سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البيضاويون في انتظار يومي «مهين» لحافلات وطاكسيات قد تأتي وقد لا تأتي مستخدمون طردوا من عملهم وآخرون اضطروا إلى المكوث في المنزل في انتظار «انتهاء الأزمة»
مواطنون طردوا من وظائفهم إلا من كان مرؤوسوهم من طينة خاصة، وآخرون غادروها بسبب قلة وسائل النقل في انتظار انتهاء أزمة النقل، في حين مازال آخرون يواصلون «الجهاد» بساحة المعركة ب«شوارع الدارالبيضاء» بحثا عن وسيلة نقل. على طول شارع إدريس الحارثي حيث يوجد خط حافلات النقل العمومي 10 و11 و55 و28 و143 و40 و65 و38 وكذلك الطاكسيات يصطف العشرات في انتظار قدوم الحافلة وهم على أهبة الاستعداد للتسابق نحو بابها إن هي التزمت بالوقوف في المحطة، وإلا فإن القليل من الشباب فقط هم من يتمكنون من اللحاق بالحافلة التي لا تلتزم بذلك بعد أن تتوقف مجبرة في الإشارة الضوئية. عقارب الساعة تشير إلى السابعة صباحا. كان الضباب كثيفا ذاك الصباح بالدارالبيضاء. ورغم أنه كان يحجب الرؤية بشكل كبير ورغم برودة الطقس فإن ذلك لم يكن حائلا أمام المئات من المواطنين الذين كانوا ينتظرون «على أحر من الجمر» قدوم حافلة أو سيارة أجرة من الحجم الكبير. كانوا يرمون بأبصارهم إلى أبعد نقطة يرونها بالكاد بسبب الضباب الكثيف، وفي الوقت ذاته يمعنون النظر بين الفينة والأخرى في ساعاتهم اليدوية التي تقترب عقاربها من الثامنة، موعد الالتحاق بالعمل، لأنهم يعلمون جيدا أنهم إن أضاعوا أي فرصة لركوب حافلة أو سيارة أجرة قبل السابعة وعشر دقائق فآنذاك لا يمكنهم الوصول في الوقت المحدد حتى لو استقلوا سيارة أجرة من الحجم الصغير، هذا إن وجدوها لأن معظم السائقين يرفضون الذهاب إلى وسط المدينة وإلى مختلف المحاور الطرقية التي تشهد ازدحاما بسبب أشغال الترامواي وتتطلب وقتا أطول لا مجال للحديث فيه عن الربح. مواطنون غاضبون «سائقو الطاكسيات يرفضون التوجه إلى وسط المدينة والحافلة لا تلتزم بالوقوف في المحطات الخاصة.. أنا طردت من عملي بسبب وصولي المتأخر يوميا إلى العمل. من يعوضنا عن الضرر المادي والمعنوي الذي نتعرض له. نحن نعاني يوميا بسبب مشكل النقل. مللنا هذا الوضع المزري ونتمنى فعلا لو توفرت لدينا فرص شغل بمدينة أخرى حتى نرتاح من عذاب التنقل الذي يشبه حربا يومية نحن الطرف الخاسر فيها». تقول سعيدة التي تعمل مساعدة طبيب بوسط المدينة. أكد سعيد الذي كان منكمشا في معطفه من شدة البرد أن هذا هو حاله يوميا وحال آلاف البيضاويين الذين لا سبيل آخر لهم سوى وسائل النقل العمومي، فهذا سائق طاكسي يخذلك ويرفض نقلك إلى المكان الذي ترغبه، بل يعرض عليك شروطا من قبيل أنه لا يصل إلى وسط المدينة أو إلى مسجد طارق بالبرنوصي أو إلى شارع عبد المومن... غير أنه يعرض عليك الركوب إن أنت رغبت في أن يوصلك إلى نقطة تمكنك من ركوب سيارة أجرة أخرى للوصول إلى المدينة أو إلى النقطة التي ترغب فيها. تقاطعه ربيعة (موظفة بشركة خاصة) قائلة : «هذا ما يقع معي باستمرار، إذ بسبب إجماع أغلب سائقي الطاكسيات الكبيرة والصغيرة على عدم الوصول إلى وسط المدينة بعلة الازدحام وتضييع الوقت نلجأ إلى الركوب إلى نقطة أخرى يكون فيها عدد كبير من الطاكسيات، التي يشتغل سائقوها في اتجاه وسط المدينة، غير أن ما حصل معي عدة