لم يكد حبر الاستقالة الأولى التي تقدم بها بادو الزاكي من تدريب فريق الوداد الرياضي يجف، حتى قدم استقالة ثانية الأحد الماضي في أعقاب المباراة التي جمعت الفريق بالاتحاد السوري في ثمن نهائي دوري أبطال العرب لكرة القدم. في المرة الأولى، قال الزاكي إن استقالته جاءت احتجاجا على ما اعتبره استهدافا له من طرف جامعة الكرة، أما في المرة الثانية فإن الزاكي أرجع الاستقالة إلى السب الذي وجهه له الجمهور وتفاوض مسيرين في الوداد مع المدرب ميشيل دوكاستيل. وفي الحالتين معا عدل الزاكي عن الرحيل، وكأن الرجل أدمن لعبة الاستقالة، فكلما حاصرته الاتهامات ووجد ضغطا كبيرا مسلطا عليه، إلا وأشهر ورقة الاستقالة في وجه الجمهور والمسيرين، ليرمي بالكرة خارج ملعبه و يعود من جديد لنقطة البداية. عندما قلنا في المرة الماضية، إن استقالة الزاكي كانت مجرد مناورة ووسيلة ضغط، وإنه سيعود ليمارس مهامه من جديد، تحت ما سيسميه ضغط المحبين والمنخرطين والمسيرين،انتفض الرجل مبديا احتجاجه، مع أن الوقائع أكدت أن ما ذهبنا إليه هو عين الصواب، وأن الزاكي كان يناور فعلا. واليوم أعاد الزاكي السيناريو نفسه، وقدم استقالته ثم عدل عنها من جديد، علما أن من شأن استقالات بهذه الطريقة أن تشوش على الفريق بشكل عام وترسخ الاعتقاد لدى اللاعبين بأن الزاكي لايرغب في البقاء.ثم إنه لامعنى لتقديم استقالة ثم العدول عنها، لأن أي مدرب قبل أن يقدم على قرار من هذا النوع يجب أن يدرسه باتزان وبهدوء، وأن لاتحكمه أهواء اللحظة، فالتاريخ يسجل، وأخشى أن يقدم الزاكي استقالة أخرى وتكون هذه المرة نهائية فلايصدقها أحد. والحقيقة أن الاستقالات في فريق الوداد أصبحت أشبه باللعبة بالنسبة لعدد من المسيرين، فرئيس الفريق عبد الإله أكرم لم يتردد بدوره في أعقاب هزيمة الفريق أمام الدفاع الجديدي في الجولة 15 من البطولة، في إشهار استقالته وفي التأكيد أنه سيغادر الفريق بعد مباراة الاتحاد السوري دفاعا عن كرامته. لكن الرجل الذي أعلن استقالته في لحظة غضب سرعان ما عدل عنها، واختار دفء كرسي الرئاسة، علما أن أكرم سبق وأعلن عن استقالة مماثلة بعد مباراة نهائي دوري أبطال العرب الموسم الماضي أمام وفاق سطيف الجزائري، إذ قال إنه سيتعاقد مع مدرب كبير ويجلب لاعبين جيدين للفريق، ثم يرحل، لكن ما أن لاح موعد الجمع العام، حتى دخل أكرم في معركة شرسة للحفاظ على منصبه رئيسا للفريق. للأسف فالتلويح بالاستقالات، أصبح أشبه بالموضة بالنسبة لبعض المدربين والمسيرين، يلوحون بها كلما أحسوا بالاختناق، وعندما يصادفون فوزا خادعا في الطريق لايترددون في الاستمرار، ثم بعدها يستمرون بسبب «ضغط المحبين والمنخرطين والمسيرين».