أجرى ثباتيرو مباحثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والوزير الأول التركي رجب طيب أردوغان، اللذين توصل معهما إلى ضرورة القيام بضغط دولي من أجل وقف فوري لإطلاق النار، واحترام الشرعية الدولية التي يجب على المجتمع الدولي الوصول إلى فرضها على الجميع. وقبل تصريحات ثباتيرو بأيام، كانت وزارة الخارجية الإسبانية قد أصدرت بيانا تؤكد فيه «إدانة إسبانيا الشديدة للرد العسكري الإسرائيلي المبالغ فيه ضد قطاع غزة». حطت المشاهد الدموية، التي ظلت تنقلها القنوات التلفزيونية الإسبانية طيلة الأسبوع الماضي، بثقلها على مدريد، بعدما دعت بعض الأحزاب السياسية الإسبانية، يتزعمها اليسار الموحد والحزب الشيوعي الإسباني والهيئات الممثلة للجالية العربية، إلى وقفة أمام مقر وزارة الخارجية الإسبانية بقصر سانتا كروز، من أجل الضغط على الحكومة الإسبانية لتلعب دورا في وقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وحضر حوالي ثلاثة آلاف شخص صبيحة يوم السبت أمام مقر وزارة الخارجية يحملون لافتات منددة بهمجية إسرائيل ومساندة للشعب الفلسطيني الذي يباد عن آخره. وحضر الإسبان مرة أخرى من مختلف الأعمار وغطت الحدث مختلف وسائل الإعلام الإسبانية، وخلال الوقفة حدثت انفلاتات، عندما قام أحد رجال الأمن بدفع مهاجر فلسطيني لم يتردد في الدخول في اشتباكات بالأيدي مع رجل الأمن الإسباني، قبل أن ينقض عليه رجال الأمن الإسبان ويشلوا حركته ثم ينقلونه في سيارة الشرطة إلى أقرب دائرة أمنية لاستنطاقه، وحاول بعض المتظاهرين منع السيارة من التقدم، لكنها وجدت لنفسها طريقا وسط الصفير والصياح بضرورة إطلاق سراح المواطن الفلسطيني، وخلال المظاهرة كان البعض متخصصا في إعطاء التصريحات لوسائل الإعلام، فيما كانت ثلاث عجائز إسبانيات متخصصات في إزعاج رجال الشرطة الإسبانيين الذين لم يجدوا لذلك أي حل، وزادت مضايقات العجائز الإسبانيات بعد اعتقال الشاب الفلسطيني. استمرت المظاهرة حوالي ساعة، وكان من المفروض أن ينفض الجمع في الساعة الواحدة، لكن الوقفة الاحتجاجية السلمية ستتحول فجأة إلى مسيرة عارمة غير مرخص لها جابت مختلف شوارع مدريد، بعدما انطلقت من ساحة «بويرطا ديل صول»، ثم اتجهت صوب البرلمان الإسباني، وبدا الارتباك واضحا في البداية على الشرطة الإسبانية التي فوجئت بالجموع البشرية تتحرك في شوارع مدريد دون هدف محدد، وأوقفت عدة سيارات أمن أمام مقر البرلمان الإسباني قبل أن تنسحب هذه السيارات بسرعة وتفتح الطريق أمام المتظاهرين الغاضبين، والذين توجهوا بعد ذلك مباشرة إلى شارع «لاكستيانا» حيث المركز الاقتصادي للمدينة. كانت سيارات الشرطة والإسعاف تركض في جميع الاتجاهات، وكانت الحيرة هي ما يبدو من تصرفات قوات الأمن الإسبانية، وظل بعض ضباط الشرطة البلدية الإسبانية يسبقون المظاهرة بعدة أمتار، فيما بدا الاستغراب والهلع على الإسبان الذين كانوا يرون صور الشهداء وأعلام فلسطين وشعارات مثل «الله أكبر عاصفة لليهود ناسفة» في قلب مدريد دون أن يفهموا شيئا، كان بعضهم يسرع الخطى وآخرون يتركون فناجين القهوة في المقاهي ويخرجون لالتقاط الصور للمتظاهرين. كان شبان فلسطينيون ومغاربة وسوريون هم من يقومون بقيادة المظاهرة... وكانوا لا يعرفون في البداية إلى أين يقودونها، ثم قرروا أن يذهبوا إلى السفارة الإسرائيلية التي كانت تبعد عنهم بأزيد من كيلومتر، وكانت هذه المسافة الزمنية كافية ليحل فريق من رجال الأمن الإسبان المتخصصين في مكافحة الشغب، لم يكن عددهم كبيرا، بيد أنهم