قراءتنا في نسبة السرطانات المرتبطة بنظام الغذاء تحيلنا على تدهور العادات الغذائية لمجتمع فقد رباطه مع مفهوم التغذية وصارت لا تمثل بالنسبة إليه سوى عملية لإشباع البطن وجلب الطاقة، دون أخد تأثير ذلك على الصحة بعين الاعتبار. لا نود الخوض في تحليل الأسباب التاريخية والسوسيو –اقتصادية المسؤولة عن هذا التغيير، لكن الأكيد أن هذا النمط الجديد المتمحور حول ضرورة الأكل من أجل الإشباع هو فعلا نمط ضار. وبرجوعنا إلى الحضارات القديمة كالعربية والفرعونية والهندية والإغريقية والصينية... نرى أن جميعها حثت في كتبها ودونت ملاحظاتها حول تأثير النباتات والأغذية الإيجابي على الصحة وفوائدها العلاجية، وبالتالي فمعرفة ما هو مفيد كغذاء أو ضار أو دون نفع، له قيمة عظيمة توضح العلاقة بين الإنسان والغذاء والطبيعة. إن الغذاء الذي تناوله أجدادنا بطريقة طهيهم السليمة، كان يحتوي على مكونات قادرة على التفاعل ومنع تكون الخلايا السرطانية تماما، كما هو حال العديد من الأدوية المستعملة حاليا، فهي سواء كانت مضادة للسرطان أو توصف لعلاج أمراض أخرى، فهي جزيئات قادرة على إيقاف مرحلة ضرورية من مراحل تقدم المرض، مما يحول دون تطوره، ولأنه في أغلب الأحيان، تنتج هذه الأمراض كالسرطان، مثلا، عن خلل في وظيفة الأنزيمات، فالأدوية تعمل على إيقافها من أجل إعادة خلق التوازن ومنع تطور المرض مثلا: إذا احتاج أنزيم معين إلى مادة معينة للتفاعل معها من أجل تطور مرض ما، فالدواء يبحث عن تقليد بنية هذه المادة كي يمنع ولوجها للأنزيم، وبالتالي يوقف وظيفتها. ويمكن أن تكون هذه المواد التي توقف عمل الأنزيم اصطناعية يوفرها الدواء، أو طبيعية موجودة في الأغذية التي نتناولها بشكل يومي.
إيمان أنوار التازي أخصائية في التغذية والتحاليل الطبية