يبدو أن شظايا الأزمة المالية الدولية بدأت تصيب الاقتصاد المغربي. هذا ما تؤشر عليه عائدات الاستثمارات الخارجية والقروض الخاصة، وعائدات السياحة التي تراجعت في العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية، في الوقت الذي تحافظ فيه تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، بالكاد، على استقرارها في ظل التوقعات التي تراهن على انخفاضها في المستقبل. المؤشرات الشهرية التي نشرها مكتب الصرف، أول أمس السبت، تفيد بأن عائدات الاستثمارات الخارجية والقروض الخاصة انخفضت بنسبة 16.8في المائة، أي بحوالي 5.1 مليار درهم في العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية، منحدرة إلى 25.5 مليار درهم، مقابل 30.7 مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الماضية، بحيث يوضح توزيع هذه العائدات هيمنة الاستثمارات الخارجية ب83 في المائة، متبوعة باستثمارات المحفظة ب5.1 في المائة، بينما لم تتعد القروض الخاصة 1.9 في المائة. وفي نهاية أكتوبر الماضي، أبت عائدات السياحة أن تنتعش، لتؤكد المنحى التراجعي الذي انخرطت فيه منذ بداية السنة، حيث استقرت في حدود 49 مليار درهم، مقابل 49.7 مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الماضية، هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه نفقات السفر بنسبة 42.6 في المائة، لتقفز من 5.6 ملايير درهم إلى 8 ملايير درهم. تحويلات المغاربة المقيمين بالخارح، التي يعول عليها المغرب كثيرا من أجل المساهمة في الحفاط على توازن ميزان الأداءات، استقرت، بالكاد، في العشرة أشهر الأولى من السنة الأولى في حدود 46.2 مليار درهم، مقابل 46.1 مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الماضية. وتشير التوقعات إلى أن تلك التحويلات ستتراجع أكثر في المقبل من الأشهر، بفعل الأزمة المالية التي تخترق البلدان التي تحتضن المهاجرين المغاربة. المؤشرات التي يوفرها مكتب الصرف تشير إلى تفاقم العجز التجاري للمغرب خلال العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية، ليصل إلى 142.7مليار درهم، مقابل 111.5مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الماضية، ليستقر معدل تغطية الصادرات للواردات في حدود 48.6 في المائة. فقد بلغ حجم الصادرات المغربية حتى متم أكتوبر الماضي 135.2 مليار درهم، مقابل 101.8مليار درهم في الفترة نفسها من السنة الفارطة، مسجلا ارتفاعا بنسبة 32.8 في المائة، حيث يرد هذا النمو أساسا إلى مساهمة صادرات الفوسفاط ومشتقاته التي تضاعفت عائداتها بثلاث مرات تقريبا، منتقلة من 18مليار درهم إلى 48.6 مليار درهم، هذا في الوقت الذي لم تنم فيه الصادرات خارج الفوسفاط ومشتقاته سوى بنسبة3.7 في المائة،منتقلة من 83.7 مليار درهم إلى 86.6 مليار درهم. ويتجلى، من خلال تتبع تطور الصادرات في العشرة أشهر الأخيرة من السنة الجارية، المساهمة الحاسمة لصادرات الفوسفاط ومشتقاته في التخفيف من تدهور عجز الميزان التجاري، بحيث ارتفعت حصة الفوسفاط ومشتقاته في مجموع الصادرات إلى 36 في المائة، بعدما لم تتجاوز 17.8 في المائة في الفترة نفسها من السنة الفارطة. ويأتي هذا التطور في ظل ارتفاع أسعار الفوسفاط في السوق الدولية وتبني المكتب الشريف للفوسفاط استراتيجية جديدة تعزز ريادة المغرب في السوق العالمية. وناهزت واردات المغرب ضعف الصادرات في متم أكتوبر الماضي، لتصل إلى 278 مليار درهم، مقابل 213.3 مليار درهم في الفترة نفسها من السنة الفارطة، مسجلة نموا بنسبة 30.3 في المائة، وهو التطور الذي يعزى، حسب مكتب الصرف إلى المشتريات خارج البترول ومشتقاته التي ارتفعت بنسبة 29.8في المائة، منتقلة من 191.9مليار درهم إلى 249.2 مليار درهم، كما يرد إلى المشتريات من البترول التي قفزت من 21.3 مليار درهم إلى 28.7 مليار درهم. وقد بلغت الموجودات الخارجية لدى معهد الإصدار 187.6 مليار درهم، بعدما بلغت في نهاية السنة الماضية 187.4 مليار درهم، غير أن تلك الموجودات لم تنم سوى بنسبة 1.3 مقارنة بالمستوى الذي بلغته في العشرة أشهر الأولى من سنة 2007.