أكد وزير الصناعة والتجارة والاستثمارات والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، يوم الخميس الماضي بمدينة مرسيليا الفرنسية، أن المغرب جعل من الفضاء المتوسطي خيارا استراتيجيا من أجل الاندماج والتنمية الاقتصادية، مبرزا أن المملكة لديها منذ أزيد من عشر سنوات قناعة راسخة بتجذرها في هذا الفضاء والاضطلاع بدورها كاملا في إطاره دون التخلي عن شراكاتها مع مناطق جغرافية أخرى. وأضاف العلمي، الذي كان يتحدث خلال المنتدى الاقتصادي الثالث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنظم في إطار الدورة السابعة للأسبوع الاقتصادي المتوسطي الذي تحتضنه مرسيليا من سادس إلى تاسع نونبر الجاري، أن المغرب تبنى منهجية تحدد رؤيته والدور الذي باستطاعته القيام به ضمن هذا الفضاء، مبرزا أن المملكة وضعت في هذا الإطار مخططا استراتيجيا حقيقيا من خلال اختيار سبع مهن عالمية ترجمت إلى برامج عمل أتاحت تحديد شركائها المتمثلين في أوربا المتوسطية وإفريقيا ومجلس التعاون الخليجي. وأشار الوزير خلال المنتدى الذي ينظم تحت رعاية الرئيس الفرنسي فراسوا هولاند، إلى أن التنمية الاقتصادية بالمملكة تقوم أساسا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث عملت الدولة وأرباب العمل على تحديد الفضاءات الجغرافية والمهن التي بالإمكان تحقيق نجاحات فيها، مؤكدا أن المغرب يعتبر اليوم فاعلا في هذه المهن التي تم اختيارها ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر صناعة الطيران التي تعمل بها حاليا نحو مائة مقاولة والتي أعطت نتائج ملموسة. وقال إن المغرب يطمح إلى الاضطلاع بدوره كاملا في الفضاء المتوسطي باعتباره شريكا تاريخيا وصناعيا وتجاريا لأوربا، وشريكا أيضا ومستثمرا بإفريقيا جنوب الصحراء، فضلا عن شراكته مع دول الخليج العربي، مضيفا أنه من أجل تجسيد هذا الطموح الاقتصادي، تبنت المملكة مبادرات واقعية تتوخى تسريع هذه الدينامية وتحقيق الانسجام الضروري في تنزيلها. وأكد أن الجميع مدعو أمام التهديدات المحدقة بالاستقرار بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والتحديات التي يتعين رفعها إلى البحث بشكل مشترك عن وسائل انخراط شمال وجنوب المتوسط في مبادرات شمولية لخلق الثروات، مشيرا إلى أن المغرب اختار في هذا الإطار المساهمة في تنمية إفريقيا جنوب الصحراء وهو الأمر الذي أكده بشكل واضح الملك محمد السادس في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء الأخير. ودعا في هذا السياق إلى الدفع بدينامية التوطين المشترك للمشاريع والإنتاج والتوفر على الوسائل الكفيلة بتحقيق التنمية المشتركة عبر حوار اقتصادي ثلاثي الأبعاد يشمل كلا من أوربا والمنطقة المتوسطية وإفريقيا، مؤكدا أن المغرب بإمكانه المساهمة في هذا الحوار باعتباره بلدا محفزا على النمو وجسرا نحو تنمية إفريقيا وبلدا للاستقبال. وأضاف أن المملكة مستعدة ضمن هذا التوجه للاضطلاع بدورها في المساهمة الملموسة في تسوية المشاكل المرتبطة بالهجرة الاقتصادية السرية ضمن شراكة مجددة شمال- جنوب وجنوب -جنوب. وخلص إلى القول أن طريق التنمية يتطلب إقامة شراكة اقتصادية طموحة بالحوض المتوسطي تقوم على الانتقال من مفهوم غزو الأسواق إلى مفهوم إقناع الشريك ومصاحبته من جل خلق فضاء متوسطي ليس للاحتكار بل للاقتسام والتشارك.