بعدما قتلته الشائعات أكثر من مرة، فارق الممثل المغربي الشهير محمد بنبراهيم الحياة، الأربعاء 8 ماي 2013، عن عمر 64 سنة، في مستشفى الشيخ زايد بالرباط، و ووري الثرى بمدينة البئر الجديد . الراحل كان يعاني منذ مدة طويلة، في صمت ومكابرة نادرين، مرضه. اشتهر بدور البدوي الذي أتقنه إلى درجة أن هذه الشخصية التصقت به وباتت محفورة في مخيلة المشاهد المغربي لسنوات، ومن خلال هذا الدور بانت روح إبداعية مرحة تماهت مع بنبراهيم الإنسان ، الذي لم تغير أضواء الشهرة من نمط حياته وبساطته وعلاقته بالناس. ولد الراحل سنة 1949 بمكناس، وشارك في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزية والمسرحية. وتعرف الجمهور عليه بالخصوص سنة 1965 مع فرقة عبد العظيم الشناوي، قبل أن يلتحق بفرقة الجيل الناهض، ففرقة التسولي، والمسرح الباسم، ثم فرقة البدوي. ويعتبر بنبراهيم من الممثلين المغاربة القلائل، الذين اشتغلوا مع أجيال متنوعة من المخرجين وأظهر قدرة كبيرة على التأقلم مع مختلف المدارس الفنية. و تجلت هذه القدرة في دوره المتميز في فيلم «كازانيكرا» لنور الدين الخماري، و الذي حصل من خلاله على جائزة أحسن دور رجالي ثانوي في مهرجان السينما الوطني بطنجة سنة 2008 عن شخصية «زريرق». وعلى قلة مشاركاته السينمائية ، يبقى بنبراهيم، أحد عمالقة جيل الرواد، وترك بصمته في المشهد السينمائي. وبالرغم من التصاقه ببداهة رجل البادية، فقد نجح الفقيد في تجريب أدوار خارج نمط الكوميديا الشعبية. شارك بنبراهيم في أعمال سينمائية وتلفزيونية كثيرة، بقيت راسخة في أذهان الجمهور المغربي، من بينها، فيلم «بيضاوة»، لعبد القادر لقطع، الذي فتح له المجال لدخول عالم التمثيل في الأفلام السينمائية من أوسع أبوابه، و»نظرة»، و»ليام أليام»، و»قصة وردة»، لعبد المجيد لمشيش، الذي لعب فيه دور البطولة، وفيلم «فيها الملح والسكر او مبغاتش تموت»، لحكيم النوري، الذي شارك في جزئيه الأول والثاني، وفيلم «محاكمة امرأة»، مع حسن بنجلون، وفيلم «فين ماشي ياموشي». إضافة إلى هذا، شارك في عدة أفلام، منها فيلم «العودة» لنور الدين لخماري، و«كازا نيكرا»، وفيلم «زيرو»، و«الطريق إلى كابول»، إضافة إلى بعض الأفلام التلفزيونية، كفيلم «48 ساعة» للمرحوم الطوجني، ومسلسل «الساكت» لفريدة برقية، الذي شارك فيه عدد كبير من الوجوه الفنية الكبيرة، والذي ترك صدى كبيرا جدا، حيث لقي نجاحا كبيرا بالإضافة إلى الفيلم التلفزيوني «الشاوش»... في شهادته عن الراحل، قال حسن النفالي ل»المساء» بأن بنبراهيم فنان جمع بين ثلاثة أشياء ربما لا تجتمع في غيره، أولها وهو الجانب التجريبي، الذي ظهر عنده كممثل وخاصة في عمل «سوانح» للمرحوم إدريس الجاي، وهنا كان ممثل نزعة تجريبية جادا وازى بينها وبين النزعة الشعبية حتى يبقى قريبا من جميع الفئات. أما ثاني هذه الأشياء، فقد حاول في مختلف الأعمال ألا يضيع الجمهور المتنور إلى جانب الجماهير الشعبية الواسعة التي أحبته. أما بخصوص ثالث هذه الأشياء، فيقول النفالي، تجلت في تساميه وحبه لمهنته لدرجة لم يشتغل إلا في هذا المجال وأخلص له إلى آخر رمق من حياته. لقد مارسه بحب وعشق، وحسب معلوماتي، فقد كان الراحل يصور مع الكغاط أحد الأعمال التي ستعرض ربما في رمضان القادم. وكانت للراحل قوة بدنية وصوتية هائلة. ويقول عنه الفنان محمد عاطر، الذي اشتغل إلى جانبه في مجموعة من الأعمال: «افتقدنا رجلا طيبا ذو أخلاق عالية أحب مهنته بكل صدق وتفانى فيها، فهو الذي حبب لنا المهنة في وقت كانت مليئة بالأشواك، لقد اشتغلت معه في «المستضعفون» و«زايد ناقص» واكتشفت فيه روح الفنان الكبير، فهو ركيزة ودعامة أساسية في الفن في المغرب، بل هو مدرسة قائمة الذات قدمت الشيء الكثير، وبحب وتفان». من جهته، يقول عنه الممثل حسن فلان بأنه «بفقدان بنبراهيم، نكون قد فقدنا فنانا عظيما أعطى الشيء الكثير ودعم الأجيال إلى آخر أيامه، وبقي بشوشا وصاحب نكتة بالرغم من المرض.. لقد لمست ذلك وأنا أصور معه في عمل الكغاط الأخير. إنه ركيزة أساسية في الفكاهة المغربية».