يبدو أن حرب الطماطم ذات أبعاد محلية بين المغرب وإسبانيا حيث استنكفت مدريد ونظيرتها الرباط عن الإدلاء بأية تصريحات رسمية بخصوص كرة الثلج التي بدأت تتدحرج رويدا رويدا من أعالي جبال سييرا نيفادا، أمام مركز الاحتجاج في الأندلس. قبل سنوات، كانت الحرب مشتعلة بين مدريدوالرباط عبر قناة بروكسيل من أجل توقيع اتفاقية جديدة للصيد البحري بعد رفض المغرب تجديد الاتفاقية وتلويح رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق خوسي ماريا أثنار بتهديداته الشهيرة، في هذه الأجواء، وصف الخبير المغربي في العلاقات بين مدريدوالرباط، محمد العربي المساري، العلاقات المغربية الإسبانية بكونها تفوح برائحة السردين. لكن يبدو أن البلدين تجاوزا الآن أزمة السردين وانتقلا إلى أزمة الطماطم، فإسبانيا قررت أن تنقل تقليد حرب الطماطم الذي تجريه كل سنة إلى المغرب، إذ ما زالت لوبيات المقاولين الإسبان المشتغلين في مجال تصدير الخضروات والفواكه تتراكم مثل سحب سوداء من أجل قطع الطريق نهائيا على الطماطم المغربية التي تدخل الأسواق الأوربية. واندلعت الأزمة، كما أشرنا في رسالة الأسبوع الماضي عندما أعلن عدد من حكومات الحكم الذاتي في إسبانيا حربا مفتوحة ضد الطماطم المغربية واعتبار تصديرها إلى الاتحاد الأوربي يلحق ضررا بالاقتصاد الزراعي لعدد من المناطق، وهكذا وقع وزراء الزراعة في حكومات الحكم الذاتي في كل من أقاليم الأندلس وفالنسيا وجزر الخالدات ومورسيا على بيان ضد بعض الجوانب الخاصة باتفاقية الزراعة التي يجري التفاوض بشأنها في الوقت الراهن بين المغرب والمفوضية الأوربية، وبالخصوص الطماطم، إذ تنتج الأقاليم الأربعة 90 من الطماطم الإسبانية وتصدر 100 من هذه المادة الزراعية. والواقع أنه عكس حرب السردين التي كانت تتم على مستوى مركزي بين البلدين، يبدو أن حرب الطماطم ذات أبعاد محلية بين البلدين، حيث استنكفت مدريد ونظيرتها الرباط عن الإدلاء بأية تصريحات رسمية بخصوص كرة الثلج التي بدأت تتدحرج رويدا رويدا من أعالي جبال سييرا نيفادا، أمام مركز الاحتجاج متمركزا في الأندلس. السينما المغربية خصصت مؤسسة «البيت العربي» الأسبوع الجاري للسينما المغربية عبر عرض عدة أفلام حديثة مثل فيلم «سميرة في الضيعة» وفيلم «فين ماشي يا موشي». والواقع أن الإقبال على الأفلام المغربية من طرف الجمهور الإسباني بمدريد كان ملفتا للانتباه خلال هذه الدورة، إذ غصت قاعة العرض السينمائي والندوات ب«البيت العربي» بإسبان جاؤوا ليكتشفوا السينما المغربية، وخرج بعضهم من القاعة مشدوها نظرا إلى قوة المشاهد التي تضمنها فيلم «سميرة في الضيعة»، فالسينما تعبير جيد عن تطور الشعوب، وأكيد أنها ساهمت في دفع بعض الإسبان إلى تغيير فكرتهم عن المغرب الذي يظنون أن لا حواضر أو سيارات أو قطارات به، بل مجرد قرى ترعى فيها الدواب والماشية، وهو ما تعمل وسائل الإعلام الإسبانية المرئية على ترسيخه منذ عقود في ذهنية المواطن الإسباني البسيط الذي يجهل، في كثير من الأحيان، حتى اسم العاصمة المغربية. متاعب ثباتيرو بحلول هذا الأسبوع، تكون قد مرت سنة على انتخاب المحامي الشاب لويس رودريغيث ثباتيرو رئيساً للحكومة الإسبانية لولاية ثانية، لكن بين ذلك اليوم الذي خرجت فيه نائبته الأولى ماريا تيريزا دي لافيغا