اهتزت المؤسسة التشريعية، ليلة أول أمس، على وقع فضيحة سياسية من العيار الثقيل، فجرها الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الذي كشف أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع أن «جهة» برلمانية طلبت من الحكومة التدخل في إطار الفصل 120 من النظام الداخلي لإرجاع مقترح قانون لجان تقصي الحقائق إلى اللجنة بغية قراءته مرة ثانية، رغم النقاش الكبير الذي دار حوله، وإحالته على الجلسة العامة. القنبلة التي ألقاها الشوباني ب«الواضح الفاضح» كما وصف مداخلته، كشفت أن اجتماعا عقده كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، ووزير العلاقات مع البرلمان ورؤساء الفرق البرلمانية خرج منه القرار «السري» القاضي باستعمال الفصل 120، حيث أبدت الحكومة، حسب الشوباني، «تعاونا» وساعدت المؤسسة البرلمانية في هذا الموضوع. الغريب في الأمر هو أنه على الرغم من دفع الحكومة بالفصل 120، فإنها تراجعت عنه في الجلسة ذاتها، لكن رئيس مجلس النواب، رفع الجلسة بشكل مفاجئ، حيث سجل الشوباني في هذا السياق أنه كان يجب ألا ترفع الجلسة. ورد الوزير على من يتهمون الحكومة بقتل الدستور، بأن الأخيرة جاءت «باش تدير الخير ورديتوه ببومزوي». واعتبر الوزير، أمام ذهول عدد من أعضاء اللجنة، أن «هذه المؤسسة هي من تطلب تدخل الحكومة»، قبل أن يطالب البرلمانيين بمساءلة من يسير المؤسسة التشريعية، حيث سجل أن المشكل يكمن في البرلمان وليس في الحكومة. ردود بعض البرلمانيين، ومنهم النائب حسن طارق، الذي تساءل عن سبب تدخل الحكومة للعب دور الإطفائي، لم ترق وزير العلاقات مع البرلمان، الذي علق عليها بأن توجيه السؤال للعنوان الغلط لم يعد له مكان، و»إذا أردتم فهم القصة فالعنوان واضح»، يضيف الوزير. وأكد عضو الحكومة أن المشروع الذي جاءت به في موضوع لجان تقصي الحقائق تم عرضه أمام المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك، حيث قال الشوباني في هذا السياق: «الحكومة ليست هي من وضعت جدول أعمال المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك». ولم يقف الوزير الإسلامي عند هذا الحد، بل رد بقوة على من يقولون بأن «الحكومة تُسير من طرف أمينها العام، ويلبسونه لبوس فرعون»، على حد تعبيره، حيث كشف في سياق مداخلته المثيرة عن مراسلة بعثها الضحاك إلى بنكيران يطلب فيها من رئيس الحكومة إيفاءه بتعليماته بشأن التقيد بمقترح القانون التنظيمي المتعلق بلجان تقصي الحقائق أو استمرار الحكومة في إعداد مشروعها. ووجه الشوباني رسائل مبطنة إلى فريقه البرلماني، خاصة رئيس الفريق، عبد الله بوانو، الذي سبق أن وجه انتقادات قوية لتدخل الحكومة بغية إرجاع مقترح القانون إلى اللجنة، حيث سجل الشوباني أنه «ليست هناك حكومة في العالم تتصادم مع أغلبيتها». ولخص الشوباني أخطاء الحكومة في تعاطيها مع المؤسسة البرلمانية، خاصة في موضوع هذا المقترح، بأنها أفرطت في حسن الظن في المعارضة، حيث سجل الوزير أنه يتألم «لأن الثقة ضربت».