عقب ترحيل أكثر من 200 صانع تقليدي في قطاع الفخار بعين النقبي، بهدف محاربة تلوث الناتج عن أنشطة الفخاريين، ونقلها خارج التجمعات السكنية إلى مركب الصناعة التقليدية بنجليق، على مساحة تبلغ 27 هكتارا وبكلفة مالية إجمالية قدرها 33 مليون درهم، وذلك من أجل تأهيل القطاع وتحسين ظروف عمل الصناع والرفع من مردوديتهم، بعدما شنت السلطات المحلية حملة على الحي الصناعي التقليدي للفخارة الذي يوصف بالعشوائي، وأفضت هذه الحملة إلى إغلاق ما يقرب من 191 فرنا تقليديا في منطقة «عين النقبي»، والمناطق المجاورة لفاس العتيقة، وبالرغم من أن هذه الوحدات الصناعية التقليدية التي يناهز عددها 250 وحدة، ظلت تنفث سمومها في كل الاتجاهات. وتحت ضغط السموم المتصاعدة في كل الاتجاهات على مدار الأسبوع، ما تسبب في إفراغ شبه كلي للساكنة في محيطها وإصابة عدد من قاطنيها بأمراض تنفسية مزمنة، بالإضافة إلى ضغط الساكنة والمجتمع المدني، «انفرجت السماء وأمطرت خيرا» بفضل التكنولوجيات الحديثة (الأفرنة الغازية)، حيث تم اقتناء أفرنة الغاز بدعم أمريكي بدل استعمال مواد أخرى من اجل التقليص من حجم الأدخنة التي تلقي بها معامل الصناعة التقليدية بمنطقة عين النقبي، ويتضرر منها الآلاف من السكان، والتي أعطى انطلاقتها الكاتب العام لكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية يوم الخميس الماضي، من خلال العروض التجريبية لفائدة صناع الفخار والزليج، حضرها والي الجهة ومدير وكالة الشراكة من أجل التنمية والمديرة المقيمة لهيئة تحدي الألفية الأمريكية بالمغرب ورئيس الغرفة ومنسق البرنامج عن كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية بفاس وعدد من المنتخبين وفعاليات مرتبطة بالقطاع. وقد استهدفت العروض التجريبية مختلف الصناع الخزفيين بجهة فاس، التي تنتج 46 في المائة من الصادرات الوطنية للصناعة التقليدية، من أجل تحسيسهم بمزايا استعمال الأفرنة الغازية التي ستمكنهم من ضمان إنتاجية أعلى وجودة المنتوج من خلال تحديث تقنيات الإنتاج، مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على البيئة واحترام شروط الصحة و السلامة. واستفاد حوالي 2332 صانعا تقليديا في الفخار والزليج بكل من جهتي فاس ومراكش حول محاور تقنيات الإنتاج وتسيير المقاولة وحول الجوانب المتعلقة بالمحافظة على البيئة في إطار الدورة التكوينية المبرمجة في نشاط « دعم الإنتاج» المندرج في إطار مشروع «الصناعة التقليدية وفاسالمدينة»، المراد تحقيقه عبر ثلاث مراحل أساسية، تهم في البداية إنجاز دراسة التأثيرات البيئية والاجتماعية لعملية استبدال الأفرنة التقليدية بالأفرنة الغازية، ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية التي تهتم بالتكوين، والذي يشمل الميادين المتعلقة بالجوانب التقنية والتسييرية والاجتماعية والبيئية وشروط الصحة والسلامة المرتبطة بحرفة الفخار بهدف تطوير مهارات الصانع وتحسين ظروف عملهم، ودراسة خاصيات المواد الأولية المستعملة لدى الفخارة وعيوب المنتوج، وتقديم عروض تجريبية حول الأفرنة الغازية، إلى جانب المرافقة التقنية لفائدة الصناع في عملية اقتناء هذه الأخيرة المدعومة بنسبة 20% من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبنسبة 40% من الصندوق الوطني لمحاربة التلوث، قبل أن تجرى دراسة حول الحلول البديلة لفائدة الفخّارة الذين لم يختاروا أو لم يتمكنوا من اقتناء الأجهزة الحديثة، لتليها المرحلة الأخيرة التي تشمل عملية اقتناء الفرن الغازي والتكوين على استعماله. للإشارة، يهدف برنامج تحدي الألفية الأمريكي إلى «الحد من الفقر عبر تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والرفع من مستويات الإنتاجية والتشغيل في القطاعات الواعدة»، والذي يؤطره ميثاق للشراكة «compact » والمحدد لأوجه وشروط التعاون بين الطرفين والموقع في نهاية شهر غشت من سنة 2007، بين الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر هيئة تحدي الألفية والحكومة المغربية، حيث يعد مشروع « الصناعة التقليدية وفاسالمدينة» من المشاريع الكبرى التي تدخل ضمن المشاريع الخمسة المبرمجة في إطار هذا البرنامج، ويهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي عبر المساهمة في النهوض بالسياحة عموما والصناعة التقليدية على وجه الخصوص والرفع من قيمة الموروث الثقافي والمعماري لفاس العتيقة. وتعتبر صناعة الخزف أو صناعة الفخار ، كما يطلق عليها سكان مدينة فاس ، من الصناعات التقليدية التي تشتهر بها المدينة منذ زمن طويل باعتبارها من الصناعات التي تحتل مكانة مهمة في النسيج الاقتصادي بحيث تزخر بها المدينة ارتباطا بالتربة الطينية المتميزة التي تتوفر عليها المنطقة، سواء تلك المتواجدة داخل المجال الحضري أو تلك المتواجدة بالعالم القروي، مما جعل الحكومة تولي اهتماما للنهوض بهذا القطاع الذي يساهم بنسبة مهمة في ميزانية الدولة، وأنشأت «بنية تحتية إنتاجية نموذجية على الصعيد الوطني » ترمي إلى الحد من التلوث البيئي في أطراف المدينة، عبر استبدال الأفرنة التقليدية بالأفرنة الغازية والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويمتد هذا المشروع على مساحة تقدر ب27 هكتارا تضم 197 بقعة، وبلغت تكلفته المالية الإجمالية 33 مليون درهم.