كانوا مدججين ببنادق الغاز المسيل للدموع، ظلوا يسيرون أمام المظاهرة لمنع أي حادث شغب، إلى أن وصل المتظاهرون أمام مقر السفارة الإسرائيلية، وفي تلك اللحظة قامت قوات الأمن بتطويق مدخل السفارة من جميع الجهات لمنع أي انفلات أمني، استمر الاحتجاج أمام مقر السفارة الإسرائيلية التي تبدو وكأنها بناية خالية من البشر بزجاجها المعتم، ثم انصرفوا بهدوء وهم يطوون الشعارات ضاربين موعدا آخر في المساء بساحة بويرطا ديل صول. ثباتيرو ينتقد إسرائيل وجه رئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو انتقادا إلى إسرائيل التي اعتبر أنها تسلك طريقا بدون مخرج، والذي لن يقود إلى السلام والأمن بالنسبة إلى الإسرائيليين، وجاءت تصريحاته أياما فقط قبل الاجتماع الذي سيعقده مع محمود عباس، الرئيس الفلسطيني والذي تتوقع مصادر من داخل قصر المونكلوا الإسباني أن يتم اليوم (الخميس). وزاد ثباتيرو قائلا: «ليس هناك حل عسكري للأزمة، ومن باب الصداقة التي تجمعنا بالحكومة الإسرائيلية أريد أن أخبرها بأن ما تفعله ليس الطريق الصحيح الذي يقود إلى السلام والأمن... فالأمن ضروري بالنسبة إلى إسرائيل، لكن جعل ذلك مبررا من أجل استخدام القوة دون الاهتمام بالأضرار الجسيمة التي تلحقها بالأبرياء، فذلك طريق لا يؤدي إلى مخرج، فالعنف الإسرائيلي والتصرفات غير المسؤولة لحماس التي تقود إسرائيل إلى العدوان ضدها يمكنها أن تزرع اليأس لدى شعوب المنطقة». وأوضح ثباتيرو أن إسبانيا مع إنشاء آلية دولية للتنسيق من أجل وقف إطلاق النار، بشكل يمكنه ضمان أمن إسرائيل والسماح للساكنة الفلسطينية بحياة كريمة في غزة، وهو ما يمكن أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتنسيقه. وفي هذا السياق أيضا، أجرى ثباتيرو مباحثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والوزير الأول التركي رجب طيب أردوغان، اللذين توصل معهما إلى ضرورة القيام بضغط دولي من أجل وقف فوري لإطلاق النار، واحترام الشرعية الدولية التي يجب على المجتمع الدولي الوصول إلى فرضها على الجميع. وقبل تصريحات ثباتيرو بأيام، كانت وزارة الخارجية الإسبانية قد أصدرت بيانا تؤكد فيه «إدانة إسبانيا الشديدة للرد العسكري الإسرائيلي المبالغ فيه ضد قطاع غزة»، كما نددت بما سمته «التصرف غير المسؤول من طرف حركة حماس بتوجيه صواريخ ضد إسرائيل». وفي السياق نفسه، أعلنت الحكومة الإسبانية عن تخصيصها مساعدات لفائدة سكان غزة عبر الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، عبارة عن لوازم طبية موجهة إلى مستشفى غزة تبلغ قيمتها مليونا ونصف مليون دولار بسبب الخصاص المهول الذي يعاني منه المستشفى في المعدات الطبية منذ ستة أشهر. تراجع الهجمات على سبتة ومليلية لم يتجاوز عدد محاولات المهاجرين السريين الأفارقة دخول مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين 12 محاولة طيلة سنة 2008، وهو ما يؤشر على تراجع في عدد المحاولات بشكل كبير وفق المعطيات التي سربها المعهد العسكري الإسباني خلال هذا الأسبوع. وتشير نفس المعطيات إلى تراجع في عدد المهاجرين السريين الذين يمكثون في الغابات المغربية في انتظار دخولهم إلى المدينتين، وكانت أهم محاولة خلال السنة الماضية هي تلك التي قام بها حوالي اثني عشر مهاجرا سريا حاولوا دخول المدينتين دفعة واحدة عبر سلالم خشبية قاموا بصنعها بأنفسهم، فيما كان يقوم بالمحاولات الأخرى أشخاص يتراوح عددهم بين اثنين وخمسة أشخاص، وقام بعضهم بمحاولات فردية نجح فقط أربعة منهم