التهمت نيران حريق اندلع، زوال أول أمس، بالمحمية الدولية لسيدي بوغابة بالمهدية (إقليمالقنيطرة) العديد من هكتارات الغطاء النباتي للمحمية. وحسب مصدر مسؤول، فإن ألسنة النيران أتت على أربعة هكتارات من غابة بحيرة سيدي بوغابة، بعدما ظل الحريق مندلعا لما يزيد عن خمس ساعات. ولم يتسن معرفة حجم الخسائر الحقيقية التي تكبدتها المحمية الدولية جراء هذا الحريق في غياب بلاغ رسمي من الجهات المعنية. وأفاد المصدر ذاته أن رجال الوقاية المدنية وعناصر التدخل السريع للإطفاء الغابوي وجدوا صعوبة بالغة في إخماد الحريق، بعدما استعصى عليها الوصول إلى مكان اندلاعها، لانعدام المسالك المفترض تواجدها تأهبا لمثل هذه الحالات، خاصة بعد قرار الإغلاق النهائي لأحد الممرات التي تشق المحمية عبر مدينة القنيطرة. واستعانت السلطات بطائرات خفيفة لمحاصرة الحريق والحيلولة دون انتشاره، حيث شوهدت هذه الطائرات وهي تلقي بأطنان من المياه على المساحات الغابوية التي زحفت عليها النيران، في محاولة منها لوقف امتداد ألسنة اللهب إلى مناطق أخرى. هذا في الوقت الذي عجزت فيه العديد من شاحنات المطافئ في القيام بمهامها بعدما استحال عليها الانتقال إلى مكان الحريق. وكشف المصدر ذاته أن فرقة التدخل الجوي تمكنت من إخماد الحريق في حدود الرابعة من عصر اليوم نفسه، مؤكدا أن هذا الحادث لم يتسبب في أي خسائر بشرية، وأضاف أن لجنة بيئية خاصة انكبت على إجراء أبحاثها الميدانية لتحديد آثار هذا الحريق على الوضع البيئي للمحمية الدولية لسيدي بوغابة. واستبعد مصدر «المساء» وجود أي عملية مدبرة وراء هذا الحريق، ونفى صحة الشائعات التي أشارت بأصابع الاتهام في هذا الحادث إلى لوبيات العقار التي استطاعت الاستحواذ على أجزاء كبيرة من محيط المحمية لإقامة مشاريع سياحية، نظرا للموقع الاستراتيجي الذي تحتله المحمية، مؤكدا أن المصالح الأمنية فتحت تحقيقا معمقا للكشف عن الملابسات الحقيقية للحريق. وللإشارة، فإن المحمية الدولية لسيدي بوغابة تمتد على مساحة 650 هكتارا، وتحوي ما يناهز 210 أنواع من الأشجار والنباتات، جلها متأقلمة للعيش داخل الماء أو في التربة الكثيرة الرطوبة، مقاومة للحرارة الموسمية. كما تزخر بتنوع حيواني ثري، من ثدييات كالأرنب والفأر والقنية والسرعوب، إلى زواحف كالسلحفاة الإغريقية وسلحفاة المناقع والعظاءة المبقعة والحرباء، إلى ضفادع وحلزونيات وأنواع مختلفة من الفراشات، إضافة إلى تحديد أكثر من 140 نوعا من اللافقريات في المحمية. وأعلنت منطقة سيدي بوغابة محمية عام 1975، وصنفت عام 1980 ضمن قائمة «رامسار» للمناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية. وسميت هكذا، نسبة إلى رجل صالح اسمه سيدي محمد بن عبد الله الملقب «بوغابة» إذ عاش مختليا في هذه الغابة، وكان من المقاومين المشهورين للاستعمار.