وصف الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، انعقاد الدورة السابعة عشرة للمجلس التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء بالمغرب بأنه «إشارة قوية» إلى ارتباط المغرب بالقارة الإفريقية ومشكلاتها. وقال الفهري، في تصريحات للصحافة، عقب الجلسة الافتتاحية لاجتماع بلدان التجمع أمس بالرباط، إن المغرب يترجم باحتضانه لهذا الملتقى رغبته في الارتباط «بقارته ومشاكل قارته»، منوها إلى أن التحديات التي تواجه المنطقة تهم جميع الدول الأعضاء، ومؤكدا على ضرورة التصدي الجماعي لها. وتعد هذه المرة الثانية التي يتم فيها عقد هذا الملتقى بالمغرب، غير أن انعقاده في هذه المرحلة، التي يوجد فيها مشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية قيد المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو في مانهاسات بعد أربع جولات، يؤشر على تحول في العمق الاستراتيجي الإفريقي للمغرب، الذي فقد في الأعوام الماضية حلفاء له داخل القارة كانوا يؤيدون مواقفه من وحدته الترابية، وانحازوا إلى البوليساريو بسبب الفراغ الدبلوماسي الذي تركه المغرب بغيابه، بعدما غادر منظمة الوحدة الإفريقية عام 1984، احتجاجا على قبول عضوية الجبهة بها. وقال أمين عام التجمع، الليبي محمد المدني الأزهري خلال كلمته الافتتاحية، قبل بدء الجلسات المغلقة، إن بلدان هذا المنتدى الإفريقي تسعى إلى تفعيل آلية التدخل لفض النزاعات في المنطقة، التي تم التصديق عليها عام 2004 وتنتظر الدخول إلى حيز التنفيذ بعد مضي خمس سنوات. وأشار إلى تزايد المخاطر على الأمن والاستقرار في المنطقة، مثل الشبكات الإرهابية وتهريب الأسلحة الخفيفة وتهريب البشر وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة، كما أثار مسألة النزاعات الحدودية بين بلدان القارة الإفريقية التي تشكل عامل عدم استقرار وعقبة أمام التعاون بين بلدان التجمع. وأوضح وزير الداخلية شكيب بنموسى أن الجانب الأمني يشكل أحد أهم المحاور المدرجة في جدول أعمال هذه الدورة، وقال إن منطقة الساحل والصحراء تعتبر منطقة حساسة بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي وشساعة مساحتها والتحديات الأمنية التي تواجهها «مما يجعل منطقتنا يطالها تهديد حقيقي يسعى إلى النيل من جهود دولنا في تطوير مساراتها الديمقراطية والتنموية، وهو ما يستدعي منا الدفع بآليات عمل منظمتنا هذه في إطار مقاربة شمولية تعطي فعالية أكثر للتعاون والتنسيق بين بلداننا». من ناحيته، أكد الطيب الفاسي الفهري، في كلمته لدى جلسة الافتتاح، على خطر الانفصال الذي يهدد المنطقة، في إشارة مفهومة إلى تحركات جبهة البوليساريو والتهديدات المتوالية لقيادتها باحتمال العودة إلى السلاح في حال فشل المفاوضات. وقال إن المغرب مستعد لوضع خبراته رهن بلدان التجمع، من أجل محاربة الإرهاب والقضاء على عصابات تهريب المخدرات الصلبة والأسلحة الخفيفة والمهاجرين السريين. وقد استمرت اللقاءات المغلقة على مستوى الوزراء والخبراء في بلدان التجمع، للتباحث في قضايا الإرهاب والأمن الداخلي، حيث يرتقب أن تستمر تلك الأشغال إلى غاية يومه الثلاثاء. ويتشكل المجلس التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء من وزراء الخارجية والداخلية والأمن العام والاقتصاد المالية والتخطيط. وتأسس التجمع، الذي يضم 29 دولة، عام 1998 في ليبيا، ويهدف إلى إلغاء كافة القيود التي تحول دون إنعاش التبادل التجاري بين الدول الأعضاء وتعزيز وسائل النقل والتواصل بكافة أنواعه، وكذا تحقيق التكامل بين الأنظمة التربوية والتعليمية والعلمية والثقافية في مختلف مستويات التكوين وإقامة اتحاد اقتصادي شامل.