لم يكن الجمع العام الذي عقدته جامعة الملاكمة أول أمس السبت، جمعا عاما لتكريس الديمقراطية في تدبير هذه الجامعة، بقدر ما كان أشبه بمسرحية مفصلة على مقاس الرئيس جواد بلحاج، تم خلالها الإجهاز على الديمقراطية والعودة بهذه الرياضة سنوات إلى الوراء، بل إن بلحاج الذي لم يتردد البعض في التأكيد أنه قدم الكثير لهذه الرياضة، أساء لنفسه وهو يلعب دور البطولة في فصول هذه المسرحية الرديئة، إلى جانب وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية اللتين لم يتردد ممثلاهما في الاستماتة دفاعا عن بقاء الرجل، رغم أن المفروض في هذين الجهازين أن يلتزما الحياد وأن يتركا للجمع العام كلمة الحسم. عندما أخفقت الملاكمة المغربية في أولمبياد بكين رغم أنها شاركت بعشرة ملاكمين، لم يتردد بلحاج في الإعلان عن استقالته لامتصاص الغضب، ثم تأجيل الجمع العام لأزيد من خمسة أشهر، أغلق خلالها الرجل هاتفه النقال في وجه أسرة الملاكمة، بل إن أعضاء جامعيين أصيبوا بالحيرة وعجزوا عن ربط الاتصال به، ما جعل الملاكم محمد العرجاوي يتوجه إلى روسيا للمشاركة في منافسات كأس العالم بمصروف جيب لم يتجاوز الألف درهم وفي غياب مرافق من الجامعة. أما عندما جاء الجمع العام فقد تبين أن الاستقالة كانت مجرد مناورة انتخابية وأن الرجل يريد الاستمرار في الرئاسة بأي ثمن. وإذا كان من حق بلحاج أن يتمسك برغبته في البقاء، فإن مايبدو غير مفهوم هو إعلانه عن الاستقالة ثم التراجع عنها، وكأن الاستقالة أصبحت الطريق الأسلك للبقاء، بدل أن تكون عنوانا للتغيير وللاعتراف بالإخفاق. وما يبدو محيرا بالفعل، هو أن بلحاج أكد لخالد القنديلي أنه أبلغ الملك باستقالته النهائية من رئاسة الجامعة، وبأنه لايمكن أن يستمر، قبل أن يدعوه لوضع برنامجه والترشح لخلافته، ثم في النهاية عدل عن الاستقالة. أما ما يبدو محيرا بالفعل فهي تلك المشاهد السخيفة التي ألقت بظلالها القاتمة على الجمع العام، فقد شاهدنا كيف أن البعض انخرط في نوبة بكاء لثني بلحاج عن استقالته، بل إن هناك من دعا إلى عدم تطبيق الديمقراطية وإلى التصفيق بدل الصناديق الزجاجية، أما عندما كان يتم انتقاد بلحاج وطريقة عمل الجامعة وتدبير بعض ملفاتها، فإن القوات الاحتياطية لبلحاج لم تكن تتردد في أن تقمع الأصوات الغاضبة وفي منعها من أن تدلي برأيها. وقد كان لافتا للنظر أنه تم السماح لحكام ولمدربين بأخذ الكلمة والإشادة بعمل الجامعة، رغم أن القانون يسمح فقط لممثلي الأندية بالتدخل، وإبداء رأيهم في طريقة تسيير الجامعة وفي حصيلة عملها. وقد بلغت الرداءة أقصى مستوياتها، عندما قال ممثل أحد الأندية إن الرسالة الملكية للمناظرة الوطنية للرياضة جاءت لتثني بلحاج عن تقديم استقالته، قبل أن يصيح «عاش الملك عاش بلحاج». وقد كانت صيحة هذا «الممثل» بليغة، فباسم الملك سلخ بلحاج الديمقراطية بشكل علني، وقدم صورة سيئة عن الرياضة المغربية في مرحلة ما بعد الرسالة الملكية. أما عندما تسلم ممثلو الأندية مبالغ مالية بعد نهاية «المسرحية» تعويضا لهم على حضورهم الجمع العام، فقد كانت الإشارة بليغة أن أسوأ الأيام هي تلك التي لم تعشها الرياضة المغربية بعد.