سنة 2011.. سنة المشاريع المهيكلة الكبرى والإقلاع الحقيقي ارتبط تاريخ مدينة فاس منذ القدم بالأنشطة الحرفية المتعددة التي كانت تشكل أساس نسيجها الاقتصادي إلى درجة أضحت المدينة معها مركز إشعاع حضاري وفني على المستويين الوطني والدولي، وأسهمت بشكل جلي في إغناء التراث الإنساني بشتى أنواع الفنون التقليدية الأصيلة والتي تشهد عليها المعالم الأثرية والمنجزات المعمارية التي تزخر بها العاصمة العلمية للمملكة. كما يعد قطاع الصناعة التقليدية بجهة فاس-بولمان إحدى المكونات الأساسية للبنية الاقتصادية والاجتماعية والحضارية، إذ يعد علاوة على كونه تركة حضارية تعكس الهوية الجهوية والمحلية، مصدر الدخل الرئيسي لحوالي 33 في المئة من ساكنة مدينة فاس و75 في المئة من ساكنة المدينة العتيقة، ويساهم ب 47 في المئة من الصادارات الوطنية في قطاع الصناعة التقليدية. الصناعة التقليدية بفاس.. مشاريع مهيكلية في مراحل متقدمة بلغت أشغال إنجاز المشاريع المهيكلة لقطاع الصناعة التقليدية بفاس، بالرغم من كل العراقيل، مراحل متقدمة وهو ما من شأنه تعزيز موقع هذه الصناعة بالمدينة التي تنتج 46 بالمائة من حجم الصادرات الوطنية من الصناعة التقليدية. وأوضحت المندوبية الجهوية لوزارة الصناعة التقليدية أن الأمر يتعلق بالأساس بمشروع عين النقبي، الذي يتوخى نقل أنشطة النحاس الملوثة من ساحة لالة يدونة بالمدينة العتيقة إلى الموقع الجديد للحد من التلوث بمدينة فاس. وأضافت المندوبية أن مشروع عين النقبي، الذي يقع شمال شرق مدينة فاس، على الضفة اليمنى من وادي الجواهر، والذي يندرج في إطار برنامج «الصناعة التقليدية ومدينة فاس» الذي تموله مؤسسة تحدي الألفية (ميلينيوم تشالانج كوربورايشن)، بمنحة تصل إلى 5،697 مليون دولار بموجب اتفاقية بين حكومتي المغرب والولايات المتحدة في 31 غشت 2007، يشمل تهيئة وتجهيز منطقة ستخصص لمنتجي النحاس الذين يمارسون أعمالهم حاليا بساحة لالة يدونة. وبحسب المندوبية فإن 90 وحدة بنيت أو توجد في طور البناء، وهو ما يمثل 38 بالمئة من مجموع المشروع، مبرزة أن الأشغال الجارية في إطار المشروع على مستوى «فندق»، وهو عبارة عن مبنى يتألف من طابقين وتقام فيه ورشات النحاس، تعرف من جهتها تقدما مهما. كما تم إحراز تقدم في أشغال إنجاز قرية الصناعة التقليدية (بنجليق) التي ستخصص لاحتضان 197 وحدة لصناعة الفخار والزليج، مبرزا أنه تم إنجاز 66 وحدة لحد الآن. تأهيل مدابغ فاس.. خطوة نحو تأهيل قطاعات الصناعة التقليدية بالمدينة تمثل مدابغ فاس التي تقع بالقرب من مسجد القرويين أحد أهم رموز المدينة التي ظلت شامخة رغم الزمن، يحج إليها الزوار من كل حدب وصوب للاطلاع عن كثب على حرفية واستبسال صناع مغاربة يشبعون جلد البقر بالصباغة داخل الأحواض قبل إخراجها ونشرها على أسطح الشقق المجاورة. ونظرا لأهمية المدابغ والأدوار الطلائعية التي تضطلع بها، تم التوقيع على اتفاقية لانجاز مدبغة تقليدية بمنطقة عين النقبي بغلاف إجمالي يقدر ب 42 مليون درهم، في خطوة جديدة تروم تأهيل قطاعات الصناعة التقليدية بالمدينة، وتحسين ظروف عمل الصناع في فضاء عصري يوفر سبل الرفع من جودة المنتوجات ودخل المستفيدين والاستثمار والتشغيل وتعزيز جاذبية الفضاءات الحرفية. وستمكن المدبغة الجديدة من إيواء الصناع التقليديين العاملين بمدبغتي عين ازليتن وسيدي موسى, اللتين تعانيان من مجموعة من المشاكل الهيكلية المرتبطة أساسا بهشاشة بناياتهما ونقص الدعم الموجه للانتاج. كما يتطلع المسؤولون والفاعلون في القطاع من خلال الفضاء الجديد إلى الحفاظ على توازن سلسلة الانتاج داخل الحي الحرفي لعين النقبي بين المدبغة وسوق الجلد الجديد