وصلت تداعيات تصريحات خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء (الكوركاس)، بخصوص شهادته التي تحدث فيها عن قمع الضباط المغاربة للصحراويين، إلى مكتب القاضي الإسباني بالتثار غارثون، حيث أرسل مؤخرا مذكرة إلى السلطات المغربية ووزارة العدل المغربية يطالبها بالاستماع إلى ولد الرشيد. وأفادت مصادر قضائية إسبانية «المساء» بأن أعضاء الجبهة المتمركزون بمدريد انطلقوا في اتباع المساطر القانونية بهدف تقديمها إلى المحكمة الوطنية الإسبانية قصد الاستماع إلى خليهن ولد الرشيد في الملف الذي يعود تاريخه إلى 30 أكتوبر الماضي، وهي الشكاية التي قرر فيها غارثون قبول النظر فيها بعدما تقدم بها انفصاليون ضد 13 مسؤولا مغربيا بتهمة الوقوف وراء اختفاء 542 صحراويا في الفترة ما بين 1976 و1987 في الصحراء. وذكر برنابي لوبيث غارسيا، الخبير الإسباني في ملف الصحراء وعضو لجنة ابن رشد، ل«المساء» أنه «على المغرب الاعتراف بأخطائه المرتكبة في الصحراء حتى يتمكن من تحقيق تواصل بناء مع جبهة البوليساريو». وأضاف الخبير الإسباني أن أية محاكمة لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في المناطق الصحراوية خلال سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي يجب أن تجرى في المغرب وليس خارجه، مستغربا كون «بعض المسؤولين عنها مازالوا يتحملون مسؤوليات كبرى داخل مراكز القرار بالمغرب». وقال برنابي إن «تصريحات خليهن ولد الرشيد العميقة لم يكن لها أثر بالغ، كما أنها لم تؤثر سلبا في تعيينه على رأس الكوركاس». وحسب المصادر القضائية الإسبانية، فإن شهادة ولد الرشيد أمام هيئة الإنصاف والمصالحة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الصحراء، والتي تصفها «جمعية آباء وأولياء المختطفين الصحراويين» التي يرأسها شخص يدعى عبد السلام عمر المقيم حاليا في إسبانيا، ب«المجازر وحالات التعذيب»، أصبحت من الناحية القضائية دليلا إضافيا ضد واحد وثلاثين مسؤولا مغربيا، من بينهم الجنرال عبد الحق القادري، وعبد الحفيظ بنهاشم المدير السابق للأمن الوطني والذي عين مؤخرا مندوبا عاما لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والجنرال حسني بنسليمان، والكولونيل مصطفى الحمداوي الذي كان مكلفا حينها بقيادة الدرك الملكي بمدينة طانطان. وتساءل برنابي عن سبب إدلاء خليهن بتلك التصريحات، وعما إذا كان الهدف منها هو وضع بعض الأشخاص في الواجهة أم أن الأمر يقلقه فعلا، وما إذا كان يريد بالفعل تقديم المساعدة إلى هيئة الإنصاف والمصالحة، يتساءل برنابي. من جهته، أفاد دبلوماسي إسباني سابق في الرباط، بأن الجنسية الإسبانية التي يتمتع بها خليهن ولد الرشيد ستطرح عددا من الإشكاليات القانونية في حالة استدعائه من طرف القاضي الإسباني غارثون للإدلاء بشهادته في الملف، هذه الشهادة التي قال فيها ولد الرشيد قبل تعيينه على رأس الكوركاس: «إن ضابطا مغربيا ألقى بصحراويين في البحر من الطائرة، وإن جرائم حرب ارتكبت في الصحراء إبان الحرب»، وتساءل مصدرنا عما إذا كان سيتم استدعاؤه باعتباره مواطنا إسبانيا أم مسؤولا مغربيا، وهو الإجراء الذي «قد يقبل به خليهن أو يرفضه»، يعلق برنابي لوبيث غارسيا. ومنحت الجارة الشمالية مؤخرا الجنسية الإسبانية لعدد من أعيان الصحراء، من ضمنهم قياديون في مجلس الكوركاس. كما سبق لقاضيين إسبانيين، أحدهما في مدينة باداخوس والآخر في مدينة قرطبة، أن أصدرا مؤخرا قرارا بمنح الجنسية الإسبانية لأكثر من 530 صحراويا وصحراوية ينحدرون من مدينة العيون وبوجدور ومدن أخرى جنوب المغرب، استنادا إلى بطائق تعريف إسبانية كان يتوفر عليها آباؤهم وأجدادهم إبان فترة تواجد الإسبان في المنطقة، فيما تم استثناء عدد من طلبات سكان مدينة سيدي إيفني رغم كونها كانت مستعمرة إسبانية، وهو الإجراء الذي يستغربه برنابي لوبيث غارسيا. في هذا الصدد، ذكر محمد رضا الطاوجني، رئيس «جمعية الصحراء المغربية»، أن إسبانيا تستعمل منح الجنسية الإسبانية للصحراويين كورقة سياسية في علاقتها بالمغرب بخصوص ملف الصحراء، كما أنها تستغل عددا منهم كعملاء لها، مضيفا أنها تساومهم بخصوص منحها الجنسية لهم. وفي هذا السياق، أوضح برنابي لوبيث غارسيا أن إسبانيا لا يمكنها منح الجنسية لسكان مخيمات تيندوف، لكون هذه الأخيرة لم تكن أبدا ضمن مستعمراتها. من ناحية أخرى، علمت «المساء» بصدور تعليمات قضائية إسبانية تنصح عددا من القضاة «بالتوقف حاليا عن منح الجنسية الإسبانية لعدد كبير من طلبات سكان المدن الجنوبية، تفاديا لوقوع توتر جديد في علاقتها مع الرباط بسبب ذلك»، كما أفادت مصادرنا بأن مصالح السجل المدني الإسباني بمدينة قرطبة عرفت هذا الشهر نزوح أكثر من 250 شخصا من سكان المناطق الجنوبية بهدف الحصول على شهادة الإقامة رغم توفرهم مؤخرا على الجنسية الإسبانية، وذلك بسبب التسهيلات المقدمة لهم من طرف مصالح تلك المدينة.