا بأسلحة سرية فتاكة، تجعلها هباء منثورا؟
هل إيران دولة «حربجية» حقا؟ هُزمت إيران في الحرب العبثية مع عراق صدام. ونصح رفسنجاني الخميني بوقفها، بعدما استهلكت في ثماني سنوات جيلين من الإيرانيين والعرب العراقيين. وسبق للشاه الأمِّي رضا بهلوي أن استسلم بلا مقاومة للقوات الروسية والبريطانية التي احتلت طهران، خلال الحرب العالمية الثانية، واقتسمت إيران، عقوبة له على حماسته للفاشية الهتلرية.
ليس سرا أن إيران الخميني اشترت أسلحة من إسرائيل (1985 / 1986) في حربها مع العراق، ولم تخض حربا مع الدولة العبرية، إنما أغرت حزبها اللبناني بالتجربة؛ فقتل 1200 شيعي لبناني (2006)، ومات مائة فلسطيني بصواريخ الحزب التي أطلقت، بطريقة عشوائية، على إسرائيل؛ وخرج رئيس الحزب من مخبئه، ليعلن أن النصر كان «إلهيا»!
أُنشئ حزب الله كقوة دفاعية. غير أن إيران تستخدمه اليوم في سوريا كقوة هجومية -الدفاع ليس كالهجوم- فعاد عدد كبير من المقاتلين محمولين في أكياس مغلقة. وقال حسن نصر الله إنه أرسلهم لإنقاذ السيدة زينب التي لم يمسّ أحد ضريحها بسوء على مدى 1300 سنة، ثم ندم فأعلن أنه يقتل السوريين، لينقذ الفلسطينيين، ثم طالب بحكومة لبنانية جديدة تدعم مجهوده الحربي، فرفضت الأحزاب والطوائف توزيره معها.
بات الحزب معزولا وعاجزا، لا يملك عمقا استراتيجيا. ومع استفزازه السنة وغزوه بيروت، نشأت تنظيمات سنية «جهادية» كالفطر هنا وهناك. ومع تدفق نحو مليون نازح سوري على لبنان، باتت السنّة -للطرافة المأساوية- أغلبية طائفية تفوق الغالبية الشيعية، فمنع الحزب الدولة سرا من السماح للدول المانحة ببناء أكواخ للنازحين، كي لا يتحولوا إلى لاجئين، كالفلسطينيين، مقيمين لأجل طويل.
تاريخيا، فارس حضارة هجومية. في المجوسية الزرادشتية (عبادة النار)، وصلت الجيوش الفارسية إلى اليمن ومصر والمشرق العربي؛ وحاولت غزو أوربا فلاقت هزيمة مريرة أمام الإسكندر المقدوني الذي اخترقها وصولا إلى الهند.
أعز الإسلام العرب.. كان العرب المسلمون من الوعي بحيث استعادوا العراق والشام من الهيمنة الفارسية والبيزنطية. لم يكن الإسلام دينا عنصريا. تأسلمت واستعربت الأقوام السامية (الموالي) في البلدين. وكان الانصهار مع عرب الجزيرة الفاتحين كاملا، وأنتج حضارة ثقافية رائعة لم تجد في انفتاحها العقلاني ما يمنعها من الترجمة عن اللغات الإغريقية والفارسية والهندية.
كان الإسلام العربي رحيما.. ترك العرب الحرية للشعوب الأجنبية. لم يتأسلم الإسبان وتأسلم الفرس والكرد والأتراك، لكنهم لم يستعربوا على الرغم من اختراق اللغة العربية لغاتهم. وظلت اللغة والثقافة العربية مزدهرة إلى أن سقطت السلطة السياسية من أيدي العرب.
كان موقف الفرس من العرب سلبيا. كان الفتح العربي لفارس صدمة نفسية هائلة للنفس الفارسية. وكان استشهاد آل البيت (علي ونجلاه الحسن والحسين) فرصة للفرس لشق الإسلام إلى مذهبين، بفروق واهية بينهما تلغي الحاجة إلى الصراع المذهبي. يقول المؤرخون إن القائد الفارسي، الذي استعار اسما عربيا (الطاهر بن الحسين) وفتح بغداد وأعمل السيف في عربها، لم يكن أقل وحشية وهمجية من هولاكو.
الاستقلال في القرن العشرين كان فرصة تاريخية للعرب لتحقيق وحدة لم يعرفها تاريخهم. لكن الاستقلال تمسك بمصالح السيادة المحلية الضيقة، فضاعت الفرصة. ثم ما لبث أن حل تعب المادة بالنسيج الاجتماعي نتيجة لعوامل كثيرة، في مقدمتها: هزيمة المشروع القومي، أرستقراطية النظام العربي، تسييس الدين، التكاثر البشري العشوائي. كل ذلك أدى إلى ضعف الثقافة والتربية واللغة، فبات هوان حياة الإنسان العربي سهلا على الرصاص والاغتيال والقتل الجماعي بالتفخيخ بالمتفجرات، باسم الدين والطائفة، بلا رادع أخلاقي وإنساني.
خرجت القمة الخليجية بلغة كويتية هادئة ومصالِحة لإيران. تأجل مشروع «الاتحاد» الذي قدمته القيادة السعودية إلى قمة أخرى. اعتذرت عُمان عن عدم قبول الاتحاد، انسجاما مع دورها في الوصل بين أمريكا وإيران، وبقيت السياسة الإيرانية على حالها: ابتسامات شاكرة للخليج الذي أنقذت موانئه التجارية إيران من الركوع تماما أمام العقوبات الغربية، و»خط أحمر» رسمه رئيس «روحاني» أمام الثورة السورية.
