علمت «المساء» أن وفدا مصغرا، يضم عضوين من المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس) ولجنة الصحراء بوزارة الداخلية، أجرى اتصالات مع المحامي الإسباني المكلف برفع دعوى قضائية في إسبانيا ضد مسؤولين من جبهة البوليساريو، من أجل إقناعه بالعدول عن ذلك الإجراء. ورجحت مصادر مقربة من ملف الصحراء أن يكون الدافع وراء تدخل أحد نواب خليهن ولد الرشيد، رئيس الكوركاس، ورئيس لجنة الصحراء بالداخلية، هو إبعاد الجمعية، التي نصبت نفسها طرفا مدنيا في الدعوى، عن الواجهة في الوقت الذي يشهد فيه ملف الصحراء تطورات ملفتة، خصوصا بعد الإعلان غير الرسمي للمبعوث الأممي في نزاع الصحراء، الهولندي فان ولسوم، تخليه عن مهمته وعدم تجديد ولايته لمرة خامسة، والتي انتهت يوم 22 من غشت الماضي. وقالت المصادر التي رفضت ذكر اسمها إن الهدف من وراء تلك الخطوة هو «عدم مزاحمة الكوركاس الذي يرأسه ولد الرشيد». وجاءت تلك الخطوة أسابيع قليلة بعد زيارة للجنة طبية مبعوثة من قبل المحكمة الوطنية الإسبانية لمقابلة الأشخاص الذين رفعوا الدعوى بمدينة العيون، وعددهم 72 شخصا، حيث تم تشخيص حالتهم والاطلاع على آثار التعذيب التي يحملونها على أجسادهم والاستماع إلى إفاداتهم، ووضعت ملفات طبية بكل حالة على حدة «تحتوي على معطيات محددة بخصوص الأضرار والمخلفات التي يعاني منها الضحايا، وبخصوص الظروف التي جرى فيها التعذيب»، وفق رسالة محررة من طرف قاضي التحقيق المركزي بالمحكمة الوطنية الإسبانية، توصلت «المساء» بنسخة منها، وتحمل تاريخ 17 يوليوز 2008. وفي تصريحات ل«المساء» قال رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي رفعت الدعوى، إن وفد الكوركاس ولجنة الداخلية «حاول إقناع المحامي الإسباني بأننا قبضنا المال من الدولة المغربية وبأننا لم ندفع له أتعابه»، وإن المحامي عقد ندوة صحافية في إشبيلية أعلن فيها أنه مجرد متطوع بدون مقابل. وتساءل مسعود عن الهدف من وراء هذا التدخل من أجل سحب الدعوى، خصوصا وأن جبهة البوليساريو رفعت دعوى مماثلة في العام الماضي، ينظر فيها القاضي الإسباني الشهير في قضايا الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية بالثازار غارثون. وتطرح هذه القضية مسألة تدبير ملف الصحراء في المغرب، فقد استبعد مصدر مطلع أن تكون الجمعية التي رفعت الدعوى ضد البوليساريو قد تصرفت من تلقاء نفسها، ومن دون تلقي ضوء أخضر من جهات معينة في الدولة، ويأتي تدخل الكوركاس ولجنة الصحراء بالداخلية ليظهر وجود جهات متضاربة في تدبير قضية الصحراء على مستوى الخارج. وذهب أحمد رضا طاوجني، رئيس جمعية الصحراء المغربية، حد المطالبة بفتح تحقيق رسمي في الموضوع لمعرفة الخلفيات وراء تلك الخطوة، وقال إنه «إذا كان هؤلاء قد تدخلوا من تلقاء أنفسهم فإن الأمر تصبح له علاقة بالخيانة، وإذا كانت جهة معينة قد دعمتهم فهذا يبين بأن هناك صراع دوائر متعددة داخل الدولة».