من أجل تحية المناصرين للحزب الذين اجتمعوا أمام مقر الحزب الاشتراكي في شارع فيراث بمدريد، واليوم الذي يطفئ فيه الرجل شمعته الأولى في قصر المونكلوا في ولايته الثانية، عاش ثباتيرو، بكل تأكيد، خلال هذه السنة ضغطا لا يطاق، بعدما بدا عدد العاطلين في شبه الجزيرة الإيبيرية يلامس أربعة ملايين شخص، وهو المعدل الذي لم تصل إليه إسبانيا منذ انطلاق المسلسل التنموي الفعلي في السنوات الأولى من ثمانينيات القرن. فمنذ سنة نزل ثباتيرو من قطارات الضواحي، وأقر بأنه ارتكب عددا من الأخطاء خلال ولايته الأولى، خصوصا ثقته الزائدة في نشطاء منظمة إيتا الباسكية الذين جرهم إلى طاولة المفاوضات وحلم بأنه سيكون أول رئيس حكومة يسل الشوكة المنغرسة منذ عقود في خاصرة إسبانيا، لكن أحلامه هوت مثل قصور رملية بقيام الجناح المتطرف داخل منظمة إيتا بتنظيم تفجير في مطار مدريد باراخاس في دجنبر 2006، وتعلم إثرها ثباتيرو أن السياسة لا تبنى على الأحلام، وكانت تلك نقطة سوداء في سجله وهو يدافع عن نفسه أمام ملايين الناخبين الذين وجدوا فيه وجها أفضل من غريمه ماريانو راخوي، فقرروا أن يصوتوا عليه لأربع سنوات أخرى بقصر المونكلوا، خصوصا أن سجل تحركاته الدولية كان إيجابيا بعدما خصص السنتين الأوليين من حكمه لتحسين صورة إسبانيا وإعادة الثقة إلى العلاقات بين مدريد وعدد من عواصم العالم بعدما أضر بها خوسي ماريا أثنار كثيرا بركوبه عربة القيصر وانجراره وراء جورج بوش في حرب خاسرة بالعراق لتقاسم غنائم النفط. خلال ولايته الأولى، كان ثباتيرو يواجه خطر الإرهاب الإسلامي الذي تسبب في أحداث مدريد وخطر الانفصال السياسي في الباسك بعد النقاشات التي أثيرت حول مشروع الاستفتاء المقدم في إقليم الباسك وتزايد حدة المطالب القومية في كتالونيا، وكذا إيجاد موقع لائق لإسبانيا في الخارطة الدولية عبر طرح مبادرة تحالف الحضارات التي صفقت لها عدة دول، لكنه يجد نفسه الآن أمام خطر واحد هو تزايد جيوش العاطلين كل يوم، الرجل يشعر بأن البلاد تغرق ويريد ربح الوقت.. إن إحساس شخص كان ينظر من النافذة إلى منظر جميل ويبتسم فرحا وغبطة، وفجأة وجد نفسه ملقى به من النافذة ويسبح في الهواء. المقربون من رئيس الحكومة الإسبانية يقولون إن عددا من طباعه تغير، فالرجل يواجه ضغطا كبيرا حتى من الشارع، عديدون يحملونه مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إسبانيا، بل حتى الصحافيون الذين يحضرون إلى قصر المونكلوا، بين الفينة والأخرى، من أجل تغطية ندواته الصحافية لاحظوا أن نحافة المحامي الشاب زادت، وكذلك عصبيته. اليمينيون يجدون في الأزمة الاقتصادية أحسن جسر من أجل عبورهم مرة أخرى إلى المونكلوا الذي قطنوا به مدة ثماني سنوات قبل أن تطردهم تفجيرات أسامة بن لادن، لكن ثباتيرو وجد بدوره في حرب ملوك الطوائف المندلعة في صفوف الحزب الشعبي خلاصا له، فانقسامات الحزب الشعبي تجعل صقوره لا يوحدون جهودهم من أجل التنكيل بثباتيرو الذي يجد نفسه وحيدا في مواجهة الإعصار، بل حتى وزيره في الاقتصاد بيدرو سولبيس، الذي يوصف بأشنع الأوصاف الآن من طرف الإعلاميين المحسوبين على اليمين، تمنى لو أنه كان يحمل صفة وزير سابق، وهو التعليق الذي انفلت من لسانه بعد استقالة وزير العدل السابق بيرميخو قبل حوالي أسبوعين.