ارتفعت أصوات، خاصة من الفعاليات النسائية، للمطالبة بإلغاء الفصل 475 من القانون الجنائي الذي ينص على أن «من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثماني عشرة سنة بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. ومع ذلك، فإن القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا». فهذا الفصل يعطي لمرتكب جريمة الاغتصاب، في رأي فوزية العسولي، رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، الحق في الإفلات من العقوبة، مما يمثل تشجيعا على الإجرام. «وانطلاقا من مبدأ أن لكل جريمة عقابا، كيف لضحية تعرضت للاغتصاب أن يتم تزويجها من مغتصبها. هذا إجرام مضاعف في حق الضحية، إجرام من طرف الجاني وإجرام من المجتمع الذي منحه هذا الحق». وهو مقتضى قانوني مناقض للمبادئ الكونية لحقوق الإنسان، في رأي العسولي دائما، والتي ذهبت إلى اعتبار هذه القاعدة إجحافا في حق المرأة، وإقرارا لاغتصابها المستمر. «فمن أراد أن ينال من فتاة ما، ليس عليه سوى أن يقوم باغتصابها ثم القبول بالزواج منها من أجل الإفلات من المتابعة القضائية». عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، اعتبر أن الأمر يتعلق هنا، من منظور شرعي، ب»زنا». و»حكم الزنا واضح في الإسلام، شريطة إثباته حسب المقتضيات الشرعية، أي وجود أربعة شهود رأوا الفعل بأعينهم. وهو ما يبرر كون حكم الزنا لم يطبق إلا نادرا بسبب صعوبة الإثبات هذه. أما ما يدور النقاش حوله حاليا فهو حكم جرى به العرف. وإلغاء هذا الحكم يؤدي إلى ضررين، أي إنزال العقاب بالشخص المتهم وعدم تزويجه من الفتاة». وفي حال إلغاء العمل بهذه القاعدة القانونية، فإن الضحية، دائما في رأي الزمزمي، ستبقى هي الفتاة. «فالغرض هو حماية الأعراض وصون الفتاة التي قد تكون تعرضت لفعل ما. وهذه هي الحكمة من إلغاء العقوبة في حال التوصل إلى حل الزواج». من جانبها، قالت نزهة العلوي، رئيسة اتحاد العمل النسائي، إن الزواج لا يجب أن يكون مبررا لعدم إنزال العقوبة، وأضافت أن العمل الميداني يكشف حالات كثيرة يلجأ فيها المغتصب إلى قبول الزواج، ثم سرعان ما يقوم بتطليق الضحية، فينجو بذلك من تحمل تبعات فعلته. لكنها عادت لتنبه إلى أن مبادرات من هذا القبيل لا يجب أن تؤخذ بشكل معزول من خلال المطالبة بإلغاء أو تعديل فصول معينة، «بل علينا أن نطالب بوضع قانون خاص بالعنف ضد النساء، ومناقشة الأمر في شموليته». وهو ما أكدته فوزية العسولي التي قالت إن المسألة يجب تناولها في إطار قانوني متعدد الأبعاد، وملزم لجميع الأطراف والوزارات المتدخلة، ويكون بمثابة دستور يطبق بمعزل عن اللون السياسي للحكومة. «فالدولة لا توفر الوسائل الحمائية للنساء، من مراكز للإيواء والنجدة وتكفل اجتماعي، علما بأن عددا من هؤلاء النسوة اللواتي يتعرضن للعنف، ينحدرن من أوساط اجتماعية فقيرة وأميات وتفتقرن إلى أي مورد عيش، ولا يمكن أن نعول على إرادة مسؤول ما في وزارة معينة».