سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غضب شعبي وهوس إعلامي أمريكي بأم التوائم الثمانية معجزة طبية حقيقية احتفت بها وسائل الإعلام الأمريكية والدوائر الطبية والعلمية، قبل أن تنقلب الصورة وتتحول إلى فضيحة اجتماعية وأخلاقية
تهيمن قصة نادية سليمان، وهي مواطنة أمريكية من أصول عربية أنجبت ثمانية توائم قبل أسابيع، على وسائل الإعلام الأمريكية التي تتابع عن كثب تطور قضية الأم «المهووسة» بالممثلة أنجلينا جولي، خصوصا بعد الكشف عن تفاصيل مثيرة ومحيرة في حياة هذه الأم غير العادية. غضب شعبي عارم «اذهبي للبحث عن عمل كي تعيلي أطفالك الكثر وتوقفي عن التعامل وكأنك نجمة من نجوم المجتمع... الرب سيعاقبك على ما تفعلينه ودافعو الضرائب لن يمدوك بمزيد من المال أبدا»! هكذا صرخت سيدة أمريكية بيضاء في وجه نادية سليمان التي كانت تهم بملء خزان سيارتها بالبنزين في إحدى محطات الوقود بمدينة «ويتيير» بولاية كاليفورنيا. الكلمات الغاضبة التي تفوهت بها هذه المواطنة الأمريكية ليست سوى مثال بسيط على الغضب الشعبي العارم الذي يحس به الكثير من الأمريكيين تجاه نادية سليمان التي أنجبت قبل أسابيع قليلة فقط ثمانية توائم، في ما اعتُبر حينها معجزة طبية حقيقية احتفت بها وسائل الإعلام الأمريكية والدوائر الطبية والعلمية، قبل أن تنقلب الصورة وتتحول إلى فضيحة اجتماعية وأخلاقية يتابعها الأمريكيون عن كثب ويبحثون عن مستجداتها بشغف كبير. فالأم التي قاطعت وسائل الإعلام طوال الأيام التي تلت ولادة توائمها الثمانية أطلت أخيرا على المشاهد الأمريكي من خلال لقاء تلفزيوني تم بثه في وقت الذروة الصباحية، ليكتشف الأمريكيون أن تقاسيم وجه نادية سليمان تشبه حد التطابق «غير الجميل» وجه نجمة هوليوود أنجلينا جولي المعروفة بأطفالها الكثر. كما صُدم الأمريكيون عندما شاهدوا أمًّا نفساء تزين أظافرها بطلاء «الفرانش مانيكير» وتضع مساحيق الماكياج على وجهها بشكل لا يليق بحالتها الصحية، بالإضافة إلى نبرة صوتها الهادئة التي لا تنم عن أي قلق تجاه مستقبل أطفالها الثمانية. لكن الصدمة الحقيقية التي حولت نادية سليمان إلى قضية رأي عام داخل الولاياتالمتحدة كانت عندما كشفت تقارير صحفية أن أم التوائم الثمانية أنجبتهم عن طريق التخصيب الصناعي وأن لديها ستة أطفال آخرين ثلاثة منهم معاقون وبأنها غير متزوجة وعاطلة عن العمل وتعيش على إعانات الدولة وأن البنك سيحجز على البيت الذي تقطن فيه بسبب تخلفها عن دفع الأقساط التي بلغت قيمتها 23 ألف دولار، بالإضافة إلى هوسها بأنجلينا جولي وسعيها لتقليد نجمة هوليوود في إنجاب عدد كبير من الأطفال! كشف المستور مباشرة بعد الكشف عن هذه المعلومات، قامت كبريات القنوات التلفزيوينة بإنتاج تحقيقات ميدانية عن الأم التي باتت تعرف اختصارا ب«الأكتومام» وأجرت مقابلات معها ومع والدتها أنجلينا سليمان (أمريكية من أصول كرواتية) التي لم تتردد في التعبير عن امتعاضها من «تهور» ابنتها وغضبها من قرارها «تخصيب نفسها لإنجاب مزيد من الأطفال رغم أن لديها ستة أطفال، ثلاثة منهم يعانون من إعاقات مختلفة ويحتاجون رعاية دائمة». بل إن الأم سمحت لكاميرات التلفزيون بزيارة المنزل حيث تقيم العائلة التي تتكون من الأم أنجلينا وطليقها ديفيد سليمان وابنتهما نادية سليمان وأطفالها الستة. وكانت تلك بداية لتصاعد حدة الغضب الشعبي إزاء نادية سليمان وتحول قصتها إلى هوس إعلامي متواصل. فالصور التي تناقلتها معظم الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية الأمريكية كشفت عن بيت صغير متواضع من ثلاث غرف نوم، مبعثر الأثاث ومتسخ، وُضعت