في الحوار التالي يتحدث أناتولي كاربوف البطل العالمي في رياضة الشطرنح عن مساره وعن رؤيته لمستقبل هذه الرياضة، كما يؤكد أن الاتحاد الدولي أضر بهذه اللعبة. - هناك من اعتبر فوزك ببطولة العالم سهلا بعد انسحاب حامل اللقب الأمريكي بوبي فيشر (1972-1974)، ما رأيك؟ < حين تم الإعلان بأنني بطل العالم كان القرار صائبا بسبب انسحاب حامل اللقب وكانت لدي كل المؤهلات لأكون البطل العالمي واللاعب رقم واحد، وقد أكدت ذلك بربح جميع التظاهرات بمشاركة أكبر وأقوى اللاعبين وقتها، كما أنني تزعمت التصنيف العالمي من 1975 إلى ما بعد 1985. وعموما فإن ما حققت من نتائج يمثل رقما قياسيا في جميع الرياضات وليس فقط في الشطرنج، فلدي ستة عشر لقبا عالميا و166 لقبا لدورات دولية كبرى، وعلى سبيل المثال، فإن بطل العالم للشطرنج (وهو روسي أيضا) الذي يليني في الترتيب يتوفر فقط على 86 لقبا دوليا، وإنجازي لا أعتقد أن أحدا يستطيع تحقيقه، وإذا أردنا حساب الاحتمالات زمنيا، فيجب ربح 4 دوريات دولية كبرى كل عام لمدة 40 سنة، وهذا مستحيل في الشطرنج. - كيف تقرأ الصراع بين الشرق والغرب والذي لم يسلم الشطرنج من تأثيره؟ < هذا الوضع العالمي يمكن الحكم عليه بطرق مختلفة وفي هذا الوقت القصير الذي أخذت فيه العلاقات دفئا، وهي مسألة محمودة، مع العلم أن الوضع الحالي ليس جيدا جدا فأمور كثيرا تقع في العالم لا تفرح ويصعب التحدث والتكهن بعواقبها. هذا الصراع الحالي الديني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي من الصعب تفهمه وهو يتعمق بين الدول، والسياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية مسؤولة هنا، فهي التي تريد أن تفرض معتقداتها ونظام حياتها وقوانينها وتقاليدها. وإذا أردنا أن نتكلم عن الولاياتالمتحدةالأمريكية فهي تريد وتحاول أن تقيد العالم كله، لكن الديموقراطية الأمريكية لا تصلح لغير الولاياتالمتحدة، بل لا تصلح لأروبا، وكنتيجة، كيف تصلح لآسيا وإفريقيا، ففي هذه المناطق توجد تقاليد وثقافات مختلفة. - وماذا عن الشطرنج في ظل هذا الصراع؟ < عودة للشطرنج كرياضة وثقافة فلا يمكن أن يزدهر سوى في العلاقات الجيدة في العالم، حاليا الوضع الاقتصادي يؤثر كثيرا على مستوى ونوع الدوريات الدولية والمستشهرين ونوعيتهم، ومن الغريب أن هذا الوضع يشهد في آن واحد ارتفاع عدد المستشهرين دون يؤثر ذلك إيجابا على مستوى التنظيم مقارنة بما سبق. الشطرنج يتأثر بالسياسة التي يتبعها أو يفضلها هذا المستشهر أو ذاك، فكثير من الدوريات صارت محتكرة من طرف مستشهرين خاصين، لكن إدراج الشطرنج في المقررات المدرسية والشعبية التي أخذها الشطرنج سنة بعد أخرى في العالم خصوصا في أمريكا الجنوبية كالشيلي وفنزويلا والمكسيك والبرازيل أعطاه دفعة قوية، كذلك تعليم وممارسة الشطرنج عبر الأنترنيت ساهم في نشره وتوسيع حضوره. - ما هي حدود الشطرنج كتربية؟ < الشطرنج كمادة دراسية هو معرفة مستقلة بشهاداتها مثل جميع المواد المدرسية والتخصصات، الشطرنج يدرس بمعاهد عليا بمونريال بكندا، ويمكن أن أكون شاهدا على هذا التطور فهو يدخل في المقرر التعليمي لعدة بلدان ضمنها روسيا، ووزارة التعليم الروسية سنت الشطرنج مادة دراسية رسمية في المدارس في الصيف الماضي وأعطت تعليماتها في هذا الشأن، كما أن وزارة الثقافة الروسية منهمكة في إعداد برامج لتدريس الشطرنج كمادة أكاديمية، كذلك دخل في مقررات تعليمية بإيطاليا والسويد وألمانيا. شخصيا أعمل في ثلاثة معاهد عليا لتدريس الشطرنج بليتوانيا حيث يوجد 2000 طالب مسجلين، كذلك الشطرنج يدرس في أندونيسيا وسويسرا والهند... الشطرنج يأخذ مساره الصحيح في كثير من بلدان العالم وسيساعد في توسيع قاعدة الشطرنج وإعطائه لونا شعبيا في العالم. - منذ 2004 لم تعد تشارك إلا نادرا بماذا ستعوض كاربوف اللاعب؟ < لا تعجبني طريقة بطولة العالم الحالية، لقد أرادوا (في الاتحاد الدولي للشطرنج) مقارنة الشطرنج بالتنس وهذا غير معقول، على الأقل لأن مباراة تنس تحتمل عدة أخطاء قابلة للاستدراك، بينما خطأ واحد في مباراة للشطرنج يكون حاسما في تحديد النتيجة إذن المقارنة غير ممكنة لتوحيد طريقة التأهيل، فهذه الطريقة إذا كانت صالحة للتنس فهي غير صالحة للشطرنج، وهذا ما يفسر أنها لم تعط لحد الآن كبطل للعالم الإسم الأقوى فعليا، من حيث التصنيف والحضور طيلة العام، كما يفسر عجز كل بطل متوج عن الحفاظ على اللقب مدة طويلة كما في السابق، ولذلك أعتبر هذا الاختيار كارثة على الشطرنج. - هل هو استعداد للاعتزال؟ < توقفت عن المشاركة في الدوريات الدولية لأن لدي التزامات أخرى أخذت وقتي أكثر وهي بالنسبة لي حاليا أكثر فائدة في مسار حياتي، ولكي أرجع للمرتبة التي كنت فيها ومستواي السابق لا بد من كثير من العمل ويوميا، والآن مع فارق السن وظهور أساتذة دوليين كبار من عياري ومستواي مثل كارلسون من النرويج، يلزم تهييئا خاصا وكبيرا، ولكن إذا كان السؤال هو أن أصل إلى نتيجة وهدف فسيعني أن أتخلى عن جميع برامجي الحالية وأن أتفرغ لهذه المهمة.