مرات كان غريبا، إذ أفاجأ بأن السائقين يعرضون عليك بعد أن يتسلموا الخدمة الأولى نقلك إلى وسط المدينة بسعر آخر. إنهم يتاجرون في معاناتنا. نحن نريد حلولا لمشكل النقل في الدارالبيضاء لا نريد برامج على الأوراق». وضع متكرر أشغال تهيئة الشوارع والمسالك الطرقية بمدينة الدارالبيضاء لا تنتهي، بعد أن تحولت المدينة إلى ورش مفتوح ودائم، ما إن يتم الانتهاء من شارع حتى يتم حفر وإغلاق شارع آخر حتى باتت حركة السير أشبه بسير السلحفاة، فمعظم الطرقات باتت تعرف اكتظاظا لم يعد يقتصر على أوقات الذروة وإنما صار يمتد على طول اليوم. السيناريو نفسه يتكرر يوميا، والوجوه التي تنتظر الحافلة اليوم تنتظرها طول السنة، والتذمر يسود بين الجميع ما بين غاضب على الوضع وراغب في تحويل الوجهة نحو مدينة أخرى أو مغادرة العمل حتى ينعم بقسط من الراحة من «جحيم النقل»، وآخر يعتبر النقل حقا من حقوقه التي يجب أن توفرها الجهات المسؤولة بهذه المدينة، معتبرا أن «العشوائية» في التسيير هي المشكل الذي تعيشه الدارالبيضاء اليوم، والمواطن هو الذي يدفع الضريبة غالية. تقول سعاد: «أنا مواطنة ومن حقي أن توفر لي الدولة النقل. كيف؟ وبأية طريقة؟ لا يهمني. هذا من اختصاص الجهات المعنية، لا شأن لي لا بأشغال الترامواي التي يتذرعون بها ولا بارتفاع كثافة السكان. أنا أريد أن توفر لي الدولة وسيلة قارة تلتزم بإيصالي إلى وظيفتي التي أعيل بها أسرتي في الوقت المحدد». وأضافت «يجب على الجهات المختصة أن تنظم قطاع النقل في الدارالبيضاء. لا أجد معنى في أن يرفض سائق الطاكسي نقلي إلى وسط المدينة، مهما كانت الظروف مادام يقدم خدمة عمومية. هنا يجب أن تتدخل الدولة لتوزع ما بين السائقين بهذه المدينة الخطوط والاتجاهات التي يجب أن يعملوا فيها وفق برنامج خاص على الأقل في وقت الذروة، حتى لا نضطر إلى الوقوف في الشارع ساعة أو ساعتين، وهو منظر مقرف يتكرر يوميا». شارع إدريس الحارثي، شارع الفداء، شارع محمد السادس، شارع القوات المساعدة، شارع أولاد زيان، شارع عبد المومن، وبتراب عمالات البرنوصي، سيدي عثمان مولاي رشيد، الحي الحسني، الألفة، عين السبع، الحي المحمدي وغيرها من العمالات والمناطق التابعة لنفوذ العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء يظل المشكل واحدا والمعاناة نفسها يتجرعها آلاف المواطنين مع وسائل نقل لا تكفي، رغم تنوعها، لسد الخصاص وتغطية مختلف الاتجاهات بالمدينة، حتى أن البعض يلجأ إلى وسائل أخرى للوصول في الوقت المحدد ولو كان ذلك على حساب راحته الخاصة. وسائل نقل بديلة سيارات خاصة وعربات مجرورة، وأحيانا قلوب رحيمة لأصحاب سيارات يقفون بغتة لنقل طلبة أو موظفين أو عمال شركات خاصة...ويوصلونهم إلى مقرات عملهم دون مقابل. هذا ما يفعله جمال(موظف بمؤسسة عمومية) «يحز في نفسي كثيرا منظر الانتظار المهين لآلاف المواطنين يوميا في مئات النقط والمحطات وعلى الطرقات في انتظار حافلة أو سيارة أجرة وكأنهم ينتظرون صدقة، علما أنهم سيؤدون ثمن خدمة النقل. ويحز في نفسي أكثر عندما لا يهتم سائق الحافلة بعشرات المواطنين ويزيد في السرعة دون أي اعتبار لهم، أو عندما يرفض سائق الطاكسي نقلهم بعلة أنه لا يعمل في ذلك الاتجاه. لذلك أجد أن من واجبي الإنساني أن أصطحب بعض هؤلاء على