نستعد لتشييع جثمان عام 2008 إلى مثواه الأخير ونحن معشر الرياضيين نستعجل الرحيل أملا في معانقة عام جديد بحد أدنى من المواجع. لكن لا بأس من قراءة عابرة في مخلفات عام يلوح لنا بإشارة الوداع، واستحضار أبرز محطات العبث التي عاشها المشهد الرياضي المغربي، من شهر يناير إلى متم دجنبر مع ما يحمله هذا الحيز الزمني من هم وغم وآهات. في عام 2008 عشنا وشفنا كيف ينوب المعاقون عن الأسوياء في تحقيق الإنجازات، وكيف يتمكن بطل من ذوي الاحتياجات الخاصة من حصد ميدالية أولمبية بحذاء رياضي خارج للتو من ورشة إسكافي أثقله باللصاق والمسامير؟. ومادمنا في أولمبياد الصين فقد عشنا جميعا أقصى حالات المهانة ونحن نرى كيف تحول بطل مغربي يدعى محمد أمانيسي إلى كيس للتداريب على حلبة الملاكمة، ومدى قدرته على التحول من خصم شرس إلى ملاكم مهادن تلقى هزيمة مستفزة أمام نظيره الصيني ب15 مقابل 0، وحين وقف أمام الصحافيين قال إن النزال كان قويا وردد مقولة «رخيصة بتعليمة». وحطمت جامعة الكرة كل الأرقام القياسية في التخريف، خاصة حين نؤمن بأن خمسة أيام كافية لإعداد منتخب محلي، فكانت صفعة طرابلس أصعب من علقة أكرا التي ابتلعناها مع ريق لومير، بل إن اللجنة التأديبية لجامعة الكرة بادرت إلى إصدار قرارات لا تختلف كثيرا عن أحكام محاكم التفتيش حين أصرت على توقيف لاعب مدى الحياة لأنه بصق في وجه حكم، وكأن مختبر الجامعة أكد وجود مادة الأسيد في بصاق اللاعب حليوات الذي أصبح اسما على غير مسمى، ومن «مغربات» القرارات التأديبية إجلاء الكوكب المراكشي عن ملعبه بدعوى شغب المدرجات مع توصية بعدم استئناف القرار. وتظل الرسالة التي وجهها ملك البلاد للرياضيين أبرز حدث لأن مضامينها أحدثت في دواخل من حضر أو غاب عن ملتقى الصخيرات ما يشبه الانقلاب الحقيقي، إلى درجة أن مراحيض قصر المؤتمرات قد عرفت زحمة غير عادية من طرف مسيرين داهمهم الإسهال بمجرد انتهاء المستشار الملكي من تلاوة الرسالة. لكن قبل أن يجف مداد الرسالة ومخلفات المرعوبين في دورات المياه، توجه وفد من رؤساء الفرق إلى مقر عمل امحمد أوزال من أجل تقديم فروض البيعة، وهم «يعورطون» به كي لا يرحل عنهم ويتركهم عرضة لعاديات الزمن الكروي، طلب الرجل مهلة للتفكير وطلب استشارة طبيبه الخاص الذي حرر وصفة دواء مذيلة بعبارة «الوقاية من الكرة خير من العلاج». وبلغ التخريف حدته في فاس التي احتضنت مباراة للتضامن ضد الفقر، حضرها مجموعة من نجوم الكرة العالمية، لكن غابت المروءة بعد أن كشف النجم العالمي رونالدو مهاراته العالية في العربدة، وأصر بعد أن فقد فرامل دماغه على تسجيل ستة أهداف في مرمى عاهرات، وتبين أننا نستطيع أن نحارب الفقر تسعين دقيقة ونكرس الدعارة ليلة كاملة. رياضتنا أشبه بكتاب حياة الفرحة في سطرين والباقي كله عذاب.