دعا الدكتور أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، الدولة إلى السماح للشيعة و المسيحيين المغاربة والملحدين بإقامة أنشطتهم علانية، عبر السماح لهم بتأسيس جمعيات، عوض تركهم يعملون في السرية، التي تخدمهم وتصورهم كمضطهدين. الفقيه المقاصدي شبه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالجزيرة المنعزلة التي تسير بطريقتها القديمة، والتي لا ينتظر منها أي تغيير جديد في الأفق. في هذا الحوار يتحدث الريسوني عن ردود الفعل التي خلفها مقاله الأخير حول المرجعية الإسلامية، وعن أداء الحكومة وانسحاب حزب الاستقلال منها، إلى جانب رأيه في انضمام السلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة وفتوى المجلس العلمي الأعلى حول قتل المرتد. - أثار مقالكم الأخير حول المرجعية الإسلامية، والدعوة إلى عدم إضعافها، جدلا متباينا، حيث تم فهم هذا المقال على أساس أنه موجه إلى وزراء العدالة والتنمية، فما حقيقة ذلك؟ لاحظت طبعا أن عددا من المعلقين اعتبروا كلامي موجها إلى وزراء العدالة والتنمية وهذا مثير للاستغراب والاستهجان، فأولا: كيف أكتب مقالا أنشره في الصحافة المكتوبة والإلكترونية لكي أخاطب به عشرة أشخاص باستطاعتي أن ألقاهم واحدا واحدا، أو مراسلتهم مباشرة، إنه من العبث أن يخاطب إنسان وزراء أو حتى برلمانيين هم أصدقاؤه وإخوانه، ثم يبعث بمقاله إلى الصحافة التي تقرأ داخل المغرب وخارجه. أما الأمر الثاني، فكلامي كان واضحا، فأنا أتحدث عن الخطاب الإسلامي لدى الحركات والأحزاب الإسلامية والمنظمات الإسلامية، والشخصيات الإسلامية، حيث ألمس لدى بعض هؤلاء، منذ سنوات عديدة، تراجعا وخفوتا في الإعلان عن المرجعية الإسلامية في عدد من المواقف والبيانات والمحاضرات والكتابات، وبالتالي فكلامي كما هو في المقال نفسه ليس عندي أي داع للمواربة، موجه إلى الحركات الإسلامية داخل المغرب وخارجه، فليس هناك أي مجال لهذا التقزيم والتفسير المتهافت لما كتبته، فأنا أتحدث عن الحركة الإسلامية وخطابها الدعوي والثقافي وليس عن دولة ولا عن وزراء ولا عن حكومة. - لكنكم ذكرتم مجموعة من الأمثلة فهم من خلالها أنها موجهة إلى وزراء بعينهم، من قبيل أنه عندما ذكرتم قضية الكفالة، قصدتم وزير العدل، ثم ذكرتم المهرجانات، والمعني وزير الاتصال وحملة الرشوة المقصود بها رئاسة الحكومة، وغيرها من الأمثلة التي تبين أن المقصود هم وزراء العدالة والتنمية؟ أبدا، فهذه الأمثلة أذكرها بطريقة شبه عفوية، باعتبار ما هو قريب من محيطي، ومع ذلك ليس الخطاب موجها لا إلى الحكومة ولا إلى الوزراء، وإنما لنفسي ولأمثالي، أقصد حينما نعلق على الأحداث ونذكر مواقفنا ينبغي أن يظل خطابا إسلاميا، أما حينما تصاغ القوانين والاتفاقيات، هذا شيء آخر، إن الشعار الذي رفعته الحكومة لمحاربة الرشوة ليس قانونا بل هو خطاب ثقافي دعائي موجه إلى الجمهور، فقانون الرشوة معروفة أحكامه في القانون الجنائي، لكن هذا خطاب ثقافي دعائي موجه للعموم، فعليه أن يكون خطابا إسلاميا مؤثرا، أما القوانين فلها صيغها ولها مكانها. - يعني أن وزراء العدالة والتنمية هم جزء من الذين وجهت إليهم الخطاب؟. صحيح هم في ذلك سواء، لكن ومع ذلك أعني