حذر حرفيون يعملون في قطاع الزليج والفخار بمدينة فاس من «الفشل» الذي يهدد أضخم برنامج أمريكي للنهوض بالصناعة التقليدية في المغرب. وقالت ثلاث جمعيات مهنية الجمعية الفاسية للزليج و الفخار، وجمعية التضامن لصغار حرفيي الزليج والفخار، وجمعية صناع الفخار المستفيدين من برنامج هيئة تحدي الألفية إن نوعية الآجر المستعمل لإعادة بناء مشاريع تدخل في إطار رد الاعتبار للصناعة التقليدية بفاس العتيقة لا يستجيب لمعيار الجودة. وأشارت الجمعيات الثلاث، في تقرير مشترك توصلت به «المساء»، إلى أن الآجر المستعمل ذو تكوين رملي ورخيص في ثمنه، ما يجعل مقاومته للرطوبة صعبا. وتشرف السلطات المحلية، ووزارة الصناعة التقليدية، ووكالة الشراكة من أجل التنمية، ووكالة إنقاذ فاس على بناء عدد من المشاريع تدخل في إطار النهوض بالصناعة التقليدية بمدينة فاس. وتتكلف عدد من المقاولات في إطار دفتر تحملات بهذه العمليات، لكن جمعيات الحرفيين تورد بأن الآجر المستعمل تنقصه الجودة، خلافا للآجر التقليدي الذي شيدت به فاس العتيقة، والذي يشتهر بمتانته وجودته. وحذرت الجمعيات من انهيارات مستقبلية بسبب استعمال هذا النوع الرديء من المواد الأساسية في عمليات بناء الفنادق الأربعة في فاس العتيقة. وبموجب برنامج حساب هيئة تحدي الألفية الثالثة، تقرر دعم الحرفيين في القرية «النموذجية» بمنطقة بنجليق» بضواحي فاس، لاستبدال الأفرنة التقليدية بأفرنة الغاز، وذلك للتغلب على مخلفات التلوث. ويتم في إطار هذا البرنامج دعم الصناع بنسبة 80 في المائة من كلفة المشروع، على أن يتحمل المستفيدون 20 في المائة مما تبقى من القيمة الإجمالية للأفرنة. ويعاني مشروع الأفرنة الغازية من ضعف إقبال الحرفيين عليه، وقالت المصادر إن بعض الحرفيين لا يتوفرون على الإمكانيات المادية لتسديد واجب الانخراط والاستفادة منه، فيما تسود ثقافة محافظة لدى عدد آخر من الصناع التقليديين تجاه هذه الأفرنة الغازية. وأوردت المصادر بأن المشروع يحتاج إلى دعم آخر لكي يتم تطويق مشاكل الإساءة للبيئة والمحيط والتي تنجم عن استعمال الأفرنة التقليدية في ورشات الحرفيين. وكان مشكل التلوث من أكبر الأسباب التي دفعت السلطات المحلية ووزارة الصناعة التقليدية إلى ترحيل الحرفيين إلى «قرية نموذجية» توجد في النفوذ الترابي لمنتجع سيدي حرازم. لكن هذه القرية لا تزال بعيدة عن أن تصبح نموذجية، ما جعل ورشات الحرفيين خارجها تتنامى بشكل كبير. ووضعت الوزارة بتنسيق مع عدد من الفاعلين المحليين بقعا أرضية رهن إشارة الصناع في هذه القرية، على أن يعمد هؤلاء إلى الاستفادة من قروض بنكية لأداء أثمنتها، وتجهيزها لتتحول إلى ورشات تنتج الفخار والزليج، وتعيد الاعتبار للصناعة التقليدية بفاس العتيقة. وبسبب الأوضاع الاقتصادية، وتداعيات الأزمة العالمية، فقد أصيبت الصناعة التقليدية بالبوار، مما جعل عائدات الحرفيين لا تمكن من الانخراط في المشروع. ولم تتحمس الأبناك كثيرا لدعم عدد من المشاريع بسبب غياب الضمانات لدى حرفيين يصنفون من الفئات الهشة في المجتمع المغربي. وتبعد القرية النموذجية بمسافة طويلة عن مركز المدينة. وتعاني من اهتراء الطريق الموصلة إليها، كما أنها تعاني من قلة المواصلات، وانعدام الإنارة العمومية وغلاء فواتير الكهرباء، وتسعيرة كهربة الورشات. وتعاني خدمات الهاتف النقال من تدهور يصفه الحرفيون بالفظيع. ويتحدث عدد من هؤلاء عن غياب دوريات أمنية، مما يجعل الحالة الأمنية غير متوفرة. وكانت إحدى المقاولات قد تعرضت للسرقة لمرتين خلال شهر يناير الماضي. والدليل على ذلك تعرض مقاولة فاس سيراميك للسرقة مرتين خلال شهر يناير الماضي. وكان الملك محمد السادس قد أعطى الانطلاقة لمشروع حي الصناعة التقليدية ببنجليق لقطاع الفخار والزليج، في سنة 2004. ويقدم هذا المشروع من قبل كتابة الدولة في الصناعة التقليدية على أنه «بنية تحتية إنتاجية نموذجية على الصعيد الوطني» ترمي إلى الحد من التلوث البيئي والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.