في الوقت الذي أطلقت فيه وزارة التنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة بتعاون مع وزارة الداخلية، نهاية الأسبوع الماضي، حملتها التحسيسية الثانية للتواصل بهدف تشجيع مشاركة وترشيح النساء للانتخابات الجماعية المقررة يوم 12 يونيو المقبل، لامت فعاليات سياسية نسائية الأحزاب السياسية على عدم قيامها بما يلزم للرفع من المشاركة النسائية وتهميشها، واصفة تعاطي هذه الأحزاب مع قضية مشاركة المرأة، بأنه تعاطٍ يغلب عليه منطق الإقصاء ليظل المشهد الحزبي المغربي فضاء رجوليا بامتياز، تقول إحدى الفعاليات النسائية. وحملت فاطمة فرحات، عضو مؤسس للحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء في أفق المناصفة والمستشارة الجماعية بإحدى جماعات الدارالبيضاء، المسؤولية للأحزاب السياسية في تغييب مسألة الرفع من مشاركة النساء في الاستحقاقات الانتخابية كمنتخبات، سواء في المجالس المحلية أو الجهوية أو على صعيد مؤسسة البرلمان، مضيفة أنه “في الوقت الذي تبذل فيه الدولة ما بوسعها من أجل ضمان مشاركة فعالة للنساء، تبقى الأحزاب غائبة تماما عن الساحة الوطنية للتعريف بأهمية الرفع من مشاركة العنصر النسوي في هذه الاستحقاقات”. ودعت فرحات، التي كانت تتحدث إلى “المساء”، كافة القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني إلى الانخراط في الحملات التي تقوم بها حركة من أجل ثلث المقاعد، لتوعية العنصر النسائي بالمجتمع المغربي، وحثه على تقلد مناصب المسؤولية، مشيرة إلى أن الحركة ما فتئت تنخرط في حملات تحسيسية من خلال لقاءاتها مع المواطنين، وكذا من خلال الزيارات التي تقوم بها ممثلات الحركة إلى عدد من المستشارات في أماكن عملهن، بالإضافة إلى ورشات العمل مع وزارة التضامن، والتي سيتم عقد لقاء مفتوح معها هذا الأسبوع بخصوص نفس الموضوع. وتلخص “الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء في أفق المناصفة”، التي تتكون من نحو ألف جمعية من مختلف مناطق المغرب، أهم مطالبها في: نبذ نظام الاقتراع الأحادي بالأغلبية، لأنه لا يوفر، حسب الحركة، أي حظوظ للنساء، والإبقاء على نمط الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي، وتعزيزه بمجموعة من الإجراءات التقنية التي تمكن من تحسين أدائه، ثم مطلب تضمين قوانين الانتخابات لإجراءات تضمن حصول النساء على ثلث مقاعد المجالس المنتخبة على الأقل، وهو ما لم يتم في التعديلات الأخيرة، وهناك أيضا ما تصفه الحركة مطلب إدماج مقاربة النوع في كل مراحل العملية الانتخابية. إلى ذلك، اعتبرت ميلودة حازب، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، المساند للحكومة، أن الفضاء الحزبي المغربي يبقى فضاء رجوليا بامتياز، موضحة أنه “رغم كل ما تم تحقيقه من مكاسب لفائدة النساء ورغم مجهودات الدولة في هذا السياق، فإن بعض الأحزاب ما تزال تعتبر مسألة المرأة مجرد ورقة وشعارات ترددها كلما سنحت الفرصة، بحيث نجد الأحزاب تبدي تعاطفها مع قضية المرأة ومناصرتها، خلال الاجتماعات والندوات، لكن لا يتم تفعيل كل هذه الخطابات على أرض الواقع عندما يحين وقت الاستحقاقات، مما يعتبر خذلانا يمارس من طرف الأحزاب لقضية المرأة”. وأضافت حازب، في تصريح ل”المساء”، بأن الدولة تقوم بما يلزم بخصوص التشجيع على رفع نسبة مشاركة المرأة، وفي هذا الصدد تقدمت وزارة الداخلية بمشروع يخص تحفيز المشاركة النسائية في الانتخابات، والذي صادق عليه مجلس النواب، ليصبح القانون الانتخابي ينص على ما تمت تسميته ب”التمييز الإيجابي” في إطار لوائح انتخابية إضافية، وسيسمح للنساء بتمثيل 12.5 بالمائة من مجموع منتخبي الجماعات المحلية على الصعيد الوطني، أي بحوالي 3260 مستشارة، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه النسبة حاليا 0.5 بالمائة، أي أن النساء حاليا لا يُمثلن سوى ب 127 مستشارة بالمجالس المحلية، وهو رقم جد هزيل. وخلصت ميلودة حازب إلى أن “حزبها أعطى أولوية كبيرة للمرأة، بحيث يكاد يكون هو الحزب الوحيد الذي تفاعل بشكل إيجابي مع مقترحات الحركة من أجل الثلث، فبادر إلى منح 30 بالمائة للنساء في مختلف أجهزة الحزب”. وكانت وزارة الداخلية أعلنت، يوم السبت الماضي، بمناسبة انطلاق الحملة التحسيسية الثانية المنظمة تحت شعار”النساء في الجماعات: رافعة للحكامة المحلية”، عن تخصيص عشرة ملايين درهم لتمويل صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء. إلى ذلك، اعتبرت بسيمة الحقاوي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المعارض، أن الاستحقاقات المقبلة ستكون فرصة سانحة لكل الأحزاب السياسية لإبراز مدى صحة مقاربة مسألة المشاركة النسائية وتعاطي هذه الأحزاب معها، مشيرة إلى أن توصيات حزب العدالة والتنمية والأوراق الصادرة عنه تؤكد كلها على منح “كوطة” تقدر ب20 في المائة، للعنصر النسائي، بداخل جميع أجهزة الحزب، إضافة إلى تكليف عدة نساء بداخل الحزب بالإشراف على عدد من الملفات والقضايا المختلفة. وأشارت الحقاوي، في تصريح ل”المساء”، إلى أن حديث البعض عن إغفال الأحزاب للجانب التوعوي بخصوص الرفع من مشاركة المرأة، “حديث لا يهم حزبنا، لأن تجربتنا تؤكد مدى الأهمية التي يوليها حزبنا للمرأة، وكدليل على مدى نجاعة توجه الحزب بخصوص تعاطيه مع رفع نسبة مشاركة المرأة، النتائج المحصل عليها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي تعتبر أكبر نسبة للنساء الفائزات بمقاعد في البرلمان من بين كل الأحزاب.