في مسعاهم وتم نقلهم إلى المركز المؤقت للمهاجرين، فيما انتهت باقي محاولات العبور إلى المدينتين بهرب المهاجرين السريين مرة أخرى إلى الغابات التي جاؤوا منها في انتظار إعادة تكرار المحاولة مرة أخرى. ومقابل التراجع المسجل في عدد الهجمات على السياج الأمني للمدينتين، فإن تقرير جمعية حقوق الإنسان بالأندلس كان قد أشار إلى ارتفاع في عدد القوارب القادمة إلى السواحل الأندلسية منذ الشهور الأولى للعام الحالي، مما يعني أن هناك تخليا عن طريق سبتة ومليلية وعودة إلى تجريب قوارب الموت من أجل الوصول إلى الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق. وللتذكير، فقد أدى الهجوم الجماعي الذي قام به المهاجرون السريون الأفارقة على السياجات الأمنية نهاية صيف 2005 إلى قيام السلطات المغربية باعتقالات واسعة وعمليات تمشيط وترحيل للمهاجرين السريين، فيما قامت إسبانيا بإنزال الجيش من أجل حماية السياجات الأمنية. المغرب سوق واعد في زمن الأزمة تحول المغرب إلى وجهة للمقاولات الإسبانية في عدة جهات، فقد أطلقت غرفة التجارة والصناعة بولاية فلنسية الإسبانية سلسلة من المشاورات مع المسؤول الاقتصادي والتجاري للسفارة المغربية بمدريد بهدف معرفة إمكانيات الاستثمار في الجار الجنوبي للمملكة الإسبانية، أخذا بعين الاعتبار أن نمو الاقتصاد المغربي رغم أنه يسير بوتيرة متوسطة بيد أنه يوفر تشجيعات للمقاولات الأجنبية، كما أن اليد العاملة رخيصة، خصوصا أن فلنسية تطمح إلى التوسع الاقتصادي بعدما صارت تحتل المرتبة الثالثة اقتصاديا بعد مدريد وبرشلونة على المستوى الوطني. وفي السياق ذاته، ساهمت الوضعية الاقتصادية المتأزمة بمنطقة تشيكلانا التابعة لمدينة قادس في انتقال عدة مقاولات إسبانية إلى الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق، رغم أن ذلك سيؤدي إلى فقدان عدة مناصب للشغل في إسبانيا. ويعود سبب اختيار المغرب من طرف المقاولات الإسبانية، إلى وجود عدة مشاريع تهم البنية التحتية وعدة مركبات سياحية تحتاج إلى خبرة المقاولات الأوربية في مجال التكنولوجيا الحديثة، وعمال مؤهلين لإتمام هذا النوع من المشاريع التي تحتاج إلى تقنيات خاصة. والواقع أن هناك عدة مقاولات إسبانية حطت الرحال بالسوق المغربية، خصوصا منها ديغافاسا وأوتيل بوكس، اللتين تعتقدان أن الجار الجنوبي يعد أرضا خصبة للاستثمار، لذلك يعمل المقاولون على الاستفادة من الإمكانيات المتاحة حاضرا ومستقبلا، فهذه المقاولات ترى أن المغرب يشبه ما كانت عليه إسبانيا اقتصاديا قبل ربع قرن، حيث تحولت البلاد إلى ورش كبير للتشييد. محمد السادس وخوان كارلوس بعد الرسالة التي بعثها الملك محمد السادس، مع الوزير الأول عباس الفاسي، إلى الملك خوان كارلوس، بمناسبة انعقاد الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة المنعقدة منتصف دجنبر الماضي بمدريد، قام الملك محمد السادس ببعث رسالة تهنئة إلى العاهل الإسباني بمناسبة عيد ميلاده، وهو ما يشكل خطوة أخرى نحو المصالحة وإعادة أجواء الثقة بين مملكتي جبل طارق. ورغم أن برقية التهنئة كانت عادية جدا، حيث أعرب «الملك محمد السادس في هذه البرقية، عن أحر تهانئه وأطيب متمنياته للملك خوان كارلوس الأول وللملكة صوفيا ولكافة أفراد الأسرة الملكية بدوام الصحة والسعادة وللشعب الإسباني الصديق بالمزيد من التقدم والرخاء»، فإنها تشكل خطوة أخرى قد تتوج بزيارة عاهل إسبانيا للمغرب، وهو ما عبر عنه خوان كارلوس في رسالته التي بعثها مع عباس الفاسي إلى ملك المغرب.