سارع دايفيد ج كرين، مستشار الشؤون السياسية بالسفارة الأمريكية بالرباط، إلى الانتقال صباح أول أمس الخميس إلى مكتب عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، بمجلس النواب، في مهمة عنوانها الرئيس جس نبض إسلاميي المغرب بشأن ما تعرفه مصر من أحداث بعد عزل محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة «الإخوان» من منصب الرئاسة، وكذا الأزمة التي تمر منها الحكومة التي يقودها «إخوان» عبد الإله بنكيران منذ أشهر وانتهت مؤقتا باستقالة 5 وزراء استقلاليين. وحسب مصادر برلمانية، فقد كان لافتا، خلال اللقاء الذي امتد نحو ساعتين، رغبة المستشار السياسي بسفارة واشنطن بالمغرب في معرفة وجهة نظر حزب العدالة والتنمية، من خلال إثارة أسئلة دقيقة استهلها بموقف الحزب مما يعتبره «انقلابا ضد الشرعية» في مصر، وتأثيره على المغرب في ظل وجود حكومة يقودها إسلاميون، وأنهاها بالصراع بين حزب بنكيران وحزب الاستقلال، والخيارات المطروحة بعد دخول قرار الانسحاب من الحكومة حيز التنفيذ. ووفق المصادر ذاتها، فإن حرص المستشار السياسي للسفارة الأمريكية، الذي كان مصحوبا بنائبه وموظفة مغربية بالسفارة، على جس نبض فريق العدالة والتنمية، لم يمنعه من تبرئة ساحة بلاده أمام الإسلاميين مما وقع في مصر، بالتأكيد على أن «أمريكا ليست مع طرف ضد طرف آخر، وأنها مع إنجاح العملية الديمقراطية ومشاركة كل الأحزاب الدينية والعلمانية»، مبديا قلق واشنطن من الاعتقالات التي طالت جماعة الإخوان بمصر. إلى ذلك، بعث رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية برسائل طمأنة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بشأن تخوفاتها من انعكاس ما وقع في مصر على المغرب، مؤكدا أن تأثير ما حدث في مصر على المغرب ضعيف، وأنه لا توجد مقارنة مع وجود الفارق». كما أكد بوانو أن «المؤسسة الملكية حافظة وضامنة للاستقرار بالمغرب». وفيما يبدو أنها محاولة منه لدفع تهمة «الأخونة» عن حزبه، سجل بوانو أن هذا الأخير منفتح على الجميع. كما أن الحكومة التي يقودها يشتغل فيها جميع الفرقاء، مقرا، في المقابل، بوجود محاولات لبعض الجهات لإسقاط ما جرى في بلاد الكنانة على المغرب واستغلاله لضرب حزبه. بوانو اشتكى من عرقلة الإصلاحات الكبرى التي تقدم عليها الحكومة من قبل من يعتبر أن تلك الإصلاحات ستزيد من شعبية العدالة والتنمية. وفي الوقت الذي بدا الجانب الأمريكي مهتما بمعرفة الخطوة القادمة لإسلاميي المؤسسات باستفساره عن إمكانية التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار لتعويض خروج الاستقلاليين من الأغلبية الحكومية، كشف بوانو أن حزبه مستعد لمواجهة كافة الاحتمالات، وأن خيار التحالف مع التجمع وارد إلى جانب خيارات أخرى ستحسم فيها الأمانة العامة والمجلس الوطني للحزب. وإلى جانب تدارسه مع المسؤول الأمريكي كل السيناريوهات، التي يتم تداولها على المستوى الإعلامي بخصوص أزمة الأغلبية، أشبع بوانو فضول الأمريكيين في معرفة الأسباب الكامنة وراء ما عاشه المشهد السياسي المغربي من أزمة بين الاستقلال و«البيجدي»، ملقيا باللائمة على نمط الاقتراع والقانون الانتخابي اللذين لم يسايرا التحولات التي أحدثتها الإصلاحات الدستورية. من جهة أخرى، حذر بوانو الجانب الأمريكي من مغبة الالتفاف على موجة الديمقراطية السائدة حاليا، ومن التأثير السلبي لما وقع على سمعة الجيش المصري، مؤكدا للأمريكيين أن فريقه يرفض كل أشكال الانقلاب على الشرعية.