كيف تأسّس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب؟ ولماذا خُلق هذا التنظيم من رحم المركزية الأم «الاتحاد المغربي للشغل»؟ ومن يقف وراء هذه العملية؟.. حسب المعلومات المُتداوَلة في أدبيات المركزية النقابية فالبداية الفعلية كانت بتاريخ الأحد 20 مارس 1960، إذ في هذا اليوم خرجت قيادة حزب الاستقلال، بقرار تأسيس اتحاد جديد يجمع «الغاضبين» من التحاق الاتحاد المغربي للشغل بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي خرج سنة 1959 من رحم حزب الاستقلال.. وهي العملية التي سبقتها عدد من المحطات الأساسية التي رسمت، في ما بعدُ، صورة هذا التنظيم الجديد، وتمثلت أساسا في خلق النقابات الحُرّة، ثم تكوين رابطة التعليم، وبعدها خلق لجنة الأربعة عشر لتأطير وتنظيم القطاعات التي ستكون قاعدة الاتحاد العامّ مستقبلا. وحسب الكرونولوجيا التي تضعها أدبيات الاتحاد العام للشّغالين فقد عرفت مرحلة التأسيس معاركَ ضارية كانت «فاتورتها» استشهاد بعض المناضلين وضرب وجرح وطرد آخرين كثيرين، وكان من تجلياتها رفض الاعتراف بالنقابة الجديدة إلى حدود سنة 1963، بمبرّر أن قانون الشغل حينها لم يكن ينصّ على التعددية، ما دفع قيادتها إلى مقاضاة الحكومة لدى لجنة الحرّيات العامة في المكتب الدولي للشغل، وهو ما تلاه صدور الحكم لصالح الاتحاد العامّ، وتمكن الاخير بموجبه من انتزاع «الاعتراف الرّسمي»، وكان ذلك مقدمة لتغيير القانون، الذي صار يؤكد مبدأ «التعدّدية النقابية في المملكة». لكنْ، رغم كل هذا يظل السؤال الأساسي المطروح هو: هل كانت هناك بالفعل استقلالية في قرار القيادة الاستقلالية خلقَ هذه المركزية النقابية البديلة، بمبرّر الغضب من التحاق قيادات للاتحاد المغربي للشغل بالحزب الجديد ورغبتها في خلق ذراع نقابيّ مُوالٍ يكون سندا للحزب وورقة ضغط في مواجهة النظام؟ أم إنّ الأمر برُمّته كان بإيعاز من جهات في الدولة دفعت في اتجاه خلق مُنافِس جديد يمكّنها من «تقليم أظافر» الحزب المُعارِض الجديد، الذي بدأ نفوذه يتقوى يوما عن يوم؟ وهو ما يبرّر حينها لجوء الاتحاد المغربي للشغل إلى تنفيذ إضراب عامّ في يوم 20 مارس 1960 كردّ فعل على خلق الاتحاد العامّ للشغالين؟ يقول خالد الجامعي، القيادي ورئيس التحرير السابق في جريدة «لوبنيون»، لسان حال حزب الاستقلال، «إنّ تأسيس الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب كان، بالتأكيد، من أجل ضرب أو إضعاف نقابة الاتحاد المغربي للشّغل، والرّجُل الذي فكر وخطط لأمر التأسيس هو محمد الدويري، في سياق مواجهاته مع الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي كان قد خرج من رحم حزب الاستقلال».. لكنّ الأمر، يضيف الجامعي، «ما كان ليتم إلا بمباركة نظام الحكم، الذي كان يُوزّع الأدوار في إطار ضبط التوازن الاجتماعي بين نقابة الاتحاد المغربي للشغل، التي صارت تحت قيادة المحجوب بن الصديق، حليفا للمخزن، وبين الاتحاد العام للشغالين.. فبالقدْر الذي كان المخزن يحرّك نقابة