سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البخاري: لم أعد موافقا الآن على الموقف الذي عبرتُ عنه بعد خطاب 9 مارس قال إنه توقع تعيين الهمة مستشارا للملك في ملف يحمل عنوان «لماذا يجب على الهمة أن يرحل؟»
كان كريم البخاري، ابن احمد البخاري أشهر عميل استخبارات في المغرب، يستعد لدراسة السينما في فرنسا، فوجد نفسه طالبا في شعبة البيولوجيا والجيولوجيا بالدار البيضاء، لم يرقه ذلك فقرر أن يصبح طبيبا.. هكذا ارتدى الوزرة البيضاء وعلق سماعة الطبيب لمدة سبع سنوات، وعندما حان موعد تقديم أطروحته لنيل الدكتوراه، قفز إلى الصحافة ل«معالجة» مواضيع الثقافة والسياسة والمجتمع، ولا يزال، إلى الآن، طبيبا مع وقف التنفيذ. على كرسي اعتراف «المساء»، يحكي كريم البخاري عن علاقته بعلي يعتة، القيادي الشيوعي ومدير جريدة «البيان» التي كانت أول جريدة يشتغل فيها، وكيف كان علي يعتة يؤدي رواتب الصحافيين ب«الكانزا» ودون عقدة عمل، دون أن يغفل الحديث عن رفض والده احمد البخاري لعمله الجديد ونعته الصحافة بكونها مهنة تافهة. ويقف كريم البخاري، أيضا، عند أقوى اللحظات في تجربتي «تيل كيل» و«لوجورنال»، وكيف اختلف مع بنشمسي في نشر ملف عن الأمير مولاي هشام؛ كما يتذكر علاقته بادريس البصري الذي كان يسمي البخاري «طاراس بولبا»، وحواره الذي لم ينشر مع هشام المنظري، ومفاوضاته مع عدد من رجالات الدولة؛ ويعترف، على كرسي البوح مع «المساء»، بأنه تدخل في كتابة مذكرات والده، فشطب على أمور وأعاد ترتيب أخرى، كما يستعيد المضايقات والتحرشات التي تعرض لها هو ووالدته. - ما هو الملف الذي ندمت على نشره في «تيل كيل»؟ ليس الندم بالضرورة، ولكني أستحضر ثلاثة أغلفة كانت مؤثرة ومحط نقاش، بل مثار قلق أحيانا: الغلاف الأول هو المعنون ب:«الثورة معه (la Révolution avec lui)»، أي مع الملك، والذي أكدنا فيه أننا مع المؤسسة الملكية شريطة أن تقوم بثورة على نفسها وتتحول إلى ملكية برلمانية. هذا الغلاف كان جيدا في توقيته لأنه جاء في بداية الربيع العربي، وفي الوقت الذي كان فيه الجميع خائفا أو تائها أو «ضارب الطم» حتى تمر العاصفة. وهذا الموقف الذي أعلنت عنه أثناء العاصفة مازلت أتبناه إلى يومنا هذا، فأنا جمهوري ولكنني لست انقلابيا، كما أنني مع الشرعية ولست مع الفوضى. الغلاف الثاني كان معنونا ب»لقد فعلها (Il l a fait)»، أي الملك، وقد جاء هذا الغلاف مباشرة بعد الخطاب الملكي ل9 مارس، وأتذكر أنني استدعيت أعضاء هيئة التحرير على وجه السرعة وسألتهم: ما رأيكم في فكرة هذا الغلاف؟ فانقسمت الهيئة إلى مجموعتين: واحدة متفقة معي كليا والأخرى غير متفقة؛ استفسرت غير المتفقين، فأجابوني بأن الملك لمّح في خطابه إلى الملكية البرلمانية لكنه لم يتحدث عنها بوضوح. والحال أنني أخطأت في تقديري يومها، فربما كنت متفائلا أو متسرعا زيادة على اللازم. الغريب أن هذا الغلاف، الذي لا أتفق الآن على الموقف الذي عبر عنه، حقق نجاحا باهرا وكان الأعلى في رقم المبيعات على طول سنة 2011 كاملة. (يضحك: «اللي فهم هاذ اللغز يفسرو ليا»). - والملف الثالث؟ هو الغلاف الذي عنوناه، في صيف 2011، ب«لماذا يجب على الهمة أن يرحل؟»، وقلت في افتتاحيته إنه من غير المعقول والمقبول أن يتصرف الهمة باسم الدولة والمؤسسة الملكية وهو لا يعدو كونه رجلا ينتمي إلى حزب، ولا يحمل فيه إلا الرقم 18، لذلك فالحل هو أن يرحل الهمة عن السياسة، ومن ثم يصبح استمراره في المساهمة في الحياة السياسية غير ممكن إلا إذا عينه الملك مستشارا له، وهذا من حقه. حينها قيل لي: «واش نتا باغي تقفل هاذ الجريدة؟!»، لكن الصدفة أن الملك عيّن، بالفعل، الهمة مستشارا له أسابيع قليلة بعد ذلك، فقيل لي من طرف نفس الأشخاص: «أسيدي العجب، ولكن برافو عليك». - هل قررت، فعلا، عدم نشر ملف عن الثروة الملكية في «تيل كيل» بعدما اتصل بك حسن بوهمو، رئيس الشركة الوطنية للاستثمار، المملوكة للأسرة الملكية، وطلب منك ذلك؟ هذا كلام غير صحيح. حتى المساهمون في «تيل كيل» لا يمكنهم حذف ملف أو فرضه على إدارة التحرير، لأنهم يعرفون ذلك جيدا ويحترمونه، فما بالك بشخص أجنبي عن المجلة. الذي وقع بالضبط هو أنني طلبت تحضير ملف حول الثروة الملكية، وكنت واضحا مع الطاقم الصحفي الذي كلف بإنجازه، حيث قلت لهم إن هناك شرطين لإخراج الملف إلى حيز الوجود: أولا، أن يكون الملف دقيقا جدا فلن يغفر لنا أحد أي خطإ، ومن أجل ذلك طلبت من الصحافيين أن يأخذوا الوقت الكافي لإنجاز هذا العمل؛ ثانيا ألا ننشر الملف بدون مناسبة، بل ننتظر ما يسمى ب«Timing»، أي الفرصة السانحة والخبر الاقتصادي، كأن تقتني الشركة الملكية أسهما جديدة أو أن تتخلى عن أخرى، لكي نصنع نحن الحدث، على عادة الجرائد الكبرى في العالم، التي تنشر ملفات مهمة كلما تعلق الأمر بحدث إعلامي بارز. وقد تطلب هذا التحقيق وقتا ليس بالقصير، وحدث أن قررت مغادرة «تيل كيل» قبل الانتهاء منه حسب الشرطين اللذين ذكرتهما لك. - وما هي علاقتك بحسن بوهمو؟ هي علاقة مدير مجلة مؤثرة في المشهد الإعلامي بمدير مؤسسة اقتصادية وازنة، لا أقل ولا أكثر. هناك احترام متبادل بيننا، لكن مواقفنا من التباعد بحيث لا يمكن أن تجعل علاقتنا علاقة صديقين. أتذكر يوم التقينا، على سبيل الصدفة، في السفارة الفرنسية بالرباط في 2012، حيث تحدثنا قليلا، فكان خطابي واضحا ومنسجما مع ما كنت أعبر عنه في افتتاحياتي: المؤسسة الملكية يجب أن تبتعد عن الاقتصاد والأعمال لأن في ذلك خطأ وخطرا على استقرار البلاد، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. أما بوهمو فقد كان خطابه معاكسا لما قلته أنا، أي أنه كان متطابقا مع الخطاب الرسمي، حيث قال لي إن الشركات الملكية هي القاطرة التي تقود الاقتصاد المغربي إلى الأمام. وقد تزامن هذا اللقاء مع مقال نشرناه في «تيل كيل» حول (الشركة الوطنية للاستثمار «SNI») ولم يرُق لأرباب هذه الشركة فنشروا بلاغا في بعض الجرائد؛ فقلت لبوهمو: أنا لم أتوصل ببلاغكم، ولكن إذا أرسلتموه إلي فسأرد وأعلق عليه في العدد المقبل من المجلة، فأجابني قائلا: أؤكد لك أننا لن نراسلكم، كما أننا لن نتابعكم قضائيا. بعدها، قررت مع الصحافي الذي أنجز المقال ألا نرد عليهم، وهنا انتهى الأمر.