قال نجيب أقصبي، الأستاذ في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة والخبير الاقتصادي، إنّ بنكيران في حاجة إلى الكثير من «الكْبْدة» لإصلاح صندوق المقاصة، مطالبا إياه بالابتعاد عن الحسابات الانتخابية الضيّقة أثناء الإعداد لمراجعة التصور الذي يقوم عليه صندوق المقاصة منذ سنوات، «لأنّ المشروع هو مشروع دولة وليس مشروعَ حزب أو مجموعة من الأحزاب».. وأكد أقصبي، الذي كان يتحدث أول أمس خلال ندوة من تنظيم طلبة المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أنّ «إصلاح صندوق المقاصة أصبح ضرورة لا مفرّ منها، بعدما ظلت الحكومات السابقة تتهرّب من إصلاح هذا الصندوق، الذي بات يهدد التوازنَ الماليَّ لميزانية الدولة في المستقبل القريب، وهو ما بات يفرض إعادة النظر بشكل كامل في آلية الدّعم عبر الأثمان، وليس الاكتفاء بإصلاح الصندوق». ودعا أقصبي الحكومة إلى المُضيّ قدما في تحويل دعم السلع إلى دعم مباشر للطبقات المُستهدَفة، منتقدا «حديث البعض عن احتمال تحول هذه الآلية إلى نظام يعتمد على اتكالية المواطنين على دعم الحكومة، بل على العكس من ذلك، ففي أوربا والدول المتقدمة، العلاقة بين الدولة والمواطنين ليست مبنية على مبدإ الصّدَقة، بل على واجب الدولة تجاه مواطنيها الذين يعيشون في ظروف صعبة». كما طالب الحقوقي والقيادي في حزب الاشتراكي الموحد الحكومة بتقديم الدعم مباشرة إلى المواطنين المعنيين به، دون المرور عبر التسلسل الإداريّ لرجال السلطة، «وهو ما قد يخلق فرصا جديدة لتفشي ظواهر الرّشوة والمحسوبية، كما يمكن للحكومة أن تُشرك مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنيّ في مراقبة عملية توزيع المساعدات، بغرض قطع الطريق على من سيسعون إلى الاستفادة منها لمصلحتهم الشخصية». وانتقد أقصبي حديثَ الوزير بوليف عن أنّ الدعم المباشر الذي تعتزم الحكومة تقديمه إلى المواطنين لن يكون دعما مشروطا، «بل على العكس من ذلك، فإنّ على الحكومة أن تجعل من نظام الدعم المباشر للأسر الفقيرة آلية من آليات التنمية، من خلال اشتراطها على المستفيدين منه أن يُبقوا أبناءَهم في المدارس، وتشديد المراقبة على تطبيق تلك الشروط، كما هو معمول به في مختلف الدول التي تعتمد النظامَ نفسَه». وقدّم أقصبي مقترحات ملموسة لكيفية توزيع مَبالغ الدعم على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، «فإذا نظرنا إلى الغلاف الماليّ المخصّص لصندوق المقاصة في ميزانية 2013، والمقدَّر ب55 مليار درهم، فإنه بإمكان الحكومة أن تكون كريمة في توزيع المساعَدات، إذ يمكنها تخصيص 1000 درهم شهريا لمليون أسرة فقيرة، إضافة إلى 500 درهم لعشرة ملايين نسمة من الطبقة المتوسطة، لحمايتها من خطر التفقير، ورغم كل ذلك ستتمكن الحكومة من توفير مبالغ كبيرة، وفي الوقت نفسه من الحفاظ على الاستقرار والتوازن المُجتمعيَّيْن».