اسمه الحقيقي عندما كان مسيحيا هو سونياني شبكة، أمريكي المولد، إفريقي الأصول، وهو الآن يدعى سونياني يحيى. عمل في سلك الأمن طيلة حياته بالولايات المتحدةالأمريكية، قبل أن يحال على التقاعد عام 2006. جذوره الإفريقية كأمريكي أسود جعلته يستدير برأسه نحو القارة السوداء، بعدما اكتشف بجهوده الخاصة أن والده ينحدر من غانا، أرض العاج والفيلة. ويقول سونياني، مازجا بين عربية مضطربة وإنجليزية صافية، إن أصوله تلك دفعته إلى اختيار الاستقرار ببلد إفريقي، بعدما قرر اعتناق الإسلام عام2005، وربما الصدفة وحدها جعلته يحط رحاله في المغرب، وتحديدا بمدينة مكناس، لكي يشهر إسلامه أمام عدول. وخلال إقامته تلك تعرف على هجوج أمينة، التي تعمل أستاذة جامعية بمكناس، فتزوجها، وتمت مراسيم الزواج بالولايات المتحدة وفق الشريعة الإسلامية، وعادا معا إلى المغرب لكي يستقرا به. غير أن رغبته في الاستقرار بالمغرب ستصطدم بعدة عقبات، وستحول حياته إلى جهنم، وفق تعبيره شخصيا، في حديثه إلى «المساء». ويقول إن هذه الرغبة كان وراءها تعرفه على تاريخ المغرب وحضارته عندما كان طالبا في جامعة لوس أنجلس بكاليفورنيا، حيث تعرف في نفس الوقت على بعض تعاليم الإسلام، في وقت كانت حركة «أمة الإسلام» التي أثرت على الكثيرين من الأمريكيين السود، بينهم مشاهير كمحمد علي ومالكولم إيكس، منتشرة على نطاق واسع. و«أمة الإسلام» حركة دينية ظهرت وسط السود الأمريكيين كتعبير عن رد فعلهم على العنصرية، انطلاقا من فهم معين للإسلام، وتسمى أيضا بالبلالية، نسبة إلى مؤسسها إليجابول، أو إليجا محمد، الذي توفي عام 1975، ويتزعمها اليوم لويس فرخان، الذي أثار جدلا في أمريكا مؤخرا بدعمه لباراك أوباما. ويقول سونياني إنه عندما قرر اعتناق الإسلام تخوف من ردود الفعل على مبادرته داخل أمريكا، بسبب مهنته الحساسة أولا، وبسبب التوجس الأمني في أمريكا ضد هذا الدين، بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وإنه بدأ يتعرض لبعض الضغوط بعد إسلامه في الشهور الأولى، لذا فكر في الهجرة إلى المغرب للاستقرار به نهائيا. وإثر عودته إلى المغرب، بعد الزواج، قام بإجراءات الحصول على بطاقة الإقامة لمدة عشر سنوات، وهنا ستبدأ معاناته. ويتوقف عن الكلام لكي تتابع زوجته باقي القصة، إذ تقول: «لقد طلبت منا ثبوتات تعجيزية مثل التوفر على مبلغ 150.000 درهم في البنك لم تطلب من أي أجنبي آخر غير مسلم، أمريكيا كان أو أوروبيا، متزوج من مغربية. وفوجئنا بعد ذلك بالتماطل في تزويد زوجي ببطاقة الإقامة، وبقي يتردد على مكتب الزواج المختلط كل شهر طيلة سنة كاملة ليوقعوا له على الإيصال البديل عن البطاقة، في حين أن أجانب أمريكيين غير مسلمين في مثل وضعية زوجي حصلوا على بطاقة الإقامة لعشر سنوات بعد ثلاثة أشهر أو أربعة، طبقا للاتفاقية المبرمة بين أمريكا والمغرب». ويروي سونياني أنه تعرض، طيلة إقامته في مدينة مكناس، لكثير من المضايقات والمتابعات من طرف أشخاص مجهولين، بهدف تخويفه ودفعه إلى مغادرة المغرب، حيث كان هؤلاء يعترضون سبيله في طريقه إلى المسجد أو في الشارع، وكان بعضهم يحاول ضربه داخل المسجد، ويقول إن أحد الأشخاص اعترض طريقه في إحدى المرات أمام الناس وبدأ يصرخ واصفا إياه بأنه جاسوس أمريكي جاء إلى المغرب للتجسس. وطيلة تلك الفترة لم يحصل على بطاقة الإقامة، وبعد تدخلات سلمت له بطاقة إقامة صالحة لمدة خمسة أشهر فقط، وبصفة زائر، خلافا لما يتم العمل به مع الأجانب الراغبين في الإقامة بالمغرب. خلال المضايقات التي كان يتعرض لها سونياني تمكن هذا الأخير، وبفضل خبرته في مجال الأمن، من التقاط صور سرية للأشخاص الذين يتابعون خطواته أولا بأول، ورقم لوحات السيارات التي كانوا يستعملونها. ويقول إنه أثناء زيارته مرة لمركز أمني بمكناس فوجئ بأن واحدا من هؤلاء رجل أمن، ما جعله يرفع شكوى ضد أولئك الأشخاص مرفوقة بالأدلة. ويضيف، في رواية قصته الغريبة، أنه خلال زيارته الأخيرة لإقليم دارفور بالسودان قبل أشهر قليلة، فوجئ بأن شخصين مغربيين كانا وراءه على متن الطائرة، وأن شخصا أمريكيا يعمل في الأمن بالسودان طلب منه صراحة سحب شكواه مقابل تمكينه من الحصول على ما يريد، ليزداد يقينا بأن جهات أمنية ربما هي التي تقف وراء المضايقات التي يتعرض لها. ويقول محامي سونياني، خليل الإدريسي، إن الشكاية التي وضعها لا تتعلق بأشخاص أمنيين، «لأننا حتى الآن لا نعرف هوية هؤلاء الأشخاص، لكننا نريد أن نعرف من يقف وراء هؤلاء ومن يحرك الخيوط»، القصة مثيرة بالفعل، وربما ستكون أكثر إثارة في مقبل الأيام.