يعرض الفنان التشكيلي، عبد الله الهيطوط، آخر أعماله بعنوان «غموض و وضوح»، برواق محمد الفاسي بالرباط، يوم الثلاثاء 16 أبريل 2013 في الساعة السادسة والنصف، تحت إشراف وزارة الثقافة. لم تكن تجربة هذا الفنان محض صدفة، وإنما كانت تجربة عالمة بمكوناتها التقنية، التاريخية و الإبداعية، نظرا للمرجعية العميقة التي تحتوي عليها، استنادا لمعرفة صاحبها و درايته بجل التطورات الفنية التي صاحبتها في شموليتها، سواء محليا أو عالميا، وكذلك لاضطلاعه بكل الأجناس التعبيرية بدون استثناء، مستشهدا في بعض الأحيان بالتراكمات المعرفية للأجناس الأدبية والفلسفية، قراءة وتحليلا، نادرا ما يتوفر عليها التشكيليون المغاربة. إن تجربته التشكيلية في فحواها المفاهيمي اختزالية و إيجازية في اختياره لنوعية السند (الكارتون) والمادة معا، لكنها تراكم معرفة فكرية، لتكون نسقا مترابطا، جعلت ممارسته الحرفية في خدمة الأفكار، مما يدل على منهجيته الاستدراكية لكنه الأشياء، التي يوظفها كشذرات إيحائية، تحيلنا على أسئلة أساسية في تاريخ التشكيل بصفة عامة. الغموض والوضوح (ambiguïté et clarté)، هو التيمة المحورية والمهيمنة التي أفرزتها تجربة الفنان عبد الله الهيطوط، في علاقتها بطريقة معالجته للأشكال التي وظفها، كمشروع غير مكتمل (Inachevé)، كان السند فيه جسرا نحو تحقيق الفكرة في شموليتها، كسؤال عن أهميته و استجابته لمتطلبات تقنية حوارية ثنائية، بين اتجاهين تمت فيهما عملية انتقالية متبادلة بين التجريد والتشخيص، استنادا لرؤية منهجية للعلاقة التاريخية بينهما. إن عمل الفنان عبد الله الهيطوط عمل تركيبي، ينطلق من مفردات مستقلة، استنبطها من إحاطته بعناصر كرافيكية وأخرى صباغية، مما شكل عبورا ثنائيا من الجزء للكل و من التجريد للتشخيص ومن الرسم (Dessin) للصباغة، اعتمد في جزء من مكوناتها على ذاكرة طفولية كان سندها الجدار، بحرية انعتقت من سلطة القواعد الأكاديمية إلى حرية تعبيرية تحكم فيها عامل فعل الحركة والانسياب. فالظاهر في عمل هذا الفنان هو الشكل الخارجي، بما يحتويه من خربشات كرافيكية بتقابلاتها الضوئية، حيث هيمنة الأبيض بتوهجه، ثم الأسود بالظل المحدد للأشكال، أما الغابر فيه فهو تلك النفحة الصوفية بامتداداتها الحركية.