كشف انتخاب رئيس جديد لمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء الماضي، عمق الخلافات داخل التحالف الحكومي، خاصة ما بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إذ أظهر ترشيح حزب عبد الواحد الراضي لزبيدة بوعياد، المستشارة عن الحزب في الغرفة الثانية، لمنافسة مرشح التجمع الوطني للأحرار، المعطي بنقدور، الذي كان الاستقلاليون يدعمون ترشيحه للحفاظ على الأغلبية من التشتت، أن هناك منافسة قوية غير مكشوفة بين الحزبين العتيدين. وقالت مصادر مطلعة من الغرفة الثانية ل»المساء» إن تقديم الاتحاد الاشتراكي لمرشح له يظهر أن الحزب بعد اختيار عبد الواحد الراضي بدأ ينهج سلوكا سياسيا خاصا به داخل الأغلبية الحكومية، قبيل الانتخابات الجماعية المرتقبة في يونيو من العام الجاري، وعزت المصادر ذلك إلى رغبة الاتحاديين في نيل موقع يليق بهم داخل حكومة عباس الفاسي، كحل وسط بين خيار البقاء في الحكومة، الذي يدفع به عدد من الوزراء الاتحاديين، وخيار الانسحاب منها، الذي نادى به عدد من الاتحاديين في مؤتمرهم الأخير المنعقد بالرباط. وكشفت نفس المصادر أن عباس الفاسي وعبد الواحد الراضي عقدا لقاء ثنائيا يوما واحدا قبيل جلسة انتخاب رئيس جديد للغرفة الثانية، حاول فيه أمين عام حزب الاستقلال إقناع الراضي بسحب ترشيح زبيدة بوعياد والاتفاق على دعم المعطي بنقدور، إلا أن الراضي رفض الاقتراح وأصر على خوض الفريق الاشتراكي للسباق على المنافسة، رغم علمه بأن حظوظ بوعياد ضئيلة جدا في الفوز. وقالت ذات المصادر إن ترشيح حزب الاستقلال لمحمد الأنصاري تقرر في اللحظة الأخيرة، بعدما تم تداول اسمي كل من عبد الحق التازي وفوزي بن علال، المستشارين عن الحزب، إلا أن كون التازي لديه قضايا في المحاكم جعل الحزب يضغط عليه لسحب ترشيحه، بينما فضل بن علال دعم مرشح الأحرار، وإقناع الأنصاري بالانسحاب في الدور الثاني لدعم بنقدور. وفي اتصال بعضو من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، رفض الكشف عن اسمه، قال ل»المساء» إن الحزب لم يكن قرر تقديم مرشح له لرئاسة مجلس المستشارين قبل أن يرشح الاتحاديون زبيدة بوعياد، مضيفا أن الاستقلاليين قدموا ترشيحهم بعد أن تأكدوا أن الاتحاديين لن يدعموا مرشح الأحرار في الدور الأول، الأمر الذي شتت أصوات الأغلبية وأظهرها أكثر تفككا من ذي قبل، وأضاف: «الاتحاديون والاستقلاليون دائما في سباق قوي بينهما رغم تعايشهما داخل الكتلة الديمقراطية وفي الحكومة». وقال إن الاتحاد الاشتراكي يوجد في مأزق حقيقي حاليا، فهو غير قادر على الانسحاب من الحكومة، خصوصا بعد أن جدد الملك محمد السادس ثقته في الراضي وزيرا للعدل، بما يفيد رغبة القصر في أن يبقى الاتحاد في صف الأغلبية، وغير قادر على البقاء فيها بالشروط الحالية، بسبب ضغوط قواعد الحزب وبعض الأصوات في مكتبه السياسي، التي تدعو إلى إعادة التفاوض مجددا حول موقع الحزب في الحكومة.