غداة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، غادرت العديد من الفئران القارب الاشتراكي للالتحاق بباخرة نيكولا ساركوزي. كان إيريك بيسون، المقرب من سيغولين رويال، والنابغة السياسي، أحد المنشقين الذين جعل منهم ساركوزي، بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية، مهمازا «يضبر» به ظهر الاشتراكيين. ولد إيريك بيسون عام 1958 بمراكش، من أم لبنانية وأب فرنسي، وبعد تحمله لشلة ديال الوظائف (وزير دولة مكلف بالتخطيط المستقبلي وتقييم السياسات العمومية، رئيس حركة التقدميين، عمدة دونزير بمنطقة الدروم)، أصبح ابتداء من الخامس عشر من شهر يناير على رأس وزارة ما يجمعها غير الفم: وزارة الهجرة والإدماج والهوية الوطنية والتنمية المتضامنة. يلخص بعض المتخصصين في شأن الهجرة مهمة هذه الوزارة في مشروع يقوم على كلمتين لا غير: طرد الأجانب. وهكذا ما إن تقلد الوزير مهمته حتى أفصح من دون مواربة عن نية في طرد 27000 أجنبي هذه السنة، وهو نفس العدد الذي طرده عام 2008 الوزير السابق، وسيئ السمعة، بريس هورتوفوه، الذي عهد إليه بوزارة التشغيل. لتعزيز ترسانة المراقبة المكشوفة، مثل تصفح هوية الأشخاص تبعا لبشرتهم، أخرج الوزير من جعبته مقترحا عرضه على الماهجرين السريين: «الشكامة». كل من يشي بمهرب أو مهربين للهجرة السرية يحصل على أوراق إقامة!! نسي الوزير أنه في حالة الوشاية يمكن ليد المهربين أن تطال عائلة الشكام. ولإحكام «الزيار» على الأجانب، دعا الوزير في 13 من هذا الشهر إلى تطبيق مرسوم القانون الذي يشرع بإجراء فحوصات على l’ADN للأشخاص الذين يرغبون في الالتحاق بعائلاتهم ضمن قانون التجمع العائلي، وذلك لمعرفة هل هؤلاء الأشخاص هم من نفس الجينة أم لا. برر الوزير هذا الإجراء بالإشارة إلى أن فرنسا صادقت في خريف 2007 على إجراء هذه التجارب ضمن قانون مراقبة الهجرة، وبأن 12 دولة أوروبية تجري هذه الفحوصات من دون أن يثير ذلك أي هرج. وبما أنها لا زالت «تقاقي» وقع الوزير في 12 فبراير مذكرة تلزم الذين يرغبون في الالتحاق بعائلاتهم بتعلم اللغة الفرنسية في عين المكان. أيوا آش دير خالتك ميلودة التي تسكن بالبروج والتي ترغب منذ ستة أشهر في الالتحاق بابنها العامل بشركة بيجو؟ تشتكي، الله يحفظ، من أمراض بوزلوم، الضيقة، وأحيانا تايشدها بوفالج. لا تعرف من الأدوية سوى الكينة والسيرو. تجهل فصيلتها الدموية. ويتطلب علاجها فحوصات طبية دقيقة مع مراقبة مستمرة. أعد ابنها الغزواني كل الأوراق اللازمة تبعا لشروط تعجيزية لاستقبالها كي تتابع العلاج بأحد مستشفيات كليشي. «ما كفاتهاش ناكة، زادوها جمل»، عليها الآن أن تتعلم الفرنسية !! برافو. لكن، على حد علمي، لا تتوفر البروج على مدرسة حرة لتعليم الفرنسية !! «خرجة» إيريك بيسون تندرج في أفق الانتخابات الأوروبية التي ستقام ما بين 4 و7 يونيو القادم، والتي ستكون الهجرة أحد مواضيعها الساخنة. رغبة اليمين الساركوزي هي سحب البساط من تحت أقدام اليمين المتطرف بزعامة جان ماري لوبن، وبالتالي استقطاب ناخبي الجبهة الوطنية، التي لا تزال تحرك «بعبع» الهجرة بصفته «داء» يتهدد الهوية الوطنية الأوروبية. في ندوة صحافية عقدها بمارسيليا، التي ترشح لها نائبا في الانتخابات الأوروبية، أرخى جان-ماري لوبن كالعادة شدقه ضد المسلمين، الذين يتراءون له ك«حشرات تزحف على المدينة»، ليحذر من أنه يوم يبلغ عددهم 800,000 مسلم، سيحمل الفرنسيون اسماء «بن كذا»، بدءا من عمدة المدينة، جان-كلود غودان ساركوزي الانتماء، الذي سيصبح «بن غودان» !! من المنتظر أن يقوم إيريك بيسون بجولة في بعض الدول الإفريقية لشرح سياسة الحكومة الفرنسية في ملف الهجرة وتفسير إجراءات اختبارات ADN على المرشحين. إن كانت زيارته ستشمل المغرب، فنطالبه بأن يعرج على البروج لتفقد الحالة الصحية لميلودة التي لما أخبرها ابنها بآخر المستجدات في الملف، أي ضرورة تعلم اللغة الفرنسية، أجابته: جمافو يا وليدي، أنا باغا نموت.