بلغت صادرات المغرب من الفوسفاط ومشتقاته، شهرا واحدا قبل نهاية السنة الماضية، 50.6 مليار درهم، بعدما لم تتعد في الفترة ذاتها من سنة 2007، 19.9 مليار درهم، حيث تأكد الاتجاه الذي اتخذته، منذ بداية السنة التي ودعناها، عائدات أول مورد للعملة الصعبة في المغرب، والتي دفعت المكتب الشريف للفوسفاط إلى توقع عائدات ب64 مليار درهم. ويأتى ارتفاع عائدات الفوسفاط ومشتقاته بفضل مساهمة مبيعات الحامض الفوسفوري، أساسا، التي قفزت من 8.2 ملايير درهم إلى 22.7 مليار درهم، وهو التطور الذي أفضت إليه -رغم تراجع الكميات المصدرة ب20.9 في المائة- القفزة التي عرفتها الأسعار في السوق الدولية من 4 آلاف درهم إلى 13.9 ألف درهم للطن الواحد. في نفس الوقت، انتقلت صادرات الفوسفاط من 5.4 ملايير درهم إلى 17.3 مليار درهم تحت تأثير ارتفاع الأسعار في السوق الدولية من 432 درهما إلى 1535 درهما للطن. وكان المكتب الشريف للفوسفاط قد توقع أن تنتقل مبيعات الفوسفاط المغربي من 28 مليار درهم في سنة2007 إلى 64 مليار درهم في 2OO8 ، وهي قفزة قوية ستخفف من عجز الميزان التجاري الذي ما فتيء يتفاقم بفعل ضعف أداء الصادرات خارج الفوسفاط ومشتقاته. ويعتبر المكتب الشريف للفوسفاط أن تلك العائدات تشكل فرصة للمضي في ترسيخ ريادة المغرب في السوق العالمي، باعتباره ثالث منتج، بعد الصين والولايات المتحدة، وأول مصدر في السوق بحصة نسبتها 31.6 في المائة، وصاحب أكبر احتياطي من الفوسفاط في العالم، وهو ما استدعى، في الإستراتيجية الجديدة التي بلورها المدير العام مصطفى التراب، تحديث الآلة الإنتاجية وخفض تكاليف النقل وجذب الاستثمارات الخارحية المباشرة، وتكوين مخزون استراتيجي للتعاطي مع المنافسة التي ستشتد في السنوات القادمة. وقد تبنى المكتب استراتيجية هجومية في السوق الدولية تقوم، في جانب منها، على رفع الأسعار وعدم الاقتصار على مراقبتها دون تدخل، هكذا رأى المكتب ضرورة استغلال الفرص التي لم ينتبه إليها من خلفهم مصطفى التراب على رأس المكتب الشريف للفوسفاط، فقد قنعوا في السابق بسعر40 دولارا للطن من الفوسفاط، وأبرموا عقودا طويلة الأمد مع بعض الشركاء، دون تضمين بعضها إمكانية إعادة التفاوض حولها من أجل رفعها، إذا ما استدعت الظرفية ذلك، هذا في الوقت الذي كان يمكن فيه تجاوز الحاجز النفسي والمبادرة إلى رفع الأسعار التي توفر للمغرب عائدات مهمة. واعتبر المكتب أن القفزة التي طالت أسعار الفوسفاط ومشتقاته، في ظل الظرفية الدولية الجديدة المطبوعة بتزايد الطلب على المنتوجات الغذائية التي تحتاج إلى استثمارات جديدة في مجال الأسمدة، هي ما يفرض المضي في تنفيذ إستراتيجية تقوم على جذب الاستثمارات، ولا سيما في مجال المشتقات، إلى المغرب، خاصة إلى مركب الجرف الأصفر، حيث أبرمت عقود مهمة مع مجموعات اقتصادية عالمية. ويرى المكتب الشريف للفوسفاط أن تحقيق مطلب تنافسية الفوسفاط المغربي يمر عبر تخفيض التكاليف التي يعتبرها مرتفعة مقارنة بمنافسي المغرب في السوق الدولية، وهذا ما حدا به إلى بلورة مخطط يروم الاستعاضة عن قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية بأنابيب تنقل الفوسفاط من خريبكة إلى الجرف الأصفر ومن بنكرير إلى آسفى. قرار لم يرق للمكتب الوطني للسكك الحديدية، حيث ضغط من أجل إقناع المكتب الشريف للفوسفاط بالعدول عنه، على اعتبار أن المكتب الذي يشرف عليه ربيع الخليع، سيخسر بسبب الأنابيب نصف رقم معاملاته. غير أنه يبدو أن المكتب ماض في تنفيذ ما خطط له سعيا وراء خفض التكاليف.