بن الصديق يمينا وشمالا، كان يعمل على تقوية الاتحاد العام للشغالين، حتى يكون بمثابة عجلة الاحتياط، إذا ما زاغ بن الصّديق عن الطريق الذي اختطّه له».. يُشاطر الفكرة ذاتَها الباحثُ محمد ظريف، إذ قال في تعليقه على مسألة كون الاتحاد العام للشغالين بالمغرب هو في، نهاية الأمر، صنيعة لنظام الحكم: «حينما وقع الانشقاق داخل حزب الاستقلال وبرز حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، كان بديهيا أن يطال الانشقاق مختلفَ القطاعات الموازية، وفي هذا الإطار ظهر الاتحاد العامّ للشغالين، أيْ أنّ تأسيس هذه المركزية هو مرتبط أساسا بكون الحزب المنشق استولى على الاتحاد المغربي للشغل، وأكيدٌ أن حسابات الحكم في تلك الفترة كانت هي إضعاف الاتحاد المغربي للشغل، مثلما هو أكيدٌ أن حزب الاستقلال يؤكد أنه من حقه، كحزب، أن يتوفر على مركزية نقابية.. وهناك من يرى وراء ذلك حسابات سياسية مثلما حدث مع النقابة الطلابية، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بمعنى أنّ تأسيس الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب لا يمكن إخراجه عن سياق عامّ تميّزَ بصراعات داخل حزب الاستقلال وأخرى بين الحكم والحزب المُعارِض الجديد، وهو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.. وما دام أنّ نظام الحكم كان يدرك أن قوة الحزب الجديد تكمن في مركزيته النقابية كان من الضروريّ التفكيرُ في إضعاف الاتحاد المغربي للشغل من خلال خلق مركزية منافِسة».. سؤال الاستقلالية.. إذا سلمنا بفكرة أن «ميلاد» الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب كان بإيعاز «جهات في الدولة»، أو حتى بتخطيط منها، من خلال دفع قيادات حزب الاستقلال، من أمثال امحمد الدويري، إلى لعب أدوار أساسية في عملية التأسيس وفي تحديد طبيعة المواقف التي ستتخذها النقابة من عدد من القضايا، فهذا يقودنا إلى الحديث عن مدى استقلالية القرار النقابيّ عن القرار الحزبيّ، وبشكل خاصّ على مستوى اختيار الأسماء التي تناوبت على زعامة هذا التنظيم، الذي عاش طيلة كل هذه العقود على وقع الانقلابات.. وكانت البداية مع هاشم أمين، أول أمين عامّ لهذه المركزية، والذي لم يطل مقامه على رأسها سوى أربع سنوات، بعدما تم «الانقلاب» عليه من طرف القيادة الحزبية بسبب رغبته في خلق مسافة بينها وبين الحزب الأمّ، من خلال إعلانه، في ندوة صحافية، أنه لا علاقة لها بحزب الاستقلال، وهو سببٌ كان كافيا لتنحيته وتعويضه بعبد الرزاق أفيلال، أحد الوجوه التي لعبت دورا أساسيا في تأسيس الاتحاد من موقعه كعضو في لجنة الأربعة عشر، والذي استمرّ في منصبه طيلة 41 سنة، تاريخ الانقلاب عليه، بتزامن مع متابعته من طرف القضاء في ملف مشروع الحسن الثاني، بصفته رئيسا لجماعة عين السبع سنة 1983.. وهو الانقلاب الذي تحالفت فيه العديد من الوجوه، أبرزها محمد بن جلون الأندلسي، الذي كان يشغل حينها منصبَ نائب الكاتب العامّ، وحميد شباط والعربي القباج وتيتنا علوي، والذين تشكلوا ضمن ما