خسرت الحكومة مسعاها في منع البرلمان من التشريع، حيث صادق أعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب صباح أمس الجمعة على التعديلات المقدمة من طرف الفرق النيابية، رغم أن الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أكد في جلسة الأربعاء الماضي أن القوانين التنظيمية التأسيسية يجب أن تمر عبر مجلس الوزراء، وأن الحكومة لن تنخرط في مناقشة التعديلات الخاصة بمقترح «لجان تقصي الحقائق»، وهو الدفع الذي احتج عليه رئيس الفريق الاشتراكي أحمد الزيدي، وعلى هذا التأويل الخاص بالدستور الذي رأى فيه اعتداء للحكومة على البرلمان. وأشار الزيدي إلى أن من شاركوا في صياغة الدستور لم يفكروا في إزالة القوانين التنظيمية من اختصاصات البرلمان، كما صرحوا بذلك. ما جاء به الشوباني جعل حسن طارق يعتبره دستورا جديدا وهو يدعو فعلا إلى إغلاق مؤسسة البرلمان. نفس الاتجاه سارت فيه جميع الفرق النيابية وكان من المنتظر أن يتم التصويت على التعديلات يوم الأربعاء، لكن فريق العدالة والتنمية والحركة الشعبية طالبا بتأجيل ذلك إلى غاية اليوم الموالي. وهو ما حدث فعلا، حيث انخرطت المؤسسة التشريعية في ممارسة مهامها دون الخضوع لتأويلات الحكومة الخاطئة. مصادقة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، على التعديلات التي تقدمت بها الفرق النيابية بخصوص مقترح قانون تنظيمي والمتعلق بلجان تقصي الحقائق. تطرح إشكالا كبيراً لدى الحكومة، بمعنى آخر، ماذا بعد التصويت على هذا المقترح، الذي تقول مصادر مطلعة، إنه من المحتمل أن يعرض على الجلسة العامة الأسبوع المقبل، ومن ثمة، سيحال على مجلس المستشارين. فهل ستعاند الحكومة وتستمر في إدارة وجهها للدستور، واحتقار المؤسسة التشريعية، بعدما واقفت على مشروع قانون تنظيمي حول نفس المشروع في المجلس الحكومي الأخير، رغم أن المؤسسة التشريعية صادقت عليه، بل إن الحكومة شاركت في الجلسات التي عرفتها اللجنة، وتقدمت بتعديلات ومقترحات في شخص الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، قبل أن تنقلب الحكومة على كل شيء وتصادق في آخر اجتماع للمجلس الحكومي على مشروع قانون تنظيمي للجان تقصي الحقائق، وهو ما أثار انتقادات واسعة من كل مكونات مجلس النواب بدون استثناء. لكن الحبيب الشوباني عوض أن ينتقد حكومته، على اعتبار الإحراج الكبير الذي أوقعته فيه أمام النواب، اتخذ موقع الهجوم، واتهم مجلس النواب بالقصور، حينما أكد جواباً عن سؤال لأحمد الزيدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن رئيس المجلس كريم غلاب هو من طلب إيقاف مناقشة مقترح القانون باتصاله برئيس لجنة العدل والتشريع محمد حنين. هذا الأخير نفى لجريدة »الاتحاد الاشتراكي« نفياً قاطعاً ادعاءات الشوباني. أمام هذه الوضعية، لن يبقى أمام الحكومة إلا حل واحد، لحفظ ماء وجهها، هو سحب مشروع القانون التنظيمي الذي صادقت عليه وعدم عرضه على المجلس الوزاري، خاصة وأن الحبيب الشوباني اعتبر أن مبادرة الحكومة جاءت بعد أن جمد مجلس النواب النقاش في هذا الموضوع. واليوم بعد أن انتفى هذا السبب، فإن الحكومة يمكن أن تستند إلى هذه «التخريجة».