سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مشروع «نموذجي» للصناع يشعل نار «الفتنة» بين وزارة الصناعة التقليدية ورئيس الغرفة في جهة فاس رئيس الغرفة «يستنكر» استفادة موظفين ومسؤول في الوزارة يصف الاتهام ب«المزايدات الفارغة»
«اهتزت» أركان كتابة الدولة في الصناعة التقليدية في العاصمة الرباط ومعها مندوبية الصناعة التقليدية في فاس، يوم الثلاثاء 4 يناير الجاري، على وقع سؤال شفوي طرحه برلماني استقلالي في مجلس المستشارين، يترأس غرفة الصناعة التقليدية في فاس، وضمّنه حديثا حول «استفادة» موظفين في قطاع الصناعة التقليدية من بقع في مشروع «قرية» صناعية نموذجية للصناع التقليديين في ضواحي العاصمة العلمية، لكن البرلماني الاستقلالي سرعان ما تراجع عن مضامين «القنبلة» التي رمى بها انطلاقا من قبة البرلمان، في ملابسات ما تزال مجهولة. وقال، في تصريح ل«المساء» إنه لا وجود لأي اختلالات في مشروع حي بنجليق الصناعي، القريب من منتجع سيدي حرازم، مضيفا أنه وجد، عندما توضحت الأمور لديه، أن الأمر يتعلق باستفادة موظف متقاعد. وفي السياق ذاته، استغربت مصادر مسؤولة في وزارة الصناعة التقليدية «تدخل» البرلماني، رئيسِ غرفة الصناعة التقليدية، في إطار «حق» التعقيب»، والذي تحدث فيه عن استفادة موظفين من المشروع، في وقت كان رئيس الغرفة أحدَ الأعضاء الأساسيين في اللجنة التقنية الاستشارية التي تدبر شؤون هذا المشروع منذ انطلاقته. وأقر رئيس الغرفة الاستقلالي، الناجي الفخاري، في تصريحه ل»المساء» بأنه وقع على كل المحاضر المتعلقة بتوزيع بقع هذا المشروع، دون أن يدري، طبقا لتصريحه، أن الأمر يتعلق بموظف، لكنه موظف متقاعد. وقد «تلقفت» جريدة «العلم»، الناطقة بلسان حزب الاستقلال، هذه «القنبلة» التي وُصِفت من قِبل مسؤول في الوزارة ب«المزايدات الفارغة» التي لا تخدم مصلحة القطاع، وخصصت في عددها الصادر يوم السبت /الأحد 8 و9 يناير الجاري مقالا للموضوع، قالت فيه إن الفريق الاستقلالي «يستنكر» استفادة موظفين في قطاع الصناعة التقليدية من بقع في مشروع بنجليق. وأعادت انتقادات رئيس غرفة الصناعة التقليدية في المدينة للمشروع الذي كان الملك محمد السادس قد دشنه في سنة 2004، والذي عرف، في نظره، تأخرا كبيرا في إخراجه إلى حيز الوجود في الوقت الزمني المطلوب. وقال الناجي الفخاري إنه لم يتم اختيار معايير الاستفادة من طرف اللجنة التي يترأسها مندوب الصناعة التقليدية، «فضلا على استنفاد البقع المبرمجة في التصميم»، ما يعني، بالنسبة إليه، أن المشروع يخرج عن أهدافه التي حُدِّدت له من البداية، فيما اطلعت «المساء» على جميع المحاضر التي وضعت معايير استفادة الصناع التقليديين من بقع المشروع، وتضمنت كلُّها توقيع رئيس غرفة الصناعة التقليدية في المدينة. وكشف مصدر متتبع لشؤون البرلمان أن السؤال الشفوي الذي طرحه المستشار البرلماني الاستقلالي قدم للفريق الاستقلالي وتمت قراءته بشكل إيجابي، لكن المستشار فجّر «القنبلة الفارغة» عندما حاول التعقيب على كلام الوزير أنيس بيرو، والذي أشهر في وجه البرلماني عينات من المحاضر التي وقع عليها ضمن اللجنة التقنية المتتبعة للمشروع. وطالب مسؤول في الوزارة، فضّل عدم الكشف عن هويته، لاعتبارات إدارية، المستشار البرلماني