أعاد الخلاف الدائر حاليا بين حزب الاتحاد الاشتراكي وحليفه التاريخي حزب الاستقلال على خلفية الاقتطاع من أجور المضربين ومطلب الإصلاحات الدستورية، الحديث عن موقف تنظيمات الحزب، خاصة الشبيبة الاتحادية، من استمرار حزب الشهيد المهدي بنبركة من عدمه في حكومة تسببت المشاركة فيها في اندلاع أزمة غير مسبوقة داخله. وبالنسبة للمهدي مزواري، الكاتب الوطني بالنيابة لشبيبة الاتحاد الاشتراكي، فإن الحديث عن سيناريو الخروج من الحكومة الحالية»لا محل له من الإعراب ولا يمكن مناقشته بالشكل الذي يطرح حاليا، فدخولنا كان دخولا واعيا واستراتيجيا، وجاء بعد تفكير عميق، وبقرار اتخذه مناضلو الحزب وأجهزته»، يقول المسؤول الشبابي، قبل أن يضيف في تصريحات ل«المساء»: «قرار الانسحاب ليس قرار شخص بذاته أو المكتب السياسي بمفرده، وإنما هو قرار الاتحاديين أجمعين، وفي حالة ما قرروا أنه من المفيد مغادرة الحكومة، فحينذاك سيكون قرارهم ملزما للجميع، مكتبا سياسيا وشبيبة وتنظيما نسائيا ومناضلين. وعلى كل حال فالخروج من حكومة عباس الفاسي لن يكون نهاية التاريخ بالنسبة للاتحاديين». ويؤكد الكاتب العام بالنيابة للشبيبة الاتحادية، التي هي أحد الروافد الأساسية التي يعتبرها الحزب مدخلا طبيعيا ورئيسا لاستقطاب والتحاور مع فئة عريضة من المجتمع المغربي ممثلة في الشباب، أن ما حدث بمناسبة الجدل الدائر بين مكونات الأغلبية الحكومية حول الاقتطاع من أجور المضربين ومطلب الإصلاحات الدستورية، يقتضي إحداث رجة سياسية تؤدي في نهاية المطاف إلى توحيد الخطاب داخلها ووضع حد أدنى من التوافق. وكان تشكيل حكومة عبد الرحمان اليوسفي وممارساتها اليومية قد أدى إلى خلق تنافر حاد بين الحزب الاتحادي وشبيبته التي اعتبرت أن طبيعة تجربة حكومة اليوسفي تظل عاجزة عن فتح أوراش إصلاحات كبرى فعلية، وبالتالي تحقيق التغيير المنشود الذي ظل الحزب ينادي به. وإن كان الموقف ذاته سيتكرر، وإن بطريقة أخرى، بعد قرار قيادة الاتحاد الاشتراكي المشاركة في حكومة عباس الفاسي، رغم النداءات المطالبة بالعودة إلى صفوف المعارضة لاستعادة بعض من «مجده الضائع»، فإن محطة المؤتمر الثامن للحزب كانت كفيلة، على ما يبدو، بإسكات الكثير من الأصوات الشبابية التي كانت تجاهر بالدعوة إلى الانسحاب من الحكومة. يقول رضا حموز، عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية، «قبل المؤتمر الثامن للحزب كانت أصوات اتحادية تطالب بالعودة للمعارضة، غير أن هذا الموضوع حسم خلال المؤتمر بالاستمرار في المشاركة في الحكومة على أساس أن يتم تحسين وضعية الاتحاد الاشتراكي وأن تقدم له حقائب تناسب وضعه ومكانته». ويرى عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية أن » الحديث عن أي انسحاب من الحكومة قبل الانتخابات الجماعية، هو قرار غير صائب وارتجالي ولا يراعي المشهد السياسي الحالي، خاصة أن هناك عزوفا عن المشاركة السياسية، وبالتالي فإن من شأن مثل هذا القرار أن يدخل المواطن المغربي في ارتباك»، مشيرا في حديثه ل«المساء» إلى أن بلاغ المكتب السياسي الصادر عقب تصريحات رئيس الأغلبية الحكومية الحالية «رد فعل طبيعي ولا ينبغي ربطه بالتلويح بالانسحاب من الحكومة، غير أن ما يمكن التأكيد عليه، بهذا الصدد، هو أن الاتحاد الاشتراكي سيعارض الحكومة إذا ما اتخذت مواقف غير شعبية».