أسموه «الحركة التصحيحية»، معتبرين أنّ مرحلة تسيير أفيلال للاتحاد تميزت بالتسلط والانفراد في اتخاذ القرارات، وهو ما قاد إلى انتخاب الأندلسي، سنة 2006، خلفا له في مهمّة لم تستمرّ إلا ثلاث سنوات، إذ كان مصيرَه «انقلابٌ» مماثل سنة 2009، من طرف «حليف الأمس» حميد شباط، الذي كان يشغل حينها منصب نائب الكاتب العامّ. وكانت «مُبرّرات» الانقلاب على الأندلسي هي نفسها المبرّرات التي قُدّمت للإطاحة بأفيلال، وخصوصا مواجهته بلائحة من الاتهامات بالفساد وسوء التّدبير والاستفراد بالزّعامة.. يقول الباحث محمد ظريف بخصوص موضوع استقلالية الاتحاد في اختيار الأسماء التي تصل إلى قيادة الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب: «علينا أن نتذكر أنّ القيادات النقابية كانت دائما حاضرة في قيادة حزب الاستقلال، أي أنّ كل القيادات تتمتع بعضوية اللجنة التنفيذية، بمعنى أنّ الأسماء المُرشّحة لقيادة المركزية النقابية ليست لها علاقة باختيارات القواعد النقابية، بقدْر ما هي محكومة بحسابات قيادة حزب الاستقلال، وأساسا في اللجنة التنفيذية والأمين العامّ، وأكيد أن علاقة الحزب بالحكم هي التي تفسّر وصول بعض الأسماء من عدمها، بمعنى أنه لا يمكن أن يتسلم شخص قيادة النقابة دون أن يحظى ب»مباركة» القيادة الحزبية، لأنه يعتبر جزءا من هذه القيادة». ما يقال عن الاستقلالية في اختيار القيادة التي ستقود الاتحاد العامّ للشغالين ينسحب على الاستقلالية عن القرار الحزبي، وهو ما يُبرز الارتباط الواضح بين الطرفين في أدبيات النقابة، التي يتم التعبير عنها في كلّ المحطات، وبشكل خاص خلال المؤتمرات، حيث تشدّد التقارير المذهبية على علاقات الترابط العضويّ مع حزب الاستقلال، إلى درجة اعتبار النقابة مُجرّدَ واجهة من واجهاته المُتعدّدة.. فضلا على التذكير بالدور النضاليّ الذي تؤدّيه المركزية داخل صفوف الحزب، من خلال «المساهمة في تقوية الصفوف ورصّها وتنظيمها وتأطيرها، ووضع إمكاناته البشرية في خدمة الأهداف الوطنية النبيلة التي تخطتها المؤتمرات الوطنية للحزب».. وحسب ظريف دائما فإنه من الصّعب تأكيد مسألة استقلالية القرار النقابيّ عن القرار الحزبي، لأنّ القرار النقابي كان مُتحكَّما فيه وكان مُوجَّها من طرف الحزب، والاتحاد العامّ للشغالين كان يعبّر دوما عن مواقف من داخل حزب الاستقلال».. ويضيف المصدر ذاته أن: «الإشكال الحقيقيّ هو أن أغلب المركزيات النقابية مرتبطة بالأحزاب، وأغلب القيادات النقابية هي جزء من القيادات السياسية للأحزاب التابعة لها، وحزب الاستقلال يعتبر نفسه مُحافظا، يسعى إلى الحفاظ على التوازنات السياسية في المغرب، وهذا يتم سواء كان مشاركا في الحكومة أو كان في موقع المعارضة، وبالتالي فالدّور الذي تمارسه مركزيته هو دور يساير هذا التوجّه بشكل عامّ، وأحيانا لا يرغب في ترك المجال فارغا للمركزيات المُعارِضة للحكومة، وينضمّ إليها لاحتواء جزء من الغضب الجماهيريّ، ولكنْ حينما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات حاسمة بالنسبة إلى المركزية فهو يرجع، في آخر المطاف، إلى قيادته داخل حزب الاستقلال». أمّا على صعيد استقلالية القرار عن المخزن فسيكون من المفيد تقديم بعض النماذج التي تفيد أنّ الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب كان، دوما، يميل إلى إبقاء خيط رابط مع نظام الحكم.. وكشف خالد الجامعي واقعة لقاء هاشم أمين بالحسن الثاني، والذي قال له الملك الرّاحل: «واشْ أنت غادي تْبقى ديما حْمار الطّاحونة ديالْ حزبْ الاستقلالْ؟».. وهو، ربما، ما فهم منه أمين أنّ عليه الانسلاخ عن جلد حزب الاستقلال.. أمّا المثال الثاني فيتعلق بعبد الرزاق أفيلال، الذي كان الجميع يتحدّثون عن ارتباطاته بالمخزن، وبشكل خاص عبر وساطة وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري، وهنا يمكن أن نستحضر واقعتين وسمتا مسارَ أفيلال على رأس النقابة، أولاهما ما صرّح به النقيب محمد زيان أثناء محاكمة النقابي محمد نوبير الأموي، إذ واجه أفيلال في المحكمة بخصوص لجوئه إلى البصري من أجل تمكينه من الطائرة الملكية كي يستطيع السفر إلى باريس لحلّ بعض مشاكله والعودة في على وجه السّرعة، ليحضر جلسة المحاكمة.. أما الثانية فهي التي أوردها حميد شباط في أحد حواراته على هامش محاولات الإطاحة بأفيلال، إذ قال: «إنّ عبد الرزاق أفيلال كان مُخبرا لإدريس البصري.. وعندما كنا نجالسه لاتخاذ قرار إضراب نقابيّ كان يتوصل بمكالمة هاتفية من طرف وزارة الداخلية»..
النقابات «الصّفراء» ودورها في بلقنة وتشرذم العمل النقابي في المغرب يُقصد ب«النقابات الصفراء»، عادة، تلك «الهياكل» النقابية التي ارتبط خلقها بمواجهة السّلطة للمركزيات التاريخية وليدة الأحزاب «التقدمية» وتحجيم تأطيرها لجمهور الشغيلة العمالية. وقد بدأ مسلسل «تفريخ» هذا الصنف من المنظمات النقابية منذ فجر الاستقلال، حيث اعتبر تأسيس النقابة الاستقلالية «الاتحاد العام للشغالين بالمغرب»، في مارس سنة 1960، كأول «اختراق إداريّ» لصفوف الحركة النقابية. كما شكل تأسيس الخطيب، زعيم «الحركة الشعبية»، نقابة جديدة «اتحاد نقابات العمال الأحرار» (U.S.T.L) سنة 1963، خطوة في هذا الاتجاه. وسنة بعد ذلك سيؤسّس رضا كديرة، الكاتب العامّ لحزب شكليّ، هو الاشتراكي -الديمقراطي، نقابة صُورية تخدم آذاك رهانات السّلطة، وهي «الاتحاد النقابي للقوى العمالية» (U.S.F.O) في سياق تشكيله جبهة الدفاع عن المؤسسات الدّستورية، المعروفة اختصارا ب«الفديك». وسبق لأحد القادة النقابيين التاريخيين، وهو المحجوب بن الصديق، بمناسبة تعبيره عن الموقف الرّسمي في المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل، في الدارالبيضاء يوم 24 نونبر 1987، في وصف هذه «الكائنات السياسية»، في عرض بعنوان «الوحدة النقابية والتعدّدية المُزيَّفة»، أن قال إنّ «المبرّر الوحيد لتعدّد التنظيمات منعدم، وهو المبرّر الديني والعقائدي»، مدّعيا أنّ التنوع العقائدي هو سبب تعدّد النقابات في بعض البلدان الأوربية، واعتبر أن النقابات الأخرى هي «نقابات مزيفة وأندية فارغة، لا هدف لها غير شقّ صفوف العمال لإضعافهم وكسب قاعدة جماهيرية لا توجد سوى في الاتحاد المغربي للشغل».. يمكن القول إنّ تاريخ النضال النقابي في المغرب هو تاريخ يحكي في الآن نفسه انشقاقات النقابات و»تفريخ» العديد من الهياكل هي أشبه ب»المَحارات الفارغة» التي ارتبطت عضويا بما يسمى «الأحزاب الإدارية»، التي ساهمت -بدورها- في «تمييع وبلقنة» العمل السياسي في المغرب، كما ظلت تردّد الأحزاب والنقابات المنبثقة من رحم الحركة الوطنية. لقد تم تحديد وظيفة هذا الصّنف من المنظمات النقابية في «ضرب مصداقية» العمل النقابي الجادّ، وتأديتها أدوارا سياسية تجد تعبيراتها بمناسبة جولات الحوار الاجتماعي مع الحكومة، «حيث يتم إضعاف القوة التفاوضية للمركزيات الأكثر تمثيلية، وبالتالي تنخرط في تعزيز تعدّدية صورية نظرا لمنشئها الفوقيّ وعدم تجذرها في أوساط الشغيلة العمالية»، كما قال العربي حبشي، عضو المكتب المركزي للفدرالية الدمقراطية للشغل، ينضاف إلى ذلك أن تلك «النقابات الصّفراء» تنشأ فاقدة كلَّ استقلالية في القرار، اللهمّ «التشويش على المعارك النضالية الحقيقية التي تناضل من خلالها المركزيات الكبرى على انتزاع مكتسبات اجتماعية واقتصادية لمنخرطيها». هل في وسع الحياة السياسية والنقابية استيعاب 36 نقابة في قطاع التعليم لوحده!.. إنه مثال جليّ يُبرز تلك التعددية «المُفتعَلة» غير الفعلية. كما أنّ هناك نقابات تطلق على نفسها لفظ «المركزية» رغم تمثيلها قطاعا معينا فقط، كالصّحة مثلا، أو تواجدها في جهة مُحدَّدة، دون أي تغطية قطاعية أو مجالية وطنية.. ناهيك عن التدبير «الشخصانيّ» لتلك النقابات، التي يعمد مؤسسوها إلى سلك قنوات غير مألوفة في الثقافة النضالية العُمّالية، من قبيل بعث البرقيات والرّسائل الاستعطافية إلى «الجهات العليا»، عوض عن تدبير موازين القوى لصالح الفئات التي تمثلها.. عن ذلك يحكي أحد القادة النقابيين، وهو عبد الخالق حمدوشي، القيادي في الاتحاد المغربي للشغل، واقعة طريفة تبرز طريقة عملها، حين اقترح أحد «القياديين الصّفر» زيارة ضريح محمد الخامس كحلّ لأحد الإشكالات العالقة مع «الباطرونا»، بعيدا عن ضوضاء التفاوض والانخراط في المعارك النقابية.. إنّ مثل تلك الواقعة تبرز ضحالة الرّسالة الاجتماعية المنوطة بالعمل النقابي لهذا الصنف الهجين من القادة العمّاليين، كما تبرز الانتهازية التي تطبع سلوكاتهم «النضالية»، والتي تجد في المدن الكبرى فرصة الانتعاش وممارسة «شذوذها النضاليّ»، عكس المدن الصّغرى، التي تنفضح داخلها رهانتها غير الشّريفة، مكتفية بنهج توزيع الوعود والأماني المعسولة على منخرطيها، عوض التجذر في همومهم ومَطالبهم الفئوية.. إنها أشبه ب»البوتيكات» النقابية التي تنشط عادة مع قرب الاستحقاقات الانتخابية، سواء منها المحلية أو البرلمانية، حيث تعبّئ الأحزاب «الإدارية» كل منظماتها الموازية، من «جمعيات ثقافية» و»نقابات صفراء»، لإحداث الجلبة الانتخابية والظهور الإعلاميّ.