بادرت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة إلى فتح أظرفة طلبات العروض التي تقدمت بها شركات الإنتاج للفوز بصفقات الأعمال الرمضانية المقبلة، وأكد بلاغ للتلفزيون المغربي، أنه يرمي من وراء هذا الإجراء إلى تعزيز الشفافية وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص. كل هذا كلام جميل «ملوش مثيل» كما تقول الأغنية، لكن تجارب الرمضانات الفائتة أثبتت حقيقة واحدة، مفادها أن الأماني شيء وما يتحقق على أرض الواقع شيء آخر. فالإنتاج الرمضاني المغربي أصبح لا يخرج عن عباءة الرداءة إلا ليكرسها من جديد، وشركات الإنتاج التي تتسارع اليوم، وبهذه الأعداد، أكثر من 80 شركة عاملة في المجال، للفوز بكعكة الإنتاج الرمضاني، يجب أن تطرح عليها اليوم أكثر الأسئلة إلحاحا، ومن بينها مستوى المهنية التي تتحلى بها، وما إذا كان أغلبها مجرد دكاكين صغيرة، تنصب كشراك لتحصيل المال العام، المتوفر بكثرة في التلفزيون. فواجب المساءلة يقتضي إحداث قطيعة مع تدبير منتوج رمضان المحلي، وحتى ولو كانت عملية تفويت المشاريع الإنتاجية قانونية أو ذات طابع قانوني، فإنه لا يجب أن يعزب على البال، المسؤولية الأخلاقية لإدارة التلفزيون من حيث مراقبة مستوى هذه الأعمال وجودتها ومطابقتها لدفاتر التحملات. اليوم، هناك لغط كثير حول هذه «الوجبة» الدسمة، وكما تلهف لربح فتح الأظرفة بأي ثمن، فبعض شركات الإنتاج، أو من تسمي نفسها كذلك، تضع مصير العاملين فيها أو المتعاملين معها في كف عفريت، في نوع منحط من المساومة، وهي تقول علانية، إما أن «تمنحوني» حصتي من الكعكة وإما أغلق الأبواب وأسرح العمال. طبعا، من المحزن حقا أن ينحرف النقاش إلى هذا المستوى اللاأخلاقي، لأن ذلك يعكس واقعا واحدا، وهو أن الإنتاج المحلي سيستمر على نفس الهزال، فالأشهر المتبقية على الشهر الكريم غير كافية لتقديم مائدة رمضانية شهية، مما يدفع إلى تقديم الأكلات البائتة المؤجلة من رمضانات سابقة أو سلق برامج على غرار السيتكومات والمسلسلات التي أبكت أكثر مما أضحكت في شهر الصيام.