سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حرفيون يجرّون والي جهة فاس ومندوب الصناعة التقليدية ورئيس الغرفة إلى القضاء احتقان في أوساط الحرفيين بسبب «اختفاء» قطع أرضية في قرية نموذجية و إقصاء بعضهم من حق الاستفادة
بعدما هدأت «العاصفة» في قطاع الصناعة التقليدية في العاصمة العلمية بين رئاسة الغرفة ومندوبية الصناعة التقليدية حول ملف استفادة موظفين في مشروع «بنجليق» النموذجي لصناع الزليج والفخار، صفا الجو للحرفيين الصغار للعودة، مجددا، إلى «الساحة» للتعبير عن مشاكلهم جراء «السير غير العادي» لهذا المشروع الذي دشنه الملك منذ 2004 وعرف الكثير من التأخر، قبل أن تتجدد الأشغال فيه، في الآونة الأخيرة. وقال تقرير للحرفيين إن الوزارة الوصية على شؤونهم منشغلة ب«المشروع الأمريكي وصفقاته المغرية»، في إشارة إلى دعم «الألفية الثالثة» للنهوض بالصناعة التقليدية، عوض الانشغال بمشاكل مشروع «بنجليق النموذجي». وقد قرر أحد هؤلاء الحرفيين رفع دعوى قضائية ضد كل من والي الجهة والمندوب الجهوي للصناعة التقليدية ورئيس الغرفة، على خلفية قرار السلطات تفويت قطعة أرضية مُنِحت له في هذه «القرية النموذجية» لشخص آخر لا علاقة له بالصناعة التقليدية ومهنة الفخار. وقال الحرفي الهادي الريوش، في هذه الشكاية، إن السلطات هدمت محله بعدما استفاد من قطعة أرضية في هذه «القرية النموذجية»، التي أُعِدّت للفخارين في ضواحي المدينة بالقرب من منتجع سيدي حرازم، وظل يتردد على تعاونية معلمي الفخارة، لمعرفة طريقة الحصول على بقعته، لكن دون فائدة. وأشار إلى أنه تضرر من جراء هدم محله القديم وعدم حصوله على بقعته الأرضية، وتحول إلى عاطل عن العمل، رغم أنه رب أسرة ويتحمل عدة أعباء. وقال مصدر من الجمعية الفاسية للزليج والفخار إن حوالي 30 حرفيا من المستفيدين من قطع هذا المشروع سحبت منهم قطعهم في ظل ظروف تستدعي من السلطات فتح تحقيق، فيما أكد مسؤول في مندوبية الصناعة التقليدية، فضل عدم ذكر اسمه، أن اللجنة المكلفة بتدبير المشروع قررت سحب القطع الأرضية من حرفيين لم يلتزموا باتفاق وقعوا عليه يقضي بأداء قيمة العقار على مراحل، بعدما وُجِّهت لهم إنذارات تطلب منهم الالتزام بمضامين الاتفاق. وينص هذا الالتزام على أن يؤدي كل مستفيد نسبة 25 في المائة مباشرة بعد استفادته من القطعة و25 في المائة في منتصف المشوار و50 في المائة أثناء الأشغال. وبلغ عدد حرفيي الفخار والزليج من أصحاب «البراريك» بالقرب من هذه «القرية النموذجية» حوالي 70 حرفيا لم تسجل أسماؤهم ضمن سجلات المستفيدين من قطع هذا المشروع. وتقر مندوبية الصناعة التقليدية بعدم استفادة كل ذوي الورشات العشوائية من «القرية». وقال مسؤول في المندوبية إن السلطات تبحث في إمكانية توسيع العقار الذي أقيم عليه المشروع، لتمكين عدد آخر من الحرفيين من الاستفادة. وإلى جانب هذه المشاكل، فإن الحرفيين يعيبون على السلطات المكلفة بتدبير شؤون هذه «القرية» عدم تمكين عدد من الصناع، الفرادى والمقاولات، من القروض، رغم أن كتابة الدولة في الصناعة التقليدية أبرمت اتفاقية مع إحدى المؤسسات البنكية لتسهيل الحصول على قروض بفوائد غير مرتفعة. وأقر مسؤول في المندوبية بوجود مقاولات لم تستفد من هذه القروض، لكنه أورد أن تدارك الوضع ممكن. وأضاف المسؤول ذاته أن الأهم في هذا النقاش الدائر بين الحرفيين والمسؤولين هو أن مشروع هذه «القرية» أصبح يجذب الحرفيين، عكس الفترة السابقة التي لم يتحمس فيها عدد كبير منهم للاستفادة من قطعه. لكن هذه «الجاذبية» لا تخف «غابة» البنيات التحتية المنعدمة في محيط المشروع، وهذا ما يشغل بال هؤلاء الحرفيين. فالطريق التي تم تعبيدها سرعان ما تتعطل، بسبب آثار التساقطات المطرية التي تزيد من حدتها نوعية التربة الهشة في هذه المنطقة. كما أن غياب الإنارة العمومية يزيد من معاناة الحرفيين و»المتعلمين» الذين يضطرون إلى قطع المسافات الطوال انطلاقا من الأحياء الشعبية المحيطة بفاس العتيقة في اتجاه هذه «القرية»، في ظل انعدام حافلات النقل الحضري. ويرى مسؤول في مندوبية الصناعة التقليدية أن هذا القطاع في العاصمة العلمية «تخترقه» تجاذبات سياسية بين «لوبيات» نافذة عادة ما تتصارع في الخفاء، من خلال «استغلال» ملفات اجتماعية ومطالب عادية، ما يؤثر على مطالب الحرفيين وأوضاعهم. وتقول كتابة الدولة في الصناعة التقليدية إن هذا المشروع «بنية تحتية إنتاجية نموذجية على الصعيد الوطني» ترمي إلى الحد من التلوث البيئي في أطراف المدينة، عبر استبدال الأفرنة التقليدية بالأفرنة الغازية والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ويمتد هذا المشروع على مساحة تقدر ب27 هكتارا تضم 197 بقعة، وبلغت تكلفته المالية الإجمالية 33 مليون درهم.