شنّت السلطات المحلية، في الأسابيع القليلة الماضية، حملة على حي صناعي تقليدي للفخار يوصف بالعشوائي، وأفضت هذه الحملة إلى إغلاق ما يقرب من 51 فرنا تقليديا في منطقة «عين النقبي»، المجاورة لفاس العتيقة. وبالرغم من أن هذه الوحدات الصناعية التقليدية التي يناهز عددها 250 وحدة، ظلت تنفث سمومها في كل الاتجاهات، ما تسبب في إفراغ شبه كلّي للساكنة في محيطها وإصابة عدد من فقرائها بأمراض تنفسية مزمنة، فإن الوضع استمر على ما هو عليه لفترة طويلة. واعتمد تدمير هذه الأفرنة التقليدية على قرار جماعي يمنع الأنشطة الملوثة في مدينة فاس. وفي الوقت الذي تشير السلطات إلى أن هذه الحملة ستشمل جميع وحدات هذه المنطقة، مع نقلها إلى حي صناعي «بديل» في منطقة «بنجليق»، في غضون الشهور الثلاثة المقبلة، فإن عددا من أصحاب الوحدات التقليدية «البسيطة» يطالبون بألا تستثني هذه العملية وحدات يملكها من يصفونهم ب«لوبي» الفخار في هذا الحي، وهو «لوبي» يقولون عنه إن له امتدادات في غرفة الصناعة التقليدية وفي عدد من المجالس المنتخَبة في الجهة. وبالرغم من أن مشروع منطقة «بنجليق» البديلة في أحواز فاس، بالقرب من «سيدي حرازم»، قد تمت تهيئته منذ سنوات لاحتضان هذه الوحدات، إلى جانب وحدات صغيرة عبارة عن براريك في المنطقة البديلة ذاتها، فإنه لم ينجح في «استقطاب» هؤلاء الصناع التقليديين، بسبب عدم تحمُّس «لوبي» الفخار للرحيل عن منطقة «عين النقبي»، غير بعيد عن المركز، ولعدم تمكن «البسطاء» من هؤلاء الحرفيين من توفير الإمكانيات المادية لأداء «فاتورة» الترحيل وانتقاد بعض الجمعويين المشروعَ «البديل» الذي شُيِّد في منطقة يُرجِّحون أنها غير صالحة للبناء، نظرا إلى طبيعة تكوين تربتها واختراق كهوف الفخار لجنباتها. وطبقا لمعطيات المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية، فإن إحداث الحي الصناعي الجديد «بنجليق»، والذي كلف حوالي 33 مليون درهم، يهدف إلى مكافحة التلوث الذي يصيب الجزء الشمالي الشرقي من المدينة وتأمين تنمية نظيفة للجماعات القروية المحاذية للجماعة الحضرية فاس -المدينة وإعادة تأهيل قطاع صناعة الفخار التقليدية. وقد سبق للسلطات المحلية أن قامت، في السنة الماضية، بحملات لهدم عشرات «براريك» الفخار في منطقة «بنجليق»، داعية أصحابها إلى التحول إلى المنطقة الصناعية الجديدة، لكن أغلبهم لم يمتثلوا للقرار إما بسبب عدم إدراجهم ضمن لائحة المحصيين، وإما بسبب إعلان بعضهم عجزَهم عن أداء المبالغ المالية المطلوبة للاستفادة من العملية. فيما أعلن عدد من زملائهم في منطقة «عين النقبي» عن إغلاق محلاتهم، بسبب «إفلاس» يعانون منه، نتيجة عدم تمكنهم من اقتناء المادة الأولية من الطين الذي يُستخرج من «كهوف» غير مرخَّصة في منطقة «بنجليق». ويتهم هؤلاء الصناع التقليديون «لوبي» الكهوف بتصدير هذه المادة الأولية نحو مراكش، ما أدى إلى إلحاق الأضرار بوحداتهم. ويطالب هؤلاء بتدخل السلطات من أجل «عقلنة» استغلال هذه «الكهوف» التي يستحوذ عليها «لوبي» الفخار في المدينة.