«المرجة الزرقاء» محمية عالمية تتطلب المزيد من الاهتمام يتميز المغرب، بتنوعه الإيكولوجي الكبير والغطاء النباتي الكثيف والرصيد الحيواني العريض، و بكونه معبرا أساسيا للطيور المهاجرة بين قارتي أوربا وإفريقيا. وتتوفر المناطق الرطبة المغربية على ثروة أساسية وإرث حيواني هام، وتمثل محطة لاستقطاب لعدد هائل من الطيور المائية المقيمة والمهاجرة بين القارات، والتي تقضي نصف السنة تقريبا بأوربا والنصف الأخر بإفريقيا. وتعد المواقع الرطبة بالمغرب حلقات مترابطة لتأهيل موطن عيش معظم الطيور النادرة أو المهددة بالانقراض. هذا فضلا عن كونها مصدراً للماء، ولتربية الأسماك، وللزراعة، والعلف والخشب، وفضاء سياحيا وجماليا وترفيهيا، وذلك بفعل تنوّعها البيولوجي وإرثها الثقافي. وتكتسي المناطق الرطبة أهمية اقتصادية كذلك، إذ تعد ثروة طبيعية منتجة لمواد مختلفة توفر مواد معيشية للساكنة وخدمات إيكولوجية وظائف حيوية وبيئية لمختلف الكائنات الحية، ومصدرا مجددا مستمرا للمياه الجوفية والحد من تآكل التربة والتحكم في الفيضانات والتقليل من مخاطرها، وكذا الحفاظ على توازن الغاز في الهواء، ويمكن أن نجمل مهامها الرئيسية في ثلاث فئات رئيسية هي: البيوجيوكيميائية، الهيدروجيولوجية، ودعم الموائل والسلاسل الغذائية. وتمتد مجمل البحيرات والمستنقعات المغرب على مساحة إجمالية تقدر بأزيد من 200 ألف هكتار (ما يقارب 0.3% من مساحة البلاد) وعددها 24، يضاف إليها حوالي 3500 كلم من السواحل البحرية، فضلا عن شبكة الأنهار التي تعد بعشرات آلاف من الكيلومترات. وتعرف هذه المناطق باحتوائها للمياه كليا أو جزئيا أو تضم نسبة الرطوبة والماء خلال كامل السنة أو لفترة مؤقتة. وتنقسم هذه المناطق الى ما هو طبيعي من قبيل البحيرات والمستنقعات والشطوط،، واصطناعي كالسدود وغيرها. انخرط المغرب، منذ أن وقع على اتفاقية (رامسار) سنة 1982، في سياسة المحافظة والتنمية المستدامة للمناطق الرطبة، وعمل على تضمينها في المخطط المديري للمناطق المحمية وتجهيزها بالآليات والأدوات اللازمة لتحقيق التدبير المستدام لهذه المناطق. وتم بادئ الامر تصنيف أربع مناطق وهي مرجة سيدي بوغابة ب 650 هكتار، و المرجة الزرقاء ب 7300 ه (القنيطرة)، وخليج خنيفس بمساحة تقدر ب 20000 هكتار (طانطان)، وبحيرة افنورير ب 800 ه (ايفران). وفي 15 يناير 2005 انضاف إلى هذه المناطق الأربع ما يناهز 20 منطقة في إطار لائحة «رامسار». لتغدو مجمل المناطق المغربية المدرجة ضمن قائمة رامسار، 24 موقعا بحوالي 272010 هكتار. وتصنف بحيرة «المرجة الزرقاء» ضمن المناطق العالمية المحمية تتواجد على بعد 120 كلم شمال الرباط على شاطئ مولاي بوسلهام بساحل المحيط الأطلسي، وتمتد على 11420 هكتارا منها 7300 هكتار محمية بيولوجية و6800 هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة. ويشير الدكتور عبد اللطيف الخطابي في سياق دراسة أنجزها في الموضوع، أن منطقة المرجة الزرقاء لها دور اجتماعي واقتصادي ينعكس على ساكنة المنطقة (20 ألف نسمة)، الذين يعتمدون في عيشهم على استغلال الموارد الطبيعية عن طريق الزراعة التقليدية والحديثة، ثم السياحة والصيد التجاري والرياضة وتربية المواشي. أسماك وطيور نادرة وتعد محمية المرجة الزرقاء أيضا فضاء لتكاثر الأسماك، خاصة الرخويات التي يبلغ عدد أنواعها 173 نوعا، كما أن بها أنواعا من النباتات المهمة والنادرة مثل «الأسل» الذي يستعمله سكان المناطق المجاورة في صناعة الحصير. وتبلغ نسبة المياه المالحة ب»المرجة الزقاء» 98%، ونسبة المياه السطحية التي تزودها بالمياه العذبة 1.48%، ونسبة المياه الجوفية 0.3%. كما أن كلا من وادي الضراضر وقناة الناضور يمدانها بمياه عذبة. وتتوفر المرجة الزرقاء على تنوع حيواني هام، وتس تقبل سنويا أكثر من 150 ألف طائر، موزعة على 82 نوعا من بينها 16 صنفا نادرا أو مهددا بالانقراض. وأشهر طائر بالمحمية، مهدد بالانقراض، طائر الكروان ذو المنقار الدقيق، الذي يبلغ طوله 40 سنتمترا وتزين صدره وجوانبه بقع دائرية تميزه. المركز الوطني للمناطق الرطبة في إطار العمل بتوجيهات اتفاقية رامسار للمناطق الرطبة، والخاص بتعزير الإطار المؤسساتي في ميدان المحافظة على المناطق الرطبة، قامت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بدعم من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج «لايف» لدول العالم الثالث، بخلق المركز المغربي للمناطق الرطبة الذي يوجد مقره بالرباط، والذي يعتبر الأول من نوعه بالقارة الإفريقية. ويعمل على التنسيق بين جميع الأطراف المتدخلة في ميدان المناطق الرطبة من أجل تدبير أفضل للتنوع البيولوجي لهذه النظم الإيكولوجية. مخطط التهيئة وتدبير منطقة المرجة الزرقاء تتوفر منطقة المرجة الزرقاء على مخطط لتهيئة وتدبير منطقة المرجة الزرقاء تمت المصادقة عليه سنة 1998، إلا أنه يتطلب تحيينا، نظرا للتحولات التي تعرفها المنطقة سواء منها الإيكولوجية أو السوسيو اقتصادية، وكذلك لجعله يتماشى مع توجهات الاستراتجية المتبعة في ميدان تدبير المناطق المحمية وخاصة منها المناطق الرطبة. وقد وقعت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في المغرب ومنظمة «بورد لايف انترناشيونال» الممثلة من طرف الجمعية الاسبانية لعلم الطيور، اتفاقا من أجل الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية في المحمية البيولوجية «المرجة الزرقاء». ويأتي المشروع الذي وقع مؤخرا وحددت مدة إنجازه في 18 شهرا بقيمة تقدر ب 489 ألفا و922 يورو منها 417 ألفا و642 يورو ممولة من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي في إطار برنامج «ازاهار» لفائدة الجمعية الإسبانية لعلم الطيور بهدف النهوض بالسياحة المستديمة والتربية البيئية. ويتضمن الاتفاق عددا من البنود الرامية إلى الاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية وتحديد المخاطر على التنوع البيولوجي للمحمية التي تبعد نحو 150 كيلومترا شمال الرباط.