والحفاظ على الدباغة النباتية كموروث ثقافي وحضاري للبلاد والمساهمة في تشكيل قطب حرفي بعين النقبي يضم بالإضافة إلى 235 وحدة إنتاجية وثلاثة فنادق لقطاع النحاسيات وسوق الجلد الجديد والمدبغة التقليدية. ويضم المشروع الذي يمتد على مساحة 5000 متر مربع (1800 متر مربع منها مغطاة) 150 ورشة عمل وخمسة آبار ومرافق صحية ومستودعات الملابس ومركز للاسعافات الأولية وقاعة لعرض المنتوجات ومرافق أخرى. ويستجيب المشروع الذي يندرج ضمن رؤية مندمجة تهم تأهيل مختلف قطاعات الصناعة التقليدية، لمطالب الصناع التقليديين المتعلقة بتأهيل المدابغ، علاوة على كونه يعطي دفعة جديدة للمخطط الجهوي للصناعة التقليدية الذي يروم تثمين المناطق الحرفية ودعم الانتاج والتسويق وتنمية قدرات الحرفيين. الأفرنة الغازية بفاس.. إنتاجية أعلى وتحكم في جودة المنتوج تم في شتنبر الماضي إعطاء انطلاقة العروض التجريبية حول الأفرنة الغازية لفائدة صناع الفخار والزليج من أجل تحسيسهم بمزايا استعمال الأفرنة الغازية التي ستمكنهم من ضمان إنتاجية أعلى مع التحكم في جودة المنتوج. وتستهدف هذه العملية، التي تندرج في إطار فعاليات الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية، الرفع من مستوى دخل الصناع الحرفيين وتحديث تقنيات الإنتاج مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على البيئة واحترام شروط الصحة والسلامة. ومن أجل تسهيل انخراط صناع الفخار والزليج، فقد تقرر مواكبة تمويل اقتناء أفران الغاز بأزيد من 60 بالمائة (40 بالمائة من طرف صندوق مكافحة التلوث و20 بالمائة ل»ميلينيوم تشالانج كوربورايشن»). قطاع الصناعة التقليدية.. انخراط موصول في خلق المزيد من فرص الشغل أفادت معطيات للمندوبية الجهوية للصناعة التقليدية بفاس أن المدينة تطمح إلى إحداث 5000 آلاف منصب شغل في القطاع في أفق 2013، موضحة أن تحقيق هذا الهدف الذي يندرج في إطار المخطط الجهوي لتنمية قطاع الصناعة التقليدية يمر عبر تنفيذ ستة محاور و37 مشروعا. وأوضحت المندوبية أن هذه المحاور تهم دعم الإنتاج لدى الصناع-الأفراد وتشجيع التسويق وهيكلة المقاولات الصغرى والمتوسطة وترويج المنتوجات والتكوين، فضلا عن تدابير أفقية وخدمات اجتماعية لفائدة الصناع التقليديين. فبخصوص الشق المتعلق بدعم الإنتاج، أشارت المندوبية إلى أنه يهم، من بين إجراءات أخرى، تحسين عرض منتوجات الصناعة التقليدية من خلال تصميم نماذج وتشكيلات ملائمة للطلب والقيام بدراسات تقنية لتحسين جودة الانتاج وتجميع الحرفيين وتعميم استعمال الصناع التقليديين لأدوات تحترم البيئة ووضع برنامج للمصادقة على المنتوجات. أما محور دعم التسويق فيتضمن، بحسب المندوبية، القيام بعمليات واسعة على مستوى نقط البيع من أجل جعلها أكثر جاذبية خصوصا في ما يتعلق بإعادة الاعتبار للأماكن والساحات التاريخية والفنادق وفضاءات البيع، فضلا عن إحداث مدارات سياحية مخصصة للصناعة التقليدية وإصدار دلائل سياحية. ومن جانبه، حظي الجانب المتعلق بهيكلة نسيج المقاولات الصغرى والمتوسطة بأهمية كبيرة، في هذا المخطط الجهوي، عبر الإعلان عن تدابير المساعدة التقنية ودعم التنافسية ومساعدة الصناع-الأفراد على التجمع في إطار مقاولات صغرى ومتوسطة وعبر إحداث منطقة صناعية تقتصر على الصناعات التقليدية فقط. ويركز المخطط الجهوي لتنمية الصناعة التقليدية بجهة فاس-بولمان، أيضا، على تسويق صورة جميلة لمنتوجات الصناعة التقليدية بالحاضرة الإدريسية من خلال المشاركة في المعارض والصالونات المهنية الكبرى وتنظيم معارض جهوية وابتكار علامة تجارية للصناعة التقليدية بالجهة ودعم التسويق لدى الصناع-الأفراد بالوسط القروي.