جلسة ساخنة تلك التي شهدتها مصادقة البرلمان، ليلة أمس الخميس، على مقترح قانون أثار جدلا، والمتعلق بطريقة تنظيم اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق، والذي صادقت الحكومة بموازاة معه على مشروع مماثل خلال مجلسها الحكومي السابق، حيث فرضت الحكومة "الفيتو" على مقترح البرلمان، وطالبت بإعادته إلى النقطة الصفر. وانتفض عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، في وجه الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب الشوباني، وذلك على خلفية دفع الحكومة بالمادة 120 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي يعطي الحق للحكومة بإعادة مقترحات القوانين التي صادقت عليها اللجنة إلى نقطة الصفر. وطالب رئيس فريق "المصباح" بضرورة تدخل الملك عن طريق الفصل 42 من الدستور للتحكيم بين المؤسسة التشريعية والمؤسسة التنفيذية، وقال "سنرفع الأمر إلى جلالة الملك وهو الذي يمكنه الحسم في هذا الخلاف، وسنرى هل يريد للمؤسسة التشريعية أن تشتغل أم لا"، مستغربا في هذا الاتجاه من سعي الحكومة إلى حرمان البرلمان من حقه في التشريع عندما يتعلق الأمر بالقوانين التنظيمية. وبعدما شدد بوانو على أن الحكومة بفعلتها هذه تحاول مصادرة حق المؤسسة التشريعية في العمل التشريعي الذي يعتبر من مهامها الرئيسية، أبدى أسفه لكون اللحظة كانت يمكن أن تكون تاريخية من حيث طبيعة النقاش إلا أنها "أصبحت أسوء لحظة في تنزيل الدستور"، معتبرا ما قامت به الحكومة "غير معقول ولا مقبول، ويتعارض مع الدستور نفسه". وتساءل بوانو، في هذا الاتجاه، إذا كان الدستور قد أعطى للبرلمان حق تعديل الدستور، فكيف للحكومة أن تقف ضده في القوانين التنظيمية، مطالبا الأمين العام للحكومة إن كان عنده اجتهاد فليحضر للبرلمان/ ويقنع النواب به بما يراه". بوانو، الذي بدا متشنجا خلال تدخله، واجه الشوباني بالقول إنه بسبب قراءتكم المتعسفة للدستور، فإن الحكومة "تبهدلات ومابقا عندنا وجه باش نتقابلو معاكم"، مستنكرا دفع الوزير الشوباني بالمادة 120 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وهو ما دفع الشوباني إلى التراجع عن هذه المادة، مشيرا أن الحكومة ستسحب طلبها لكون الذي وقع هو حادثة سير، ليفاجئه كريم غلاب رئيس المجلس برفع الجلسة، وإعادة المقترح للجنة لإعادة مناقشة، معتبرا أن تعامل المؤسسات غير خاضع للمزاجية، وبالتالي فإن البرلمان قبل رفض الحكومة. كلام بوانو لم يستسغه كثيرا الرئيس السابق لفريق العدالة والتنمية عبد العزيز العماري الذي حاول تصحيح مسار علاقة فريقه بالحكومة، مؤكدا في هذا الاتجاه أن الحكومة تسعى إلى التعاون مع المؤسسة التشريعية، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تصادر حقها في التشريع. وأعاد الشوباني ما قاله في اللجنة بأن التفاعلات أدت إلى النقاش بين المؤسسات الدستورية تؤكد أن للقوانين التنظيمية خصوصيتها في هذه الولاية، لأن الفصل 86 من الدستور يشير أن هذه الولاية ذات الطبيعة التأسيسية تجعل القوانين التنظيمية تمر ضرورة عبر مشاريع، وبالتالي مرورها وجوبا بالمجلس الوزاري". وأضاف أن "الحكومة تؤكد اليوم على أساس فهمها ترجح هذا التأويل على اعتبار أن لهذه القوانين التنظيمية طبيعية تأسيسية"، مشيرا إلى أن "هذا اجتهاد عندما يكون الخلاف بين المؤسسات، فإن الأصل هو أنه يتم الاتجاه إلى المجلس الدستوري الذي سيقول كلمته في هذه النازلة". وأردف الشوباني، في هذا السياق، بأن "الحكومة عندما قدمت مشروع القانون التنظيمي جاء بعدما غيرت اجتهادها في التعاطي مع النص الدستوري في التعامل مع النصوص التنظيمية".