في غياب مشروع مؤطر لسيارات الأجرة الكبيرة داخل المدن، بدءا من مراجعة هذه السيارات المهترئة التي يتجاوز عمر كثير منها ثلاثين سنة، وانتهاء بإنشاء محطات رسمية لائقة في أماكن بعيدة عن الأحياء الآهلة بالسكان، في ظل هذا الغياب تناسلت كالفطر محطات عشوائية احتلها أرباب هذا القطاع وأمناؤهم وأصحاب «الشكارة» من ذوي النفوذ الريعي، وحولوها إلى مواقف للعمل حيث تشتغل شريحة كادحة من أبناء الشعب في سياقة هذه الطاكسيات في ظروف مزرية وبرواتب هزيلة وبدون ضمانات اجتماعية ولا تأمين صحي ولا قوانين مؤطرة. ففي سلا، ، زحفت سيارات الأجرة من أمام محطة النقل الطرقي بشارع الحسن الثاني، لتحتل فضاءات حي محمد الخامس ببطانة العليا الآهلة بالسكان. وبعد إنشاء سكة الترامواي، صعد ما تبقى منها ليلتحق بكتيبة الطاكسيات، ليتحول المكان إلى محطة عشوائية دائمة، بحراسها ووكلائها ومطاعمها المتنقلة التي تشتغل ليل نهار. هكذا، تحول فضاء الحي إلى سوق دائم الحراك، كثير الهرج والمرج، في رواج منقطع النظير، يزخر بكل أنواع التلوث السمعي والبصري والأخلاقي... الكل في هذا السوق مستفيد، باستثناء سكان المنطقة. وكل مستفيد يؤدي ثمن الوقوف والمبيت مع واجب الانخراط في الجمعية المؤطرة. ويشهد الموقع صراعات يومية بين أرباب الطاكسيات وأصحاب الشكارات والجمعية على هذا الريع المغري. وتتسع دائرة الخلاف لتمس السكان المتضررين، مما أصبح يستدعي تدخل السلطات العمومية لتطبيق القانون. وبعد عدة سنوات على هذا الوضع، الذي خلف آثارا سيئة على السكان، أتى قرار الفرج لإفراغ المكان ونقل سيارات الأجرة إلى محطة مرخصة. لكن هذا القرار لم يدخل حيز التفيذ بعد شهرين على اتخاذه، لأن السلطات لم تستجب بعد لمطالب أرباب الطاكسيات ببناء مرفق صحي مجهز بالماء والكهرباء في المحطة الجديدة. وهذا النموذج من المحطات العشوائية المحدثة بمنطق الاضطرار أصبح ينتشر في كثير من المدن المغربية، ليغذي اقتصاد الريع، في غياب حكامة خاصة بهيكلة المدار الحضري وتفعيل سياسة المدينة.