بالكشف عن لائحة الموظفين المستفيدين من المشروع، وقال إن مستفيدا واحدا من بقع حي بنجليق كان في السابق يعمل موظفا في قطاع الصناعة التقليدية لكنه حصل على التقاعد، قبل أن يستفيد من البقعة «سي4»، والتي تنازل له عنها صانع تقليدي آخر. وتوصلت «المساء» بنسخ من ملف استفادة الموظف المتقاعد محمد بوطالب، بموجب تنازل وقع له من قِبَل مستفيد آخر يدعى الغالي سرغيني. ووافقت اللجنة، التي تضم في عضويتها رئيس غرفة الصناعة التقليدية الناجي الفخاري، على هذه الاستفادة في محضر رسمي لاجتماع عقد يوم الجمعة 25 شتنبر 2009 على الساعة العاشرة صباحا في مقر المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية في فاس. وتحدث مستشار بديوان كاتب الدولة في الصناع التقليدية عن احتمال وجود ضغوطات تعرض لها رئيس غرفة الصناعة التقليدية ل»اختلاق» هذه «القنبلة»، في إطار محاولات ل«تفكيك الأغلبية الحكومية»، قبل أن يضيف أن الوزارة المكلفة بالقطاع ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة بعد استكمال التحريات في ملابسات هذا الملف. وأورد مسؤول في مندوبية الصناعة التقليدية أن كل الوثائق التي أُنجِزت حول المشروع منذ توقيع الاتفاقية المتعلقة بإحداثه تؤكد أن كتابة الدولة في الصناعة التقليدية مكلفَّة فقط بمواكبة إنجاز المشروع، دون التدخل فيه، لأن الأمر يتعلق بتعاونية للصناع التقليديين. وأضاف المسؤول نفسه أنه تم إحداث لجنة تقنية استشارية كُلِّفت بتتبع أشغاله، قبل أن تنفذ مهمتها وتحدث بدلها لجنة تقنية إدارية أخرى لمتابعة أشغال هذه القرية، ويعتبر الناجي الفخاري، رئيس غرفة الصناعة التقليدية ،عضوا في هاتين اللجنتين ويوقع جميع المحاضر التي تتعلق بجل الإجراءات التي تُتّخَذ من أجل إتمام المشروع. ومن جهته، قال الاتحادي محمد تحيفة، رئيس تعاونية مشروع بنجليق والرئيس السابق لغرفة الصناعة التقليدية، إن اتهامات غريمه الاستقلالي، الناجي الفخاري، غير مضبوطة، متهما إياه بخلط ما هو كائن بما هو غير موجود، ومضيفا أن مضمون تصريحاته يضرب مخططات تنمية الصناعة التقليدية برمتها، بغرض خدمة «ولي نعمته»، في إشارة مباشرة إلى القيادي الاستقلالي حميد شباط، عمدة مدينة فاس. وذكر تحيفة أن رئيس الغرفة الحالي يوجد دائما على لائحة الموقعين الأوائل على جميع محاضر المشروع، وهو الذي ساهم في إجراءات القرعة التي ما زالت كل الأطراف المتدخلة تحتفظ بتسجيلاتها. وكان الملك محمد السادس قد أعطى انطلاقة مشروع حي الصناعة التقليدية في بنجليق لقطاع الفخار والزليج في سنة 2004. ويقدم هذا المشروع من قِبَل كتابة الدولة في الصناعة التقليدية على أنه «بنية تحتية إنتاجية نموذجية على الصعيد الوطني» ترمي إلى الحد من التلوث البيئي والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ويمتد هذا المشروع على مساحة تقدر ب27 هكتارا، تضم 197 بقعة، بتكلفة مالية إجمالية بلغت 33 مليون درهم، منها 25 مليون درهم للتهيئة من طرف مؤسسة العمران، و7 ملايين درهم لتعبيد الطريق المؤدية إلى المشروع من طرف وزارة التجهيز، بدعم مالي بلغ 1.2 مليون درهم من طرف جهة فاس بولمان، و1.5 مليون درهم، لنقل قناة الماء المتواجدة بالطريق، و0.8 مليون درهم لتهيئة مقطع الطريق المؤدي إلى المشروع.