أعرب خبير إسباني في قضية الصحراء عن استغرابه كون المغرب يطرح مبادرة للحكم الذاتي في الصحراء، المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، بينما يمنع قانون الأحزاب تأسيس أحزاب سياسية على أساس جهوي. وقال لوبيز غارسيا برنابي، صاحب عدة مؤلفات حول المغرب وتاريخ النزاع في الصحراء والعلاقات المغربية الإسبانية، في تصريحات ل«المساء» أمس على هامش زيارة المبعوث الأممي الجديد في الصحراء كريستوفر روس لمدريد، إن المغرب «بالرغم من كونه يتحدث عن الجهوية فإنه لم يستثمر ذلك من أجل خلق مناخ جديد في المنطقة»، مضيفا قوله إن الانتخابات الجماعية، المقرر إجراؤها في 12 يونيو المقبل، كانت ستشكل فرصة جيدة في هذا الإطار، «لكن القانون (قانون الأحزاب)يمنع إنشاء أحزاب سياسية على أساس جهوي، وبدون أحزاب جهوية من المستحيل تثبيت ديمقراطية جهوية ذات مصداقية». وأوضح غارسيا برنابي أن مبادرة الحكم الذاتي، التي طرحها المغرب وشكلت أساس الجولات الأربع من المفاوضات التي احتضنها منتجع مانهاسات بضواحي نيويورك، تمثل«الطريق السليم، لكن ذلك يتطلب إجراء تعديلات دستورية وخطوات متقدمة في مجال الديمقراطية بالمغرب». وفي تصريحات موازية لعبد المجيد بلغزال، نائب رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس)، قال هذا الأخير ل«المساء» إن عدداً من الخبراء الإسبان، وكذا من قيادات البوليساريو، أصبحوا يدعمون مبادرة الحكم الذاتي للمغرب بوصفها الوسيلة الأنجع لحل النزاع الطويل، لكنهم متخوفون، حسب تعبيره، لكونها غير مدعومة بأي تعديلات دستورية تجعلها راسخة وتضمن للجهوية الاستمرار. وأضاف بلغزال أن عدداً من أعضاء البوليساريو يؤيدون خطة الحكم الذاتي لكنهم في نفس الوقت يخشون أن يكون ذلك لمدة عشرين سنة مثلا ثم يتراجع المغرب عن تلك التجربة. وقال عضو الكوركاس إن الملك محمد السادس أعلن في الذكرى ال33 للمسيرة الخضراء، في نوفمبر الماضي، عن إنشاء لجنة استشارية متعددة الاختصاصات للانكباب على وضع تصور عام للجهوية، وتوقع أن يتم تشكيل هذه اللجنة بعد الانتخابات الجماعية القادمة. من جانب آخر، استبعد الخبير الإسباني، لوبيز غارسيا، احتمال تراجع إسبانيا في دعمها لمخطط الحكم الذاتي للمغرب في الصحراء، بمناسبة الزيارة التي قام بها المبعوث الخاص إلى مدريد أول أمس، وقال إن الحكومة الإسبانية لا تزال ترى أن اتفاقا سياسيا حول حكم ذاتي موسع في الصحراء يتم عرضه بعد ذلك على استفتاء عام هو الحل الممكن للنزاع. ورأى بلغزال، في نفس السياق، أن الموقف الإسباني من قضية الصحراء قد تطور كثيرا في السنوات الخمس الأخيرة، مع وصول الحزب الاشتراكي العمالي إلى الحكم، لكنه لم يقترب كثيرا من الموقف الفرنسي الداعم للمغرب. وقال بلغزال إن تردد مدريد في دعم المخطط المغربي، وحديث المسؤولين الإسبان عن تقرير المصير للشعب الصحراوي، مرده العامل النفسي بسبب الاحتلال الطويل للأقاليم الجنوبية المغربية، غير أنه لاحظ تحولا في مواقف المجتمع المدني الإسباني التقليدية إزاء النزاع، مثل منطقة كاطالونيا التي كانت داعما تقليديا للبوليساريو، وفسر التحول في الموقف الرسمي بالتحول الذي حصل لدى مكونات المجتمع المدني الإسباني في السنوات الأخيرة. وقد جددت الحكومة الإسبانية، أول أمس، دعمها لمسلسل المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، خلال استقبال كريستوفر روس، في أول جولة له بالمنطقة. وقال كاتب الدولة في الخارجية الإسبانية، أنخيل لوسادا، إن بلاده تدعم اتفاقا سياسيا بين الطرفين يكون «عادلا ودائما ومتفقاً عليه»، مؤكدا انخراط إسبانيا الإيجابي للتوسط بين الطرفين تحت مظلة الأممالمتحدة.