على أية حال، لم تخرج القمة خالية الوفاض، فقد قدمت التنسيق العسكري على ملف تحويل مجلس «التعاون» إلى مجلس «اتحاد» -العبرة بالتنفيذ- وإقامة الاستراتيجية الدفاعية الخليجية على سلاح الطيران (السعودية ثاني أقوى دولة جوية في المنطقة) وسلاح الصواريخ، ثم الدبابات الألمانية خفيفة الحركة على الرمال، وذلك في مواجهة الكثافة البشرية للقوات الإيرانية.
بالإضافة إلى التنسيق العسكري، جاء قرار إنشاء مركز للبحوث الاستراتيجية شديد الأهمية. نعم، فالسياسة والإعلام في الخليج بحاجة إلى معرفةٍ أعمق بالتاريخ السياسي العربي الحاضر والغابر، ولاسيما بعدما انتقل مركز الثقل السياسي والمادي العربي إلى الخليج، لتزويد الإعلاميين بالمعلومات كي يأتي التعليق السياسي بعيدا عن التكرار، وأكثر ثراء ودقة في عرض التطورات والتحولات المتسارعة.
«العلمو نُورُنْ»: باتت مراكز البحوث والدراسات الأمريكية تعج بأنصار إسرائيل والباحثين الإيرانيين الأمريكيين، هؤلاء الذين ورطوا إدارة بوش بالتضليل وشجعوها على ضرب العرب بغزو العراق وتسليمه إلى إيران، هؤلاء يعصرون أدمغتهم للترويج لما أسميه إجراء عملية «ماكياج» لملالي إيران وحزب الله وتقديمهم كحلفاء لأمريكا وإسرائيل. كأنموذج لئيم، أشير إلى تعليق في «نيويورك تايمز» يوم الثلاثاء الماضي طافح بالمعلومات التاريخية غير الصحيحة ومحاولة النيل من السعودية وأهمية النفط العربي.
هل يمكن الثقة بإيران؟ «أمركة» إيران هي اللغة الرائجة اليوم على المسرح السياسي الغربي. صنّاع القرار السياسي والتعليق الإعلامي في الغرب يراهنون على انتقال إيران من دولة مارقة إلى دولة مؤدبة تتحرك في صميم العلاقات الدولية، بعد تحييدها وتجريدها من مسدسها النووي.
لماذا تعثرت مؤقتا المفاوضات بين إيران والغرب؟ الطرفان يتكتمان على الحقيقة. أمريكا تستعجل استكمال وقف إيران تخصيب اليورانيوم ومنعها من إنتاج البلوتونيوم. في حين انصرفت إيران إلى الإلحاح على الإفراج عن كنزها المالي (مائة مليار دولار) المجمد، بسبب العقوبات، في المصارف الغربية، كحصيلة لعقود بيع النفط.
إيران بحاجة إلى تمويل أوسع وأسرع للعمليات العسكرية للقضاء على الثورة السورية وتسديد ديون بشار لروسيا، ولتعويض «حزب الله» عن خسائره البشرية، وأخيرا إعادة تعويم الاقتصاد الإيراني، وتفادي غضب الإيرانيين الذين يرون ثرواتهم ومواردهم تتبدد على المشروع الإيراني الخارجي.
في مشروع «أمركة» إيران، تعتمد إدارة أوباما دبلوماسية مزدوجة: الكونغرس يلوح بعصا الردع لفرض مزيد من العقوبات، والبيت الأبيض ووزير الخارجية جون كيري يلوحان بغصن الزيتون، لإغراء الجمهور الإيراني، الذي صوَّت لترئيس روحاني، بالتمتع بلذائذ الحلف القديم مع أمريكا والمصالحة واستعادة العلاقة الشاهنشاهية بإسرائيل.
ثمة مساومة طويلة ومعقدة، ليس لاستكمال تحييد إيران نوويا وللإفراج عن كنزها المالي، وإنما أيضا على مصير سوريا ولبنان: هل تبقيان في عهدة إيران، على أن تستغني عن خدمات بشار الذي لا يمكن الظهور معه في الصورة، لارتفاع عدد ضحاياه؟ وكيف يمكن دق رأس نظامه مع رأس «الائتلاف» المعارض داخل حكومة وفاقية (مستحيلة)؟
جون كيري، المكلف بالمساومة، يقول إنه «ليس مازوشيا»، بمعنى أنه في النهاية ليس مستعدا لحمل عدة قضايا شائكة وملتهبة بقبضة واحدة، ويمشي بها على حبل دبلوماسي في سيرك صاخب. بوتين الشهير بالمغالطة ينصب كمينا ل»شركائه» الأَلِدَّاء الأمريكيين في جنيف، هو أيضا يريد حصة في التسوية.. يقول إنه أنقذ مجلس الأمن (عطَّله بالفيتو). باع أمريكا «كراكيب» بشار الكيماوية، وأنقذ السلام من القنبلة النووية الإيرانية! وحمى إسرائيل! ثم يرسل وزيره لافروف إلى طهران، لقبض فاتورة الحساب.
غسان الإمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.