ظلت المداخيل المالية لمباريات ديربي الدار البيضاء تنعش خزينة فريقي الرجاء والوداد البيضاويين، ففي مثل هذه المباريات يمكن للفريق أن يجني أرباحا قد توزاي الأرباح التي يمكن أن يجنيها من عشرات المباريات التي تلعب بالبطولة، ولذلك هناك من يرى في الديربي منافع أخرى غير نتيجة المباراة ولمن آلت في النهاية، فعيون أخرى كثيرة لا يهمها النتيجة التي يمكن أن تنتهي بها مثل هذه المباراة ولكن إلى محيطها الاقتصادي. فكرة القدم إلى جانب المتعة التي تمنحها للجمهور وجه اقتصادي لا يتردد الخبراء في تتبع تفاصيله. في البرازيل البلد الذي يكاد يعرف فقط بالبن ومهارات لاعبي كرة القدم يشكل اللاعبون المحترفون أهم مصدر للعملة الصعبة. هذه الخلاصة قدمتها المجلة الأمريكية المتخصصة في المال والأعمال «فوربس». ووفقا لهذه المجلة فإن أزيد من 2500 لاعب برازيلي ينشطون في مختلف أنحاء العالم، لكن خصوصا بأوربا يقومون بتحويل أزيد من 700 مليون دولار، وهي تحويلات تتوزع بين أجور اللاعبين والمقابل المادي للعقود الاحترافية سواء للاعبين أو انديتهم البرازيلية التي قامت بتكوينهم. وهذا يعتبر رافدا ماديا مهما يساهم في تحسين المستوى المعيشي والاجتماعي للاعبين وأسرهم بل وفي بعض الأحيان حتى بعض الأحياء التي قضوا فيها طفولتهم. نفس المجلة كانت صنفت المغرب كأول بلد عربي يستفيد من عائدات كرة القدم، حيث كشفت أنه في العام الماضي استفاد المغرب من عائدات قدرت ب45 مليون دولار تمثلت في أجور اللاعبين سواء المحترفين في أوربا أوالخليج العربي، لكن ماذا عن عائدات الديربي البيضاوي؟ يقول المتتبعون إنه في الوقت الذي تشهد فيه مباراة الديربي نموا مطردا، حيث باتت المباراة التي تجمعي فريقي الرجاء والوداد تستقطب ملايين المشاهدين وآلاف المتفرجين ممن يحجون إلى الملعب، فإن مداخيل «الديربي» تظل ضعيفة ولا تبلغ المستوى المأمول، حيث لم تتعد مداخيل فريق الرجاء من الديربي رقم 115 الذي أقيم أمس الأول الأحد 1.206.741 درهم، رغم أن الفريق كان عمد إلى رفع ثمن التذكرة، في حين أن أقصى مدخول تحقق في العام 2010 حين وصلت العائدات المالية إلى 230 مليون سنتيم، وكانت قبلها بموسم واحد قد وصلت 212 مليون سنتيم، بينما لم تقو مباراة الديربي في السنوات الأخيرة على الاقتراب من هذا الرقم حيث لم تتجاوز في 2011 مثلا 172 مليون سنتيم. واقتنى حوالي 24 ألف متفرج فقط تذكرة المباراة المؤدية إلى المدرجات المكشوفة، حيث تركوا في خزينة الفريق حوالي 100 ألف درهم، بينما ولج 93 متفرجا المصنة الشرفية (82 ألف درهم)، أما 6 آلاف متفرج الذين تابعوا المباراة من المنصة الجانبية فخلفوا في خزينة الرجاء 511 ألف درهم. تعني هذه الأرقام مداخيل الفريقين من عائدات بيع التذاكر، لكنها لا تشمل عائدات نقل المباراة والرواج الاقتصادي الذي يبلغ أوجه يوم المباراة، بعد أن يكون انتعش بشكل تدريجي خلال الأيام التي سبقته. هنا أيضا يرى الخبراء أن ملعب محمد الخامس لا يوفر لجمهور الكرة الخدمات الواجب توفرها،فليست هناك محلات تجارية يمكن التبضع منها أو مطاعم أو مقاهي ولايتوفر محيط الملعب على فضاءات لتزجية الوقت في انتظار موعد المباراة، وعلى النقيض من ذلك فإن هناك «مشاريع» غير منظمة وغير مرخص لها، ولذلك ما فتئ البعض يطالب باتخاذ تدابير ملائمة لتثبيت الباعة المتجولين، بما أنهم أبرز الفاعلين في إطار القطاع غير المهيكل، وخاصة في شقه التجاري، وتخصيص غلاف مالي مهم لذلك، انطلاقا من التحملات العامة من الضريبة على القيمة المضافة، لكن إذا كان الخبراء يقولون أنه للقطاع غير المهيكل انعكاسات سلبية وخطيرة، فإنهم في نفس الوقت يقرون أنها ظاهرة تلقى قبولا من طرف المواطنين، وبالتالي فإنه كما يجب التصدي لها فإنه كذلك لا يجب الاعتماد على المقاربة الأمنية والزجرية، السائدة حتى الآن..ويقترح هؤلاء تنظيم الباعة المتجولين وتثبيتهم، كخطوة أولى لإدماجهم في النسيج الاقتصادي المنظم، بخلق مراكز تجارية قارة وثابتة وخاضعة للمراقبة، لكن هل تبدأ السلطات التي انتبهت –بعد الخطاب الملكي- إلى أن الدار البيضاء تغرق في الفوضى، إلى أنه يمكن إعادة تنظيم الدار البيضاء ابتداء من مباراة الديربي؟