الوزراء وغيرهم في خطابهم الثقافي والسياسي، وليس فيما يهم القانون الذي هو المرجعية الملزمة، لكن هناك أيضا المرجعية الملهمة، وهي ملزمة ديانة، فالإنسان حين يتحدث إلى شعب مسلم، إذا كان فعلا يؤمن بالمرجعية الإسلامية عليه أن يشير إليها وأن يذكرها ويعتز بها، وهذا ما أذكر به أبناء الحركة الإسلامية أيا كان موقعهم، سواء كانوا وزراء أو برلمانيين أو دعاة أو كتابا. - هل لمستم في وزراء العدالة والتنمية تراجعا عن مستوى الخطاب الإسلامي ؟ الوزراء هم وغيرهم سواء، يمكن أن أقول إن الذين دخلوا في المجال السياسي هم أكثر تأثرا بهذا الانزلاق، وهم معنيون بالدرجة الأولى أكثر من غيرهم، فهذا صحيح. لكن الوزراء على وجه التحديد ليس عندي ما يخصهم وما يميزهم في هذا الموضوع. - ماهي برأيكم أسباب هذه الانزلاقات على مستوى الخطاب؟ إن هذا الانزلاق هو مرتبط أولا بضغط مقصود، وآخر غير مقصود، هناك ضغط من عدد من الجهات تقف بالمرصاد لأي استعمال للمصطلحات الإسلامية. وتذكرون الزعيم الحزبي الذي ثار ثورة شديدة لأن وزيرا تساءل: هل هذا حلال أو حرام. وسلوك ذلك الزعيم هو نوع من الضغط، ومن البطش، وهو يتصور في نظره أن هذا الوزير وآخرين لن يجرؤوا على أن يقولوا مرة أخرى هذا حلال أو حرام. وحتى الحملة الأخيرة التي رافقت مقالي هي ضغط وتعنيف لكي لا أعود، ولكن تأثيرها علي هو صفر. منهم من قال سأذهب بهم إلى السعودية وإلى الأزمان الغابرة... فهذا ضغط يمارس علينا جميعا. طبعا الذين دخلوا في العمل السياسي معروف أنهم يريدون أن يسيروا الأمور بما يرضي الآخرين، فلهذا قد يحنون رؤوسهم ويغيرون خطابهم، هذا هو الذي أعتبره منزلقا تدريجيا، لأنه يجعلنا في النهاية نغير طبيعتنا ونلغي مرجعيتنا. - هل وقع الالتباس إلى درجة تفسير مقالكم على أنه يتحدث عن إبعاد القانون والعمل بالفتوى؟ هو التباس أو تلبيس مقصود، الله أعلم. للأسف ما لا يعرفه هؤلاء المنتقدون بتسرع هو أن الفتوى حتى وإن كانت شرعية وصادرة من فقيه معتبر، أو من هيئة إفتاء، ليست بملزمة ولا أحد يحكم بمجرد الفتوى، سواء قديما أو حديثا، الناس يحكمون بقوانين وبمقررات قضائية وبتعليمات سياسية من الجهات الشرعية المسؤولة، أما فتوى المفتي في أحسن حالاتها فهي عبارة عن رأي يحترم، ثم يؤخذ به أو لا يؤخذ به، فكيف بتعليق عابر، فسر على أنه يريد أن يحل محل الدولة والقوانين والجهات السياسية والقضائية، هذا يقوله من لا يعرف ما معنى الفتوى، مع العلم أنني لم أصدر الفتوى، أصدرت تعليقا على ظاهرة معينة، وأنصح أبناء الحركات الإسلامية بعدم تغييب المرجعية الإسلامية في خطاباتهم. أما القوانين فتمضي وهي التي تحكم الدولة والوزراء. الفتوى لا تحكم حتى وإن صدرت عما يسمى عندنا بالمجلس العلمي الأعلى، وهو الذي أصدر فتوى مؤخرا، كما يعلم الجميع، ثم جاء الوزير فاعتبرها مجرد رأي لا عمل به، وهذا اسمه المجلس العلمي الأعلى ويرأسه الملك، فكيف بكلام الريسوني. - على ذكر الفتوى ما رأيكم في الجدل الذي أثير حول قتل المرتد؟ الفتوى هي عبارة عن رأي شرعي مستند على الأدلة الشرعية، وهذا لا يعني أنها دائما على صواب، فقد تصيب أو تخطئ، فالمجلس الأعلى من واجبه أن يبدي رأيه الشرعي في كل القضايا التي تثار في البلد ومن حق غيره أن يخالفه، وليس هناك إلزام إلا حينما تتحول الفتوى إلى قانون أو قرار ملزم يصدر عن المؤسسة المعنية والشخص المعني في البلد، رئيس الحكومة أو الملك أو البرلمان... - انضم مؤخرا بعض رموز السلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة ومنهم محمد عبد الوهاب الرفيقي الملقب ب«أبو حفص»، وبعثتم إلى هذا الأخير برسالة تهنئة، هل قيامكم بذلك هدفه استباق أي موقف قد يصدر عن حركة التوحيد والإصلاح؟ إن التهنئة التي بعثت بها إلى الأخ محمد رفيقي «أبو حفص» هي امتداد لرأي كنت قد عبرت عنه، خاصة بعد الربيع العربي مفاده أنني أؤيد دخول السلفيين عموما إلى المشهد والفعل السياسي، لأنهم كانوا هم الثلث المعطل في العمل السياسي الإسلامي، والآن سيصبحون هم الثلث المفعل، لذلك أعتبر أنه ستدخل طاقة جديدة إلى المعادلة السياسية، فضلا عن كون مشاركتهم في المجال السياسي ستحسن وعيهم وأفكارهم ورؤيتهم إلى الواقع. انطلاقا من هذا بادرت إلى تأييد هذه الخطوة، خاصة أن الأخ محمد عبد الوهاب رفيقي بعث إلي بالبيان التوضيحي الذي أصدروه بمجرد إعلان الخبر، ومن باب «إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها»، هنأته، وكانت مبادرة شخصية، ولم تكن لدي أي نية للنشر، ولكن لما حصل ذلك، لم يكن عندي أي مانع وهذا لا علاقة له بموقف الحركة، وحسب علمي فإن حركة التوحيد والإصلاح ليس لها أي موقف مخالف لما عبرت عنه. - لكن لنائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح امحمد الهيلالي موقف مخالف، حيث انتقد الخطوة التي قام بها السلفيون، ما رأيكم في ما قاله؟ إن التعليق الذي أعلن عنه الأخ امحمد الهيلالي اتجه بالأساس إلى حزب النهضة والفضيلة وإلى بعض سوابقه، وليس إلى الإخوة السلفيين أنفسهم. وكما يعرف المهتمون فمواقف الحركة تأتي بعد اجتماعات ومدارسات ويعبر عنها عادة رئيس الحركة أو تصدر باسم المكتب التنفيذي، ولكن هذا لا يمنع كما هو في أعرافنا، أن يعلن أي منا عن موقف خاص به. - هل انضمام السلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة يعتبر فشلا لحزب العدالة والتنمية في استقطاب هؤلاء؟ إلى حد ما صحيح، ولكن لا يمكن أن نقول الفشل إلا إذا كانت هناك محاولة، ولكن حزب العدالة والتنمية، حسب علمي، لم يحاول القيام بذلك، حيث كنت ألمس ميلا ورغبة لدى بعض الإخوة السلفيين في الانضمام إلى حزب العدالة والتنمية، غير أن هذا الأخير لم يبد رغبة مماثلة فلم يكن هناك ترحيب أو مبادرة منه، وهذا استنتاج أقول به، وربما هذا ما دفعهم إلى التفكير في اختيارات أخرى، وأقول ربما أن حزب العدالة والتنمية لم يرغب في تحمل تاريخهم وإرثهم، لذلك لم يسع لضمهم إليه، فكان من حقهم أن يبحثوا عن صيغ للدخول في الفعل السياسي، سواء عن طريق تأسيس حزب جديد، وقد كانوا يفكرون في ذلك، أو الانضمام إلى حزب النهضة والفضيلة، الذي ما فتئ يدعوهم ويحاول إقناعهم بذلك إلى أن استجابوا، ورأيي أنه بالرغم من الانتقادات التي يمكن أن تقال حول نشأة هذا الحزب، أو بعض مواقفه، فالعمل السياسي ليس متحجرا، فيمكن لهؤلاء الإخوة أن يغيروا مجرى حزب النهضة والفضيلة، كما غيرنا نحن مجرى حزب الحركة الدستورية الديمقراطية، فهي تجربة شبيهة، فعلينا نحن الذي خضنا تجربة مماثلة أن نكون أولى الناس لتفهم هذه الخطوة والترحيب بها. - خرج مؤخرا الدبلوماسي السابق الرداد العقباني بمجموعة من التصريحات، مفادها أنه كان أحد مهندسي دخول حركة الإصلاح والتجديد إلى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بصفته علبة أسرار الدكتور الراحل الخطيب؟ أنا قرأت هذا في بعض المواقع الالكترونية، وفوجئت أنني لا أعرف هذا الشخص الذي يتحدث من هذا الموقع وبهذه المعلومات، وأنا عاصرت هذه المرحلة وشاركت فيها عن كثب، لكني لم أعرفه ولم أسمع اسمه إلا الآن، فمن باب أولى أن أعرف الدور الذي قام به، على كل حال لا أعلم شيئا مما يقوله. - ما هو تقييمكم لعمل الحكومة الحالية خصوصا أداء وزراء حزب العدالة والتنمية؟ لحد الآن، أشعر بضعف أداء الحكومة وبطء إنجازاتها، أما أشخاص الوزراء فأنا أعرف استقامة هؤلاء الإخوة وتفانيهم في تحقيق برامج حزبهم وإخلاصهم لانتمائهم الحركي الإسلامي، هذا كله لم يتغير منه شيء. وما نراه من تشويش وتكالب شديد من جميع الجهات، لا يسوغ هذا الضعف والبطء، خصوصا أننا نسمع بشكل متكرر عن الدعم الملكي لهذه الحكومة. إن الحصيلة الحكومية لا تتناسب مع التطلعات المعلقة عليها والوعود المقدمة منها خلال هذه المدة التي تقارب سنة ونصف. - علاقة بالحصيلة الحكومية، ما هو تقييمكم لحصيلة تدبير الشأن الديني؟ لم يتغير ما يسمى بتدبير الشأن الديني والذي لا علاقة له بالحكومة، لأنه لم يأت لا وزير جديد ولا سياسة جديدة ولا تفاعل بين هذه الحكومة وهذه الوزارة التي تظل عبارة عن جزيرة منعزلة تسير بطريقتها القديمة، لذلك لا ينتظر أي تغيير جديد في الأفق لهذا القطاع. - ما رأيكم في الموقف الذي أعلن عنه حزب الاستقلال القاضي بالانسحاب من الحكومة؟ كان اعتقادي من أول لحظة أنه ليس هناك انسحاب، هناك فقط ورقة خاسرة اسمها التلويح بالانسحاب. لا أعتبر أن هناك انسحابا وقع أو سيقع، وفي الأخير فإن قيادة حزب الاستقلال الجديدة قد تذعن للأمر الواقع بتحقيق بعض المكاسب الصغيرة. - لكن المجلس الوطني لحزب الاستقلال اتخذ موقفه القاضي بالانسحاب وتم الاحتكام إلى الملك. إن قرار الانسحاب هو قرار جاء ملتويا من بدايته، قرار اتخذه المجلس الوطني وفوض تصريفه للجنة التنفيذية التي تعلقت بالأعتاب الشريفة، وتوقفت الأمور عند هذا المستوى، أنا لا أتوقع أي انسحاب فعلي، بعد مرور مدة طويلة على هذا القرار، ولم يقع هذا الانسحاب، بل بالعكس بدأت تتراجع هذه الفكرة، وبدأت تتوارى لفائدة البحث عن صيغة لحفظ ماء الوجه. - أثير مؤخرا موضوع تكفير والدعوة إلى قتل عصيد على خلفية مواقفه من القرآن ومن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ما رأيكم في هذا؟ لا أعرف أي واحد كفر هذا الشخص، ولا أي واحد هدده. ولو كان الأمر صحيحا لكان وصل إلى القضاء. هناك ادعاءات من الشخص نفسه ومن قبيلته الإيديولوجية، يعلنون ذلك ويبكون ويتباكون أن الناس كفروه أو أرادوا قتله، وهو الذي تهجم على النبي صلى الله عليه وسلم بالطريقة المعروفة، هذه ادعاءات لا مصدر لها إلا الشخص نفسه. - لكن ما رأيكم في المواقف التي أعلن عنها عصيد؟ كما يقال «من جاء على أصله فلا سؤال عليه» لا جديد، هذا الشخص نذر نفسه لمحاربة القيم الإسلامية بدعوى القيم الكونية، وبدعوى الأمازيغية، فهو على أصله منذ عرفناه، ولا جديد. وهو ليس وحيدا، فالآن بالمغرب كل من هب ودب يستطيع أن يطعن في الإسلام وفي الرسول صلى الله عليه وسلم وفي القرآن، فلم تعد هذه الظواهر جديدة. - دائما يثار موضوع حرية المعتقد، وأنكم ضدها، ما قولكم؟ هذه قضية مفتعلة ومضخمة، فجميع المعتقدات صارت موجودة في المغرب ويعبر عنها أصحابها بكل حرية، لقد كانوا يريدون التنصيص عليها في الدستور لكن لم يفلحوا، وأنا كنت من الذين يعارضون ذلك، ليس معارضة لما يسمونه بحرية المعتقد، ولكن معارضة لتشريف هذه الفكرة ووضعها في الدستور بدون موجب، والحال أنه ليس في القانون الجنائي ما يوجب العقاب على من اعتقد أي معتقد يريد، هناك ملحدون يعلنون عن ذلك صراحة، وعندنا مغاربة تنصروا وأعلنوا عن أسمائهم وصورهم في وسائل الإعلام، ولم يتعرضوا لأي متابعات قضائية، فإذا كان هناك أي إشكال قانوني فليطالبوا بإصلاح القانون، لكن لا توجد سياسة للدولة لمنعهم، فلماذا الجعجعة؟ - لكن القانون يعاقب على زعزعة عقيدة مسلم. إن زعزعة عقيدة مسلم ليست هي حرية المعتقد، أن يعلن الشخص عن معتقده بمحض إرادته فليس فيه مشكل قانوني، لكن أن يتم استغلال القاصرين والمرضى والجائعين، وجرهم مضطرين لتغيير دينهم، فهذا مستهجن، سواء في القانون أو غيره، وهذا هو المنصوص عليه في القانون الجنائي. - ما دامت هناك حرية المعتقد بالمغرب، ما الضير من أن يتم التنصيص عليها دستوريا؟ هل كل حق أو ممارسة أو فكرة يجب أن تدخل إلى الدستور؟ لا إن هذا النص الأساسي الأسمى يجب أن توضع فيه القضايا الكبرى والأساسية وتحفظ بها الحريات العامة التي تهم الناس جميعا أو معظمهم، ولحد الآن ما يسمى بحرية المعتقد تهم أفرادا معدودين، فحسبهم أن لا أحد يمنعهم ولا يعاقبهم أو يأبه لهم. - على ذكر الإلحاد والشيعة، سبق أن قلتم لماذا تتم محاربة الشيعة بالمغرب في وقت لا أحد يتحدث عن الملحدين الذين يوجدون في دواليب الدولة، هل أنتم مع انتشار التيار الشيعي بالمغرب؟ إذا انتشر هذا المذهب فهذا من باب حرية الفكر وحرية التمذهب، فلا حق للدولة أن تتدخل من أجل منع الناس أن يتشيعوا أو أن يمارسوا مذهبهم كما يريدون، خاصة أننا في دولة لا تمنع الإلحاد ولا البهائية ولا عبدة الشياطين، فكيف تمنع الشيعة وهم يعبدون الله ويؤمنون بالقرآن وبرسول الله. أنا مسلم سني وأعتبر المذهب الشيعي مذهبا منحرفا ومبتدعا، ولكن لا أقول بمنعه، وما أقوله سواء تعلق الأمر بالشيعة أو المتنصرين، هو أنه يجب أن يخرجوا من السرية حتى نناقشهم، لأن السرية تجعلهم «يختلسون» بعض الشباب والقصر وبعض المضطرين. كل ما نطالب به الدولة هو أن تسمح لهم بتأسيس جمعيات وأن يعقدوا المناظرات والحوارات، ونحن على استعداد لمناقشة الشيعة والمسيحيين المغاربة أو الملحدين، فما أتحفظ عليه هو أن تتركهم الدولة يعملون في سرية وهي تعرفهم، فهذا يخدمهم، لأنه يعطيهم فرصة أن يصوروا أنفسهم على أنهم ممنوعون ومضطهدون، ويعملون في الخفاء. عليهم أن يخرجوا إلى العمل العلني والمجتمع كفيل بأن يناقشهم، سواء الدعاة أو العلماء أو حتى عامة الناس.