على أطرافه سرائر الأطفال الستة كيفما اتفق ورُميت الألعاب البلاستيكية في جوانب حديقته غير المشذبة ويعاني من تهالك بنائه وتقادمه. وبالموازاة مع تلك الصور البئيسة للبيت انتشر شريط فيديو للأم نادية سليمان وهي تمد أصابع كفيها لإحدى العاملات بصالون للحلاقة بينما تقوم الأخيرة بتنظيف أظافرها وتشذيبها وطليها على طريقة «الفرانش مانيكير»! كما عرض برنامج «نايت لاين» صورا لنادية سليمان وهي تتسوق في محل للألعاب الإلكترونية الذي غادرته لتقصد مقهى «الستارباكس» وتشتري قهوة «تول لاتي» بأربعة دولارات، مما حذا بعدد من «المتخصصين» في الدفاع عن أموال دافعي الضرائب إلى الاحتجاج على دفع ولاية كاليفورينا إعانات اجتماعية لأم التوائم الثمانية، والمطالبة بإجراء افتحاص دقيق للسجل المالي لنادية سليمان. فضيحة مالية وأخلاقية لم ينتظر بعض مقدمي البرامج الاجتماعية وحتى السياسية على القنوات الأمريكية كثيرا ليطالبوا ولاية كاليفورنيا بسحب أطفال نادية سليمان منها وتسليمهم للمؤسسات الاجتماعية التي تعنى بتربية الأطفال في وضعية صعبة، وقد أصر هؤلاء على مطالبهم أكثر بعدما بثت قنوات إذاعية ومواقع تهتم بأخبار الفضائح والمشاهير تقارير تفيد بأن نادية سليمان تسلمت من ولاية كاليفورنيا أكثر من 160 ألف دولار كإعانات لتربية أطفالها الستة خلال السنوات الخمس الماضية. لكن مطالب مقدمي البرامج التلفزيونية تحولت إلى مطالب شعبية ملحة بعدما أوردت التقارير الصحفية بأن نادية سليمان استعملت تلك الأموال لإجراء عملية تكبير الثديين مقابل أكثر من 23 ألف دولار وإجراء عمليات نفخ الشفاه وحقن الخدود وترفيع الحواجب وصبغ الشعر ولصق الخصلات الصناعية كي تشبه الممثلة أنجلينا جولي! كما أوردت تلك التقارير (مرفوقة بقرائن مادية ووثائق أصلية) أن نادية سليمان أنفقت أكثر من 100 ألف دولار على عمليات التخصيب الصناعية التي أنجبت على إثرها أطفالها الستة (اثنان منهم وُلدا على حدة وأربعة ولدوا توائم من اثنين)، كما أنها سجلت نفسها بجامعة محلية كي تحصل على الديون المخصصة للطلبة، وتتميز بمعدل فائدة منخفض للغاية وتسهيلات كثيرة في الدفع الذي لا يبدأ إلا بعد ستة أشهر من تخرج الطالب من الجامعة وعثوره على عمل. لكن نادية سليمان لم تكن مطالبة بدفع ديونها لأنها لم تنتظم في الدراسة وبقيت مسجلة في السجلات الإدارية للجامعة لكن دون حضورها الفعلي لفصول الدراسة لأنها كانت مشغولة طوال الوقت بالخضوع لعمليات تخصيب صناعية فحمل فولادة! لكن هذه الفضيحة المالية لا يمكن مقارنتها بالفضيحة الأخلاقية التي خلقت نقاشا حادا داخل الأوساط الطبية الأمريكية. فقد تقدم صديق قديم لنادية سليمان واعترف لبرنامج تلفزيوني بأنه الرجل الذي تبرع بحيواناته المنوية لنادية من أجل تخصيبها وزرعها في رحمها كي تحمل بأطفال، وشدد على أنه قام بذلك بداعي الشفقة بعدما جاءته نادية باكية ومنهارة وأخبرته بأنها تعاني من سرطان عنق الرحم وبأنها بحاجة لمتبرع «صحي» بحيوانات منوية حتى يتم تخصيبها وزرعها داخل رحمها كي تتمكن من إنجاب أطفال قبل أن يقتلها الوباء الخبيث! ومباشرة بعد تصريحات هذا الصديق، أطلقت البرامج الطبية نقاشا حادا حول مدى التزام الطبيب، الذي قام بتخصيب بويضات نادية سليمان بحيوانات منوية من متبرع كان «مجهولا» وزرعها في رحمها، بأخلاقيات مهنة الطب خصوصا وأن سليمان ليست محرومة من الأطفال بل لديها ستة وأن عمرها لا يتجاوز 33 سنة! وإثر الحملة الإعلامية المتشنجة التي رافقت تغطية هذا الموضوع، باشرت السلطات المختصة في ولاية كاليفورنيا بإجراء تحقيق دقيق حول عيادة الطبيب الذي أشرف على تخصيب نادية سليمان، ويتوقع الكثير من الأطباء المتخصصين في هذا المجال أن تلجأ السلطات إلى سحب رخصته لأنه قام مؤخرا بزرع أربع بويضات مخصبة في رحم سيدة في نهاية الأربعينات من عمرها رغم الخطورة الكبيرة التي قد يسببها ذلك الأمر على صحتها ورغم أن تلك السيدة، مثلها مثل نادية سليمان، عاطلة عن العمل وغير متزوجة ولا تستطيع تحمل مصاريف أربعة أطفال دفعة واحدة! تطورات لا تصدق وبسبب الهوس الإعلامي الذي باتت تحظى به هذه القضية داخل الولاياتالمتحدة والأصداء السلبية التي خلفتها، فقد رفضت شركات صنع الحفاظات وتلك التي تصنع ألعاب الأطفال وملابسهم التبرع بأي شيء لنادية سليمان التي كانت تعول على حصولها على حفاظات مجانية لأطفالها مدى الحياة تماما كما يحدث مع الأمهات اللائي يلدن عددا كبيرا من الأطفال داخل أمريكا وتنهال عليهن الهدايا والتبرعات من كل جانب. لكن سليمان لم تستسلم وقامت بتعيين مدير أعمال يسهر على تسويق صورتها لدى الرأي العام الأمريكي، مما مكنها من بيع مقابلات صحفية مع وسائل إعلام بريطانية وأمريكية مقابل أكثر من 500 ألف دولار. كما عمدت نادية إلى إنشاء موقع إلكتروني خاص بأطفالها نشرت فيه صور التوائم الثمانية الذين مازالوا يرقدون في مسشتفى عام بسبب ولادتهم المبكرة، وطالبت فيه زوار الموقع بالتبرع لأسرتها. لكنها اضطرت لإغلاق الموقع بعدما وصلتها 55 ألف رسالة غاضبة من مواطنين أمريكيين تبرموا فيها من قيام الحكومة المحلية في كاليفورنيا بدفع مصاريف أطفالها الستة واستعداد تلك الحكومة لدفع 1,2 مليون دولار كمصاريف ولادة توائمها الخدج الثمانية من أموال دافعي الضرائب خصوصا في ظل أزمة اقتصادية خانقة، تلقي على ولاية كاليفولانيا بشكل خاص وباقي الولاياتالأمريكية بشكل عام، ظلالا قاتمة من الخوف والفزع من تفاقم الأوضاع الاقتصادية وانهيار النظام المالي الأمريكي بشكل كامل. لكن شركة مشهورة متخصصة في إنتاج أفلام الخلاعة الجنسية خلقت مفاجأة غير متوقعة وأضافت لقضية نادية سليمان الكثير من توابل الإثارة والتشويق. فقد تقدمت شركة «فيفيد أنتريتايمنت» بعقد تفوق قيمته مليون دولار لأم التوائم الثمانية من أجل الظهور في فيلم إباحي لكن بشكل «محترم» يليق بأم نفساء. وبررت الشركة عرضها الموثق الذي أرسلته عن طريق محام بأن نادية سليمان «تستحق الاهتمام والكثير من الحنان، خصوصا وأنها لم تقم أي علاقة حميمية مع رجل منذ ثمان سنوات»! وكانت نادية سليمان قالت في مقابلة مع صحيفة «ذ صن» البريطانية إنها مشغولة كثيرا بأطفالها وليس لديها وقت لمواعدة الرجال لدرجة أنها لم تقم أي علاقة جنسية مع رجل منذ ثمان سنوات. ورغم أن نادية سليمان التزمت الصمت حتى الآن حيال هذا العرض فإنها خرجت في جولة تسوق للبيوت الباهظة الثمن في ضواحي مدينة «ويتيير»، حيث زارت بيتا باذخا تبلغ قيمته مليون ونصف مليون دولار، وقد رصدتها كاميرات الباباراتزي وهي تتجول في أرجائه وتتلمس ستائره وأثاثه الفخم! كما أن المنظمات المناهضة للأفلام الإباحية عبرت عن غضبها الشديد من العرض وحذرت نادية من القبول به خوفا على مستقبل أولادها الذين «سيخجلون من والدتهم عندما يكبرون»، وقام نشطاء في تلك المنظمات بتنظيم حملة للتضامن مع نادية سليمان تسعى لجمع تكاليف شراء حفاظات للتوائم الثمانية خلال السنوات الثلاث الأولى من حياتهم، بالإضافة إلى تشييد بيت كبير يسع العائلة بكاملها واقتناء حافلة نقل صغيرة للأم، التي تحولت إلى قضية رأي عام تتابعها كاميرات الباباراتزي في حلها وترحالها ويتابع الأمريكيون تطورات قضيتها من على شاشات التلفزيون وعبر المواقع الإلكترونية بكثير من الغضب والاشمئزاز!