الأقل، بعض أفراد من الجيران، من بينهم طالب بمعهد خاص. أنا لا أقلهم بمقابل مادي لأن همي إنساني بالدرجة الأولى وليس ماديا». تقول جميلة (موظفة وصاحبة سيارة خاصة) إن مشكل النقل في الدارالبيضاء أفسح المجال لقياس درجة التضامن. قبل أن تضيف «لم تكن لي يوما نية نقل بعض الموظفات بمقابل مادي لا يتعدى خمسة دراهم للواحدة، لكن هذا المبلغ على الأقل يساعدني في وقود السيارة، علما بأني لو كنت ميسورة لما قبضت منهن درهما واحدا، على الرغم من أنهن هن من اقترحن علي ذلك مقابل أن أسدي لهن خدمة حيث يصلن في الوقت المناسب إلى العمل». «الترامواي» أفسد أهم الطرقات «الدارالبيضاء أصبحت نقطة سوداء من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق والسبب هو الترامواي. لقد زاد الطين بلة»، يقول رفيق الذي وجه اللوم إلى السلطات المسؤولة بالمدينة، معتبرا أن أشغال الترامواي هي سبب أزمة السير الخانقة التي تعيشها الدارالبيضاء اليوم، والغريب، يضيف رفيق، أنه قبل أن تبدأ الأشغال لم تعط بدائل للشوارع التي أغلقت. مجموعة من الشوارع أغلقت بسبب الأشغال وهي شوارع حيوية بالمدينة، مثل شارع ابن تاشفين الذي يربط ما بين حي التشارك والحي المحمدي، بالإضافة إلى شارع محمد الخامس الذي يصب في وسط المدينة من عدة اتجاهات، وشارع الشهداء وعبد المومن وغيرها، مما يجعل السائق يستغرق وقتا أطول في الوصول إلى بعض النقط. يقول الحمزاوي رضوان(سائق طاكسي ونائب الكاتب العام للنقابة الفيدرالية لسائقي سيارات الأجرة الكبيرة): «في الوقت الذي كنا نستغرق 15 دقيقة مثلا من الكلية إلى وسط المدينة، أصبحنا نضطر للوقوف ببعض الإشارات الضوئية ساعة أو أكثر بسبب الازدحام، خاصة في أوقات الذروة، علما أن كل الأوقات في الدارالبيضاء أصبحت ذروة من السابعة صباحا إلى المساء، لذلك أصبح أغلب السائقين يتوقفون عن العمل ابتداء من السادسة مساء تجنبا لأي صراع». تتحول الشوارع إلى شبه حلبة للتسابق للوصول في أقل وقت ممكن..منبهات السيارات، نرفزة الراجلين بسبب عدم السماح لهم بالمرور، دراجات نارية وسيارات تمر في الاتجاه المعاكس...، كلها مظاهر أصبحت تؤثث شوارع البيضاء في كل يوم، سواء في وقت الذروة أو غيره، بعد انطلاق أشغال الترامواي. الشوارع التي تعرف تلك الأشغال، تشهد حالة غير طبيعية، فالكل أصبح غير مهتم باحترام قانون السير، المهم أن يجد لنفسه مخرجا يحول دون التأخر والانتظار دقائق طويلة، فسائقو الحافلات يعبرون عن احتجاجهم بإطلاق المنبهات من أجل إفساح المجال أمامهم للمرور، وسائقو سيارات الأجرة يحتجون بطريقتهم الخاصة على حالة الاختناق عبر السير في الاتجاه المعاكس لتجاوز الاختناق، فيما البيضاويون ضاقوا ذرعا بحالات الاختناق المتكررة، فحيثما توجهوا، سواء كانوا مستقلين وسائل نقل خاصة أو عمومية، عليهم الانتظار مدة طويلة وهم محتجزون داخل تلك الوسائل في انتظار أن يحين دورهم في المرور، حسب تعبير بعضهم. من يتحمل المسؤولية؟ «أشغال الترامواي» .. «التزايد المستمر للسكان وللسيارات الخاصة».. «البنية التحتية غير المؤهلة»... كلها عوامل تسببت، حسب رفيق، بشكل أو بآخر في الاختناق المروري ومعه أزمة النقل «الخانقة» التي تعيشها العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، والتي ارتفعت حدتها مع أشغال الترامواي التي انطلقت في مرحلتها الأولى في مارس الماضي وحولت الحياة اليومية لسكان المدينة وتنقلاتهم إلى جحيم لا يطاق، حتى أن الكثير منهم أصبح يفكر جديا في مغادرة المدينة والبحث عن فرصة عمل بمدينة أخرى هروبا من مشكل الازدحام ومشاكل النقل اليومية وما يترتب عنها من معاناة وأرق، فالدارالبيضاء أصبحت بسبب كل هذا «دار كحلا». فيما يقول الحاج أحمد: «الدارالبيضاء الله يرحمها، كانت بيضاء، الآن أصبحت سوداء حالكة والسبب هو الطرقات. هذه الطرقات كانت في عهد الاستعمار عندما كانت السيارات في الدارالبيضاء معدودة على رؤوس الأصابع أما الآن فيجب تأهيلها لتتحمل وتؤمن تحرك ملايين السيارات». كان الحاج أحمد جد مستاء بعدما قطع مسافة قليلة جدا في ظرف نصف ساعة، في الوقت الذي كان يقطعها في سنوات الستينيات والسبعينيات في 5 دقائق أو أقل. هذا الوضع المتردي الذي تعيشه الدارالبيضاء، حسب رفيق ومجموعة من سائقي سيارات الأجرة، الذين استقت «المساء» آراءهم، تتحمل مسؤوليته الجهات المسؤولة، مؤكدين أنهم أيضا طرف متضرر، بل الخاسر الأكبر، لأنهم أصبحوا بالكاد يوفرون القوت اليومي لأطفالهم إذا ما تم النظر إلى الظروف التي يعملون فيها، بسبب الضغط في الطرقات. يقول رفيق: «أنا شخصيا لم يسبق لي أن عانيت من أي مرض. أما اليوم فأنا مريض بالسكري وبالأعصاب والسبب هذه المهنة المتعبة التي لا أتمناها لأحد بسبب الضغط والازدحام وطول الانتظار و...». فيما أكد عبد الإله(سائق حافلة للنقل الحضري) أن ما يقال عن أن سائقي الحافلات لا يتوقفون بالمحطات الخاصة مجرد كلام، «أنا لا أدافع عن السائقين الذين لا يلتزمون بالتوقف لنقل المواطنين، ولكن أقول إن السائقين أيضا عليهم الكثير من الإكراهات من قبيل أن الحافلة لا تتسع لأزيد من 100 راكب لأن الطاقة الاستيعابية للحافلة لا تسمح بذلك»، مضيفا أن هذا الوضع يخلق مشكلا آخر للسائق الذي عوض أن ينتبه إلى الطريق يكون ملزما بالانتباه إلى سلامة الركاب، خاصة الذين لا يؤدون ثمن تذاكرهم وهم يركبون في مؤخرة الحافلة وبالضبط على الدرج دون الاكتراث بإمكانية سقوطهم، علما أن القانون لا يسمح بذلك ولن يكون في صف السائق في حال حدوث أي مشكل من هذا القبيل، يؤكد عبد الإله. جمال (سائق طاكسي) صرح بأن سائقي الطاكسيات بحاجة إلى دعم، وأن أحسن دعم يمكن أن يقدم لهم هو أن تكون لهم الأسبقية في الحصول على المأذونيات حتى يتمكنوا من العمل بشكل مريح أكثر، مادام السائق «متبوعا» بمصاريف يومية خاصة بالسيارة وبسعر 2500 درهم في الشهر لصاحب المأذونية وبتأمين يصل إلى 10 آلاف درهم. لكن ما نصيب أسرة السائق من كل هذه المصاريف، خاصة إذا التزم السائق بالعمل ببعض الاتجاهات التي تشهد أشغال الترامواي ويسجل بها اكتظاظ كبير، مثل اتجاه وسط المدينة؟ يتساءل جمال. وأكد رفيق في هذا الاتجاه أن هناك «عشوائية» واختلالات في توزيع المأذونيات. يقول : «أنا شخصيا أكتري المأذونية من رضيع. عندما ازداد هذا الرضيع كانت «زرورة» الأب مأذونية». قبل أن يضيف «لو كانت في ملكية شخص معاق لكان الأمر مقبولا لأنه يستحقها ويجب مساعدته. أما أن تكون باسم رضيع فهذا ما لا يقبله العقل، خاصة إذا كانت أسرة هذا الرضيع تتوفر على مأذونيات عديدة». صبر وجلد.. في انتظار انتهاء أشغال الترامواي تستمر معاناة البيضاويين مع الازدحام والانتظار والضغط اليومي، ويستمر «جهاد» الآلاف في سبيل كسرة خبز. خديجة وسعيدة ورقية وفاطمة واللائحة طويلة لفتيات في ربيع العمر يمتطين كل صباح عربات مجرورة بدل سيارات أجرة حتى يتمكنن من الوصول في الوقت المحدد بالحي الصناعي حي السبع البرنوصي، وفي المساء يتكرر المشهد نفسه وبشكل «مهين» عندما ينقسم عمال الشركة نفسها إلى فئتين، الأولى خصصت لها وسائل نقل خاصة، والثانية تتدبر أمر عودتها في الظلام، مستعينة بالعربات المجرورة (الكرويلة) مع ما يمكن أن يشكله ذلك من خطر، والأمر نفسه يتكرر بشارع إدريس الحارثي مع الطلبة الذين يمتطون «الكوتشي» صباح مساء.
مسار الترامواي .. حل يتحول إلى مشكلة المعطيات المقدمة من طرف الشركة المشرفة على المشروع تؤكد أن ترامواي الدارالبيضاء يأتي في إطار البحث عن حلول لأزمة النقل بالعاصمة الاقتصادية، حيث سينطلق من مقاطعات سيدي مومن قرب المركب الرياضي الجديد بالمنطقة المزمع إنشاؤه في السنوات المقبلة، مروراً بمقاطعات سيدي البرنوصي، ومولاي رشيد والحي المحمدي، ثم محطة القطار (كزا فوياجور)، لخلق الانسجام بين جميع وسائل النقل بالعاصمة الاقتصادية، وصولا إلى وسط المدينة، بساحة الأممالمتحدة عبر شارع محمد الخامس. وسيواصل خط «الترامواي» طريقه في اتجاه الجهة الغربية للدار البيضاء، عبر شارع الحسن الثاني، ثم شارع عبد المومن، وعند شارع أنوال، سينقسم الخط إلى خطين، خط سيتجه نحو الحي الحسني والقطب الحضري أنفا، أما الخط الثاني فسيتجه نحو مجمع الكليات، لكثرة الطلب على وسائل النقل بالمنطقة. وتنفيذا لتلك التوجهات كانت البداية بإنجاز مشروع قصير المدى يمتد بين سنتي (2009-2012)، يقضي بإنشاء خط الترامواي الأول بطول 30 كيلومترا، لربط حي سيدي مومن بالحي الحسني بكلفة مالية بلغت 6،4 مليارات درهم ستؤدي منه الدولة 1.2 مليار درهم، وصندوق الحسن الثاني للتنمية 400 مليون درهم، ومديرية الجماعات مليونا ونصف المليون درهم، وسيساهم مجلس المدينة ب 900 مليون درهم، وسيخصص مبلغ 2.4 مليار درهم كقرض لاقتناء التجهيزات المتحركة، وسيمر بأغلب المجمعات السكنية للدار البيضاء. وتبرز أهمية هذا المشروع أكثر من خلال الأرقام الخاصة بالنقل الجماعي على صعيد الدارالبيضاء، والتي جاءت في دراسة أنجزتها الجهة وأعلنت عن نتائجها في لقاء صحفي عقد في نونبر الماضي، وأظهرت أن وسائل النقل العمومي لا تشكل سوى 30 في المائة من وسائل النقل المستعملة، حيث إن حصة النقل الجماعي عبر الحافلات تراجعت من 18 في المائة سنة 1975 إلى 13 في المائة سنة 2004، مقابل ارتفاع نسبة الاعتماد على سيارات الأجرة من1 في المائة سنة 1975 إلى 15 في المائة سنة 2004 ونسبة التنقل سيرا على الأقدام من51 في المائة إلى 53 في المائة خلال الفترة نفسها. وحسب الدراسة ذاتها، فإن شبكة النقل الجماعي على صعيد الدارالبيضاء تعاني من نقص عددي وضعف في الجودة، علاوة على أنها تتمركز في الطرق الرئيسية وتشكل عبئا ماليا إضافيا على السكان، الذين ينفقون 15 مليار درهم على النقل سنويا. كما أن «نسبة النقل الحضري لا تتجاوز 13 في المائة وأنه لابد من إجراءات استعجالية للرفع من نسبة مستعملي وسائل النقل العمومية لتضاهي المدن الكبرى، التي تصل بها هذه النسبة إلى40 في المائة.