سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبداللطيف الزين: عدم تنظيم الصالون العربي بمراكش يعود إلى مؤامرة دبرت ضدي شخصيا أكد أن الأبناك راهنت على بعض الأسماء المغمورة وسخرت موارد مالية مهمة ووظقت نقاد مأجورين للكتابة عنها
يمتد الحوار مع الفنان التشكيلي عبداللطيف الزين، رئيس جمعية ونقابة الفنانين التشكيليين المغاربة، إلى ضفاف كثيرة، فهو يبدأ من اللوحة ليلامس فضاءات مختلفة وهواجس ترتبط أساسا بالممارسة التشكيلية في البلاد. شكل فشله في تنظيم دورة جديدة من الفن المعاصر، الذي أراده أن يكون بمثابة "بينالي" للتشكيل العربي، ضربة قاسية له، ويرد عدم تنظيم المعرض في موعده إلى حملات مدبرة ضده من طرف خصومه التشكيليين، فحتى في غابة الألوان لا يعدم الشخص أعداء يتربصون به. - ما هي الأهداف التي حققها الصالون الوطني للفن المعاصر في دورته الثانية؟ وهل كان بمثابة رد فعل، بعد الاستغناء عن الصالون العربي الأول للفن المعاصر، بعدما أعلن عنه رسميا في السنة الماضية؟. تجربة الصالون الوطني الثاني للفن المعاصر كانت ناجحة وامتدادا للصالون الأول، حيث كان محطة أساسية بالنسبة لمختلف الاتجاهات التشكيلية المغربية، ومشاركة فعالة كسرت الحواجز الوهمية بين الأجيال، سواء بالنسبة للفنانين المرموقين أو المغمورين منهم، وكانت فرصة للتعرف على تجارب جديدة من مختلف المدن والقرى المغربية، بما فيها النائية، أشرفت على انتقائها لجنة الاختيار، وعلى رأسها الناقد عبد الرحمان بنحمزة، والهدف منها هو توفير إمكانية العرض للتعريف ببعض تجارب الفنانين الذين لا يتوفرون على الدعم المادي والمعنوي والإعلامي، وإتاحة الفرصة للقاء والحوار والتعارف، مما جعل من التظاهرة متحفا مصغرا، عرف زيارات مكثفة من مختلف المدن المغربية، بما في ذلك الزوار الأجانب. إذن كان من الصعب، على المستوى التنظيمي، أن نوفر ظروف العرض لما يزيد عن 130 فنانا، لولا مساعدة ومساهمة الجهات المسؤولة. ولهذا، فإن نجاح هذه التظاهرة يثبت بأنها لم تكن ردة فعل بالنسبة للصالون العربي، بحكم اختلاف أهدافهما اللوجيستيكية، ولأن الفكرة في الأصل كانت تبعا لزيارتي للخليج من أجل العرض كضيف شرف صحبة فنانين مغاربة، فقد راودتني الرغبة لاستدعاء عدد من الفنانين العرب للتعريف بإبداعاتهم، التي اكتشفت أنها ترقى إلى مستوى عال من الجودة، وتضاهي في جماليتها وعمقها الإنتاجات المغربية والغربية، خاصة (وهذا رأي شخصي) أن الفن الغربي وصل في الآونة الأخيرة للتفاهة والاضمحلال Décadence، وتبعا لإحصائيات الأرباح التي قامت بها شركة سوذبيز، الخاصة ببيع التحف الفنية سنة 2011، فقد وصلت إلى مائة وخمسة وسبعين مليون دولار، واحتسابا للزيادة في الأرباح، عملت على فتح سوق هامة، رافقها إحداث عدد كبير من الأروقة وصل إلى 100 رواق في الخليج، بعدما كان يتراوح عددها بين 10 و20 رواقا، بينما في المغرب كان العدد لا يفوق 5 قاعات، إلى أن أصبح الآن يتراوح بين 30 و40 قاعة، ولهذا كان الهدف من هذه التظاهرة العربية هو التعريف بالإبداعات المغربية والعربية عالميا على حد سواء. أما عدم تحقيق المشروع الذي كان المتوقع تنظيمه بمراكش تحت الرعاية الملكية بعد سنتين من الاستعداد له، فمرده إلى مؤامرة تم الإعداد لها بمدينة أصيلة، ثم إن وزير الثقافة رحب بالفكرة، لكن لم يرسل ليرحب بالوزراء المدعوين من الخليج، الذين طال انتظارهم من أجل الموافقة الرسمية على المشاركة، واستدرك كذلك فيما بعد سوء التفاهم الحاصل فيما يخص تعويض تكاليف هذه التظاهرة، بعد لقائنا به. - وما هي المكتسبات التي حققتها نقابة الفنانين التشكيلين المغاربة بصفتك رئيسا مؤسسا لها؟ من المكتسبات التي حققتها نقابتنا الاشتغال مع باقي النقابات الأخرى، بما فيها الموسيقية والمسرحية، لتنزيل قانون الفنان الذي كان لا يعترف به، ثم الحصول على بطاقة الفنان، وإنشاء تعاضدية الفنانين. بعد ذلك أسسنا صحبة الفنانين محمد بناني، فؤاد بلامين، عبد الرحمان رحول، عبد الكريم الوزاني ولطيفة التيجاني، نقابة الفنانين المحترفين، لخدمة كل من حصل على البطاقة المهنية وكل من هو معترف به رسميا، لمطالبة الجهات المسؤولة بالتسهيلات التي تتعلق بسير عمل الفنان، ولأول مرة تجمع هذه النقابة بين المنتمين للجمعية المغربية والوطنية للفنانين التشكيلين، لصعوبة الأمر.. - ألا ترى معي بأن تأسيس نقابة الفنانين التشكيليين المحترفين ستضر بمصالح نقابة الفنانين التشكيليين المغاربة التي ترأسها هي الأخرى؟. لا أعتقد ذلك، لأن نقابة التشكيليين المحترفين لا تخص إلا من حصل على البطاقة المهنية، مع الاشتغال طبعا على واجهتين، لمعالجة كل القضايا المتعلقة بالطرفين، حسب مستويات هذه القضايا. ثم إن الغرض من تأسيس النقابة الثانية كان هو تفعيل البطاقة المهنية للفنان وما يمكن أن توفره من امتيازات، مع الدفاع عن حقوق المنخرطين في النقابة الأولى، في انتظار الاعتراف بهم والحصول على البطاقة المهنية. - هناك صراع قائم بين نقابة الفنانين التشكيلين المغاربة والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين. ما طبيعة هذا الصراع؟ أصل الصراع القائم بين النقابتين هو ما أسميه «التزوير» الذي قام به الفنان عبد الحي الملاخ، بتحريف بند من بنود القانون الأساسي، مع حذف أسماء المؤسسين، وإقامة جمع عام غير قانوني، لأن حضور المؤسسين كان ضروريا قبل حضور اللجنة الوطنية أو المكتب التنفيذي، فتم إلغاؤنا، ولذلك التجأنا إلى القضاء. وقد كان بالإمكان تجاوز هذا الصراع وحصره بين الأسرة الفنية وعدم الإشهار به لولا أن العملية لم تتكرر بطريقة متتالية في مواقف أخرى، وكتابة رسائل إعلامية تحت لواء الائتلاف، ليهاجم ويشهّر بمقاطعة الصالون العربي بتبريرات واهية. - ما هي أسباب الخلاف مع مدير المتاحف بالمغرب، من خلال بلاغ نقابتكم؟ وأين وصلت ذروة هذا الخلاف، بعد الرد على هذا البلاغ، الذي اطلعنا عليه مؤخرا بالإعلام المغربي؟. تلقيت، بصفتي مسؤولا عن الجمعية والنقابة، عدة مكالمات استفسارية من طرف الفنانين، حول افتتاح المتحف الوطني للفنون التشكيلية، ونسبة حظوظ حضور أعمالهم به. لكن الرهان كان قائما على ظهور مدير المتحف بالصالون الوطني الذي نظمناه بالدار البيضاء، واحتمال انتقائه لبعض التجارب التي يرى أنها تستحق الاختيار، لكن للأسف تغيب عن الحضور، ولم نره في أي معرض من المعارض. إذن كيف يمكنه أن يعرف بما يجري إذا لم يتوفر فيه شرط المتابعة والاكتشاف؟. ولهذا، ورضوخا لطلب المنخرطين في النقابة، تم الاجتماع من أجل صياغة بلاغ نوضح ونقترح فيه وجهة نظرنا كمسؤولين. وقد وردتنا أخبار بأن المسؤول عن المتحف التجأ إلى وزارة الثقافة وبعض المؤسسات لتسلمه بعض الأعمال لمدة معينة، لكن هذه الطريقة، في نظرنا، غير صحية، ولا تخدم القطاع الفني، خاصة أننا نجد أنفسنا أمام نفس الاستراتيجية التي سلكها بعض الفنانين الذين أسندت إليهم مسؤولية الاختيار في فترة سابقة بوزارة الثقافة (المليحي وجاريد)، باعتمادهم على العلاقات الزبونية. ولهذا طالبنا بتشكيل لجنة متوازنة تمثل جميع الهيئات، عوض أن يكون الذوق والقرار أحاديا لأن الأذواق والمرجعيات المشهدية تختلف. - ولكن ألا تعتقد بأن هذا الخلاف كان مبكرا، ويجب أن تتركوا على الأقل لمدير المتاحف مدة زمنية للاشتغال، خاصة أن المتحف الوطني لم يفتح أبوابه بعد؟. لقد علمنا من بعض الفنانين الأصدقاء بأن عملية الاتصال على هذا المستوى جارية، ونرى من وجهة نظرنا أنها طريقة إقصائية للبعض الآخر. ثم لماذا لم يتصل ببعض الهيئات للاستشارة والمساعدة فقط؟. نحن لسنا ضد قراراته، ولكنه قام باختيار شخص آخر للمساعدة، وهو موظف بأحد الأبناك، ولم نلتق به إلا في بعض القاعات ذات الأهداف التجارية، ولا أعتقد أن ذوقه سيساير الأذواق الأخرى في إطار الاختلاف. وجوابا عن سؤال بعض الصحافيين حول إشكالية اختيار الأعمال، صرح مدير المتاحف بأنه ليس لأي أحد الحق في تسيير هذا الشأن ومشاركته فيه، ونحن نقر، من جهتنا، بصحة هذا القول، لأننا نحترم ونثق في اختيار جلالة الملك بعد تعيينه، لكننا نبدي رأينا فقط كشهادة للتاريخ. - وما موقفك من طبيعة الشأن التدبيري من طرف وزارة الثقافة لمجال الفن التشكيلي؟ بعد حديثي مع وزير الثقافة، اتضح بأنه إنسان منفتح، متواضع وذكي، يجيد الإنصات للآخرين، ومن أسرة علمية، وله رغبة حقيقية في الاشتغال، ولا يشبه بعض الوزراء الذين لا يشتغلون إلا مع المقربين من الأصدقاء، الذين يستغلون ظروف المسؤولية التي تسند إليهم لفترة معينة.كما لاحظت رغبته الملحة في النهوض بالثقافة، وقد قال إن رئيس الحكومة وعده بتفعيل 1 في المائة من ميزانية الدولة لتفعيل هذا القطاع، ولكن المشكل الحاصل في مجال الفنون التشكيلية يتعلق بالجانب التنظيمي، وكنا نأمل أن يعتنى به على شاكلة المعرض الدولي للكتاب، لخلق حوار فعلي على مستوى اللقاءات والندوات. أما المشكل الآخر فهو أن قطاع الموسيقى والمسرح والسينما يحظى بالدعم، دون التفكير في دعم الفنون التشكيلية هي الأخرى. - وكيف هي حال السوق الفنية بالمغرب؟ وما موقفك منها كأحد الفاعلين فيها؟. السوق الفنية بالمغرب غير واضحة وتكتسحها ضبابية، حيث لم تعرف بعد القيمة المادية (cota) الثابتة لكل فنان بمقاييس محددة، مما يتسبب في خلط مغلوط، لعبت فيه الأبناك دورا سلبيا بالرهان على بعض الأسماء المغمورة في بعض الأحيان، وتسخير موارد مالية مهمة لها، وتوظيف بعض النقاد للكتابة عنها لاكتساب مصداقية عابرة، قد تساعد على بروز هؤلاء الفنانين بسرعة فائقة دون اعتبارات تاريخية، لكنها سرعان ما ستنقلب ضدهم. أما الحركة التي عرفتها مؤخرا الساحة التشكيلية المغربية من أجل ترويج العمل الفني، فإن بعض المزادات العلنية قد أساءت إلى السوق الفنية المغربية، لأن المبيعات كانت غير قارة، وطريقة التعامل معها كانت مزاجية، مما أفقد الثقة والمصداقية عند المقتني. كما أن أصحاب بعض الأروقة يسلكون طريقة التحايل للرفع من قيمة العمل الفني، والترويج له عبر قنوات يتحكمون فيها دون غيرهم، وأعتقد أن هذا لا يضر بالفنان بقدر ما يضر بمن يكتبون ويؤرخون لهذه العملية برمتها، مما يستدعي إعادة كتابة تاريخ التشكيل المغربي.