في الوقت الذي حاول فيه مسؤولو حزب الاتحاد الاشتراكي بفاس تجنب استعمال أي ألفاظ جارحة في حق العمدة الاستقلالي حميد شباط، في الندوة الصحفية التي عقدوها مساء الأربعاء الماضي لتبرير مقاطعتهم للدورة ما قبل الأخيرة في عمر المجلس الحالي، وزع أنصار شباط في جل أنحاء المدينة منشورا يحمل توقيع مجلس المدينة، كال فيه عددا من الاتهامات للاتحاديين، واتهمهم بالعبث بالأموال العمومية في ولايتهم السابقة. ووصف شباط الاتحاد الاشتراكي ب«اتحاد الشركات»، مسجلا بأن خرجتهم الأخيرة ضده تقف وراءها «مغريات انتخابية». وتطرق منشور العمدة شباط إلى عدد من ملفات «سوء تدبير» الاتحاديين للشأن المحلي في الولاية السابقة، موردا ضمنها ما سماه ب«عملية احتيال» ضد أزيد من 1500 «ضحية»، في إطار ما يعرف بالمدينة بملف قطعة «جنان المنشية»، بجوار المدينة العتيقة. وأورد المنشور بأن الاتحاديين استهلكوا «كل المبالغ المالية التي تعد بالمليارات، والتي كانت مرصودة لعدة مشاريع بفاس دون أن تنجز منها حتى الأشغال الأساسية كالمركب الثقافي الحرية وخزانة حي زازا وسوق السمك بالجملة». كما اتهمهم بالوقوف وراء ما سماه ب«فضيحة ملعب الخيل الذي باعوه كله (31 هكتارا) في إطار صفقة مباشرة ب4 مليارات سنتيم». وقال المنشور إن شباط ألغى هذه الصفقة التي وصفها ب»المشبوهة»، والتجأ إلى مسطرة المزاد العلني عن طريق مؤسسة تابعة للدولة. ومكن هذا التدبير، طبقا للمصدر ذاته، من رفع المبلغ إلى 80 مليار سنتيم مقابل 11 هكتارا، مع تخصيص الباقي لمنتزهات عمومية. وعاد المنشور إلى القرض الذي سبق للبنك الدولي أن قدمه للمجلس البلدي لفاس، على عهد الاتحاديين، لإنقاذ المدينة العتيقة. وقال إن الاتحاديين استهلكوا كل اعتمادات القرض في مشاريع وصفها ب«الصورية والمشبوهة»، دون أن يخصصوا «حتى الواجب المطلوب من الجماعة، مما كان سيفجر أزمة خطيرة بين المغرب والمؤسسات الدولية». كما أشار شباط إلى أن عددا من الأحكام القضائية صدرت في حق المجلس، في عهد الاتحاديين، جراء عدم تسديد الديون الذاتية والمؤسساتية، «مما جعل كل الممتلكات والعقارات والمنقولات الجماعية مرهونة، بما فيها سيارة رئيس المجلس البلدي الاشتراكي السابق». وطغت هذه الاتهامات على الندوة الصحفية للاتحاديين، وفرض المنشور على محمد الدباغ، الكاتب الإقليمي للحزب والرئيس السابق للمجلس البلدي، تحويل الاستراتيجية من «الهجوم» إلى «الدفاع»، وحاول أن يرد على هذه الاتهامات، مفندا إياها بوثائق حملها معه. وقال إن السلطات الإدارية ووزارة الداخلية كانت تراقب عمل المجلس في ولايته، دون تسجيل اختلالات. وتفادى الدباغ استعمال الكلمات النابية في حق العمدة شباط الذي ظل يصفه تارة ب«الصديق» وتارة أخرى ب«السي حميد»، معتبرا بأن شخصيته تطبعها «النرفزة» والمزاجية وردود الأفعال وكيل الاتهامات. وفي مقابل منشور الاستقلاليين، تلا محمد بنيس، رئيس فريق الاتحاديين بالمجلس الجماعي، وثيقة باسم هذا الفريق، تطرقت، من جهتها، إلى ما قالت عنه إنه يشكل اختلالات في تدبير الشأن المحلي على عهد العمدة شباط. واتهمت الوثيقة، العمدة شباط بحجب الوثائق والمعلومات عن الاتحاديين، مضيفة بأن رئيس المجلس يعتبر نفسه «منفلتا من الرقابة القانونية وتأجيل كل المتابعات أو توقيع الجزاءات إزاء ما ارتكبه من اختلالات مخالفة للقانون». كما اتهم الاتحاديون شباط بحجب تقرير المجلس الجهوي للحسابات، الذي تطرق لأزيد من 30 مخالفة، ضمنها تراكم الديون وبيع ممتلكات الجماعة في المزاد العلني واختلالات تدبير الموارد البشرية والاستفادات غير القانونية واختلالات في تدبير الصفقات. وتساءلوا عن الباقي من تفويتات قام بها المجلس بقيمة تزيد عن 250 مليار سنتيم، مقارنة بصرفها الذي يقدر بحوالي 66 مليار سنتيم. وأشارت الوثيقة إلى أن العمدة ميع ملف «جنان المنشية» وتستر على كارثة السيول التي اكتسحت المدينة العتيقة ووضعية سد الكعدة وسد المهراز، كما أخفى كارثة حلت بحوالي 600 مواطن بمشرع كريم نتيجة مشروع «شاطئ الضياع»، في إشارة من الاتحاديين إلى الشاطئ الاصطناعي الذي بدأ المجلس في أشغاله. وإلى جانب ما سبق، تطرقت الوثيقة إلى ملفات عقارية قالوا إن تدبيرها شابه الغموض، معتبرين بأن المجلس البلدي فرض عليه بيع عدد كبير من أملاكه في المزاد العلني من أجل تسوية أحكام قضائية صدرت ضده. وبالرغم من أن الاتهامات بين الطرفين وصلت إلى حد «نشر غسيل» تدبير مدينة كتب عليها أن يتناوب عليها كل من الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، فإن الاتحاديين وصفوا حزب الاستقلال، خلال الندوة، بالحليف الاستراتيجي، وقالوا إن «احتجاجهم المشروع» لا يعني التحرر من التزامهم السياسي مع حزب الاستقلال. في وقت يترقب فيه جل المتتبعين أن يؤثر هذا الصراع بين الحزبين على فاس، في أجواء يطغى عليها الهاجس الانتخابي، على العلاقة بين عباس الفاسي، أمين عام الاستقلاليين وعبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاديين.