لا تزال عائلات الأطفال ضحايا الهجرة السرية المنحدرين من كلميم تعيش على أمل استرجاع جثامين 18 فردا ماتوا بسواحل جزر الكناري في منتصف فبراير المنصرم، بعد غرق القارب الذي بات معروفا ب«قارب الحضانة»، والذي كان يُقل 32 شخصا لم ينج منهم سوى 6 أفراد، بينهم صاحب القارب. وجدّدت بعض الأسر مناشدتها السلطات الاسبانية والمغربية لتسهيل استرجاع الجثامين، ونقلها من جزر الكناري إلى مدينة كلميم حيث يستقر أقارب الضحايا، وقد وكّلت العائلات هذه المهمة لجمعية الجنوب للهجرة والتنمية، في شخص رئيسها عبد الله الحيرش، لتنوب عنها في الاتصال والتنسيق مع المسؤولين بإسبانيا والمغرب. وفي اتصال هاتفي مع «المساء»، انتقد نائب رئيس جمعية ضحايا الهجرة السرية، خليل جماح، ما وصفه ب«الصمت الرهيب» للحكومة المغربية عن هذه المأساة، متسائلا: « لماذا لا تتم مواساة عائلات الضحايا، ولا يتم إبلاغ الرأي العام بتفاصيل هذه الفاجعة؟»، داعيا إلى أن يكون التعامل مع عائلات الضحايا بحجم المأساة. وذكّر المتحدث بأن الحكومة المغربية سنة 2003 سبق أن تحملت مصاريف نقل جثث حوالي 26 مغربيا لقوا حتفهم بمنطقة كاديس الاسبانية، وتم جلب الجثث عبر أفواج إلى مدينة بني ملال وخريبكة، مضيفا أن تكلفة نقل الجثامين تتراوح ما بين 300 و500 أورو للجثة الواحدة. وعلى صعيد آخر، شدّد عبد الكريم بلكندوز، الباحث الجامعي في قضايا الهجرة، على أن هجرة القاصرين تعبر عن انسداد الأفق وغياب الثقة في المجتمع والبلاد، وقال ل«المساء» إن هذه الظاهرة تُسائل المجتمع والمسؤولين عن أسبابها الداخلية والخارجية، معتبرا أنها مؤشر خطير يستدعي تضافر جهود الجميع من مجتمع مدني وحكومة ومجالس منتخبة لإرجاع هذه الثقة المفقودة. وفي محاولة لتفسير بروز هذه الظاهرة ببعض الأقاليم الجنوبية، أشار المتحدث إلى أنه كلما تم تشديد إجراءات مراقبة الحدود، تبحث المافيات والشبكات التي تنظم عمليات الهجرة السرية عن منافذ جديدة وطرق أخرى لتهريب البشر. وحول أهم الخطوات التي قامت بها جمعية الجنوب للهجرة والتنمية بعد أن وقّعت عائلات الضحايا توكيلا لفائدتها باللغة العربية تمت ترجمته إلى الاسبانية، أوضح عبد الله الحيرش ل«المساء» أن الاتصال جارٍ مع مديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية، وقال إن هذه الأخيرة عبّرت عن استعدادها لتلبية مطالب العائلات باسترجاع الجثامين، ولكن عندما تتوفر كل الشروط، ولما يتم التواصل مع السلطات الاسبانية. ولم يُخف المتحدث أن موضوع إعادة الجثامين مسألة جديدة على المجتمع المدني بالجنوب، ذلك أنه لم يسبق لعائلات ضحايا الهجرة بالأقاليم الصحراوية أن تقدمت بطلب من هذا القبيل، موضحا أن أهم الصعوبات تكمن في التواصل مع الجانب الاسباني رغم المحاولات الجارية. وكان مطار الحسن الأول بالعيون شهد يوم 27 فبراير المنصرم استقبال 7 جثث من أصل 26، فتم دفن جثتي الطفلين بوجمعة أخالان والغالي الشين بمدينة آسا، في حين تم دفن جثامين الأطفال عبد الله بلعبيد، وعبد الصمد بوشلكة، والبشير الراجع، وإبراهيم سركوح، والسيدة رياضة اعبيهداك بمقابر متفرقة بإقليم كلميم. ومن بين العائلات التي تنتظر عودة جثامين أبنائها تلك القاطنة ب«حي الجْواد» بطريق طانطان، إذ تنتظر لوحدها وصول جثامين 6 أفراد: الأطفال الحسين والسالك وعلي، وسلمى بوفوس، ووالدتهم امباركة غفير،، وابن أختها عدنان جبيري، فيما تنتظر 12 أسرة أخرى وصول جثامين الأطفال حمدان عبد ربه، وخالد غزواني، ورشيد الركراكي، ومحمد هرواش، وعلي هيّا، ولهنى بلالي، ومحمد أشياه، وتوفيق الرخاوي، وخالد الزمزمي، وجمال البريمي، ورحال إبراهيم